انطلقت صباح الثلاثاء بقصر المؤتمرات بمراكش أشغال المؤتمر الثالث للنيابات العامة والنواب العموم والمدعين العامين ورؤساء هيئات التحقيق والادعاء العام والوكلاء العامين, وذلك بمشاركة 21 دولة عربية إضافة إلى المغرب والمركز العربي للبحوث القانونية والقضائية. وسيناقش المشاركون في هذا المؤتمر, المنظم إلى غاية 22 أكتوبر الجاري تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس, محاور تتمثل في تفعيل التوصيات الصادرة عن مؤتمري عمان (2007) والرياض (2008) وتفعيل العمل بشأن الإنابة القضائية بين الدول ودور النيابات العامة في مواجهة مخاطر الإرهاب وتلويث البيئة. كما سيناقش المؤتمر مواضيع تهم جرائم الحاسوب الآلي والجرائم المنظمة العابرة للحدود, إضافة إلى إقرار مشروع للنظام الأساسي للأمانة الفنية للنواب العموم في الدول العربية ووضع مشروع إستراتيجية للتعاون المباشر في ما بين أجهزة النيابات العامة, وهيئات التحقيق, لمواجهة انتشار الجرائم. وأوضح وزير العدل السيد عبد الواحد الراضي, في كلمة بالمناسبة, أن جهاز النيابة العامة الذي ظل دائما في صلب إرادة التحديث والتطوير, يعتبر أحد الأسس الكبرى للدولة الحديثة ومرتكزا لبناء صرح الديمقراطية ومدخلا لا محيد عنه لتحقيق دولة القانون والمؤسسات خاصة في ظل الظرفية الحالية التي يشهد فيها العالم تحولات عميقة ومتسارعة على مختلف الأصعدة. وأضاف أن إيجاد نيابة عامة فعالة وشفافة ونزيهة سيساهم لا محالة في ضمان تحقيق العدالة واحترام القانون, مشيرا إلى أن النواب العامين مطالبون أكثر من ذي قبل ببلورة مفهوم متطور لدور جهاز النيابة العامة, الذي أرادت له مختلف التشريعات العربية, أن يشكل نصف جهاز القضاء. وأبرز أن دور النيابة العامة يرتكز, بالأساس, على الإسهام الفعال والإيجابي في السهر على حسن تطبيق القانون من أجل حماية الأفراد والمجتمعات في إطار العدل والمساواة وترسيخ مناخ سليم للنمو الاقتصادي, موضحا أنه من منطلق استقلال القضاء كشرط أساسي لسيادة القانون وضمانة جوهرية للمحاكمة العادلة, فإن النيابة العامة مطالبة أيضا بدعم عملية العصرنة والتحديث ومن جانبه أكد الوكيل العام للملك لدى المجلس الأعلى السيد مصطفى مداح أن هذا المؤتمر ينعقد في ظرفية دولية وإقليمية دقيقة أخذت فيها ظاهرة الجريمة المنظمة تتنامي بوتيرة سريعة وبخطورة متزايدة أصبحت تهدد النسيج الاجتماعي والاقتصادي وأمن واستقرار المجتمعات. وأضاف أنه في خضم التطور التكنولوجي المتسارع ظهرت جرائم أخرى من قبيل جرائم الحاسوب والقرصنة والاتجار غير المشروع في البشر والأعضاء البشرية وتهريب المخدرات, مما أصبح يفرض وبإلحاح مواكبة هذا التطور لتحقيق الاستقرار والأمن الاجتماعيين لدى الشعوب وخلق مناخ تسوده الطمأنينة والأمان بين الأفراد والجماعات. ومن أجل التصدي لهذا المد الإجرامي المتزايد وكنتيجة لهذه المتغيرات, دعا السيد مداح إلى ضرورة تطوير الترسانة القانونية وأن تعمل النيابة العامة على تطوير آليات عملها وتأهيل عنصرها البشري وتعبئة وانخراط جميع مكونات المجتمع الدولي والإقليمي والعربي, منوها بالجهود التي تبذلها جامعة الدول العربية من أجل توحيد التشريعات العربية بما يخدم العدالة والأمن والاستقرار داخل المجتمعات. وأوضح السيد مداح أن التعاون العربي المشترك في هذا المجال يفرض السعي نحو تبسيط الإجراءات وتبادل المعلومات وتدليل الصعاب لكون الغاية واحدة وهي التصدي للجريمة بجميع أشكالها وأساليبها والعمل على تثمين بنيات النيابة العامة وخلق مزيد من الانسجام بين وظائفها لكي تواكب هذه التطورات وتصبح بمقدورها احتواء ظاهرة الإجرام المعاصر بكل تعقيداته. ومن جانبه, عبر رئيس المركز العربي للبحوث القانونية والقضائية السيد عبد الرحمان الصلح عن اعتزازه لاحتضان المغرب لهذا المؤتمر, الذي يشكل أرضية لتبادل الخبرات والتجارب وتقريب وجهات النظر بين النواب العامون بالدول العربية حول مختلف القضايا, مشيدا بالجهود التي يبذلها المغرب من أجل تعزيز وترسيخ الأسس القانونية والمؤسساتية.وبعد أن دعا جميع الدول العربية إلى ضرورة رص الصفوف والعمل بكيفية تشاركية من أجل محاربة الإرهاب وإرساء الأمن والاستقرار بالعالم العربي, أكد على ضرورة تفعيل التوصيات الصادرة عن مؤتمري عمان والرياض, مؤكدا على الرغبة الأكيدة للمركز العربي للبحوث القانونية والقضائية لدعم جهود الدول العربية الرامية إلى تعزيز دور النيابات العامة.