اجتهد مصطفى الخلفي، وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، في منع الصحف الأجنبية، بدعاوى متعددة، فمرة يمنع مجلة لأنها وضعت رسما مسيئا لمشاعر المسلمين، ومرة يمنع مجلة لأنها تضمنت كاريكاتورا مشينا، وهذه الجريدة لأنها احتوت مقالا مسيئا للمؤسسات، وهذا الأمر يدخل في إطار العمل اليومي للوزارة حيث تتوفر على مديرية للقراءة مكلفة بتتبع كل ما ينشر ويوزع في المغرب سواء كان داخليا أو خارجيا، وهي التي تقرر في قضية توزيع الصحف الأجنبية بالمغرب في حال تضمنها لمواضيع مسيئة للمغرب، وبالتالي، إن ما قام به الوزير ليس عملا جبارا، لأن هذا المنع ثانوي باعتبار أن كل المجلات والجرائد الممنوعة تتوفر على مواقع إلكترونية تنشر ما تم منعه عن طريق المطبوعة الورقية. ولكن في الوقت الذي كان فيه مصطفى الخلفي ينتشي بجمع 500 مشارك في السوق الدراسي حول الإعلام الالكتروني ويلقي خطابا "تاريخيا" حول تحديات الصحافة الرقمية، وهو اللقاء الذي كان له مطلب واحد هو الدعم والبطاقة وتم بهدف تمييع العمل الصحافي، في هذا الوقت كانت مواقع إلكترونية في المغرب، كانت حاضرة في اجتماع الوزير، تبث صورا وأشرطة مفبركة حول أحداث وقعت في فلسطين في مواجهات بين الجيش الإسرائيلي والفلسطينيين وأخرى وقعت في حي بلكور بالجزائر متحدثة على أنها أحداث وقعت في منطقة بني بوعياش وعلى أنها هجمة شرسة للقوات العمومية ضد "الثوار" هناك. فما الذي قام به الوزير الخلفي لإيقاف هذا الخطر الذي حول أحداثا اجتماعية محصورة في الزمان والمكان إلى "ثورة" ضد شيء مجهول وبصور مفبركة؟، هل ندد وزير الاتصال؟، هل طالب الجهات المعنية ببث المواقع باتخاذ اللازم؟، وهل تحرك الوزير مثلما يدعي لحماية أمن البلد من المعلومة المغلوطة والمثيرة للفتن؟، أم أن الحائط القصير هو المجلات والجرائد الأجنبية حيث يريد أن يبعث رسالة إلى من يهمه الأمر؟، هل يراعي الخلفي في الداخل كتلته الناخبة ويمنع الأجانب كي يظهر أنه المدافع عن الملكية والدين الإسلامي؟، وهل نسي الخلفي أنهما لا يستقيمان إلا بحماية التراب الوطني؟، وهل نسي أن شغله ليس هو هذا لأن للدين والملكية رب يحميهما؟، لقد فضحت الصور المفبركة نوايا الخلفي، فالذين نشروا الصور هم ممن كانوا معه في اللقاء الذي صرف عليه من المال العام. واللقاء نفسه فضح ادعاءات وزراء العدالة والتنمية بتخفيض تكلفة الاستقبال والفندقة بحوالي النصف. الصور فضحت الخلفي وفضحت حملته الانتخابية السابقة لأوانها. لو كان فعلا راغبا في وضع الأطر والقواعد القانونية لفوضى الصحافة الرقمية لبدأ من باب داره ولطالب هؤلاء بحسن النوايا. ولا يمكن للخلفي أن يقوم بأي شيء في هذا الاتجاه لأن موقعا مرتبطا بمليارديرات العدالة والتنمية أقام مجده الإعلامي على الشعبوية والكذب والسب والشتم وضرب المؤسسات. أصبح الخلفي اليوم أمام امتحان عسير، إما أن يقوم بواجبه المهني أو يخضع لرغبات حزبية انتخابية ضيقة.