لولا أن عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، مولع بتقليد رجب الطيب أردوغان، الوزير الأول التركي، الذي يريد أن يحيي الخلافة العثمانية بطريقته الخاصة "المودرن"، لولا ذلك ما ذكرناه بنصائح بيري الباشا، الوزير الأعظم في عهد السلطان سليمان القانوني، وهي نصائح وجهها بيري إلى إبراهيم مسؤول الجناح الملكي الذي تم تعيينه وزيرا أعظم وحمل لقب إبراهيم باشا. ويؤمن بنكيران بالتقليد في كل شيء، في الأفكار والمشاريع، ويعتبر أردوغان غالبا دوليا يجب الحذو حذوه رغم أن الرجل تائه بين آسيا وأوروبا، وعلى بنكيران أن يسمع نصائح الجد الأكبر لأردوغان. القصة المكتوبة في مدونات التاريخ يعيد الأتراك حاليا إعادة تجسيدها في مسلسل "حريم السلطان"، الذي تبثه العديد من القنوات في وقت واحد، وتجسد كيف كان الوزير الأعظم، الذي مازال صغيرا في السن السياسي، يصغي إلى الوزير الأعظم المغادر وهو شيخ كبير أصبحت أقواله حكمة تشبه كلمات دانتي في الكوميديا الإلهية التي كانت كلماتها وراء تعيين إبراهيم وزيرا أعظم. وهاهي الكوميديا التي تبني الكثير من فصولها على "شرع الله" تقف وراء تعيين العديد من الناس رؤساء حكومات في مناطق مختلفة من أرض الله. ولا بأس في هذه الكوميديا أن ينصتوا لنصائح بيري باشا الذي تولى الوزارة العظمى، رئاسة الحكومة حاليا، في عهدي السلطان سليم وابنه السلطان سليمان. أول تلك النصائح التي وجهها بيري باشا لإبراهيم باشا هو أنه قال له إن العباية التي لبستها، كناية على توليه مهام الوزارة العظمى، من نار وأي غلط صغير في تدبير شؤون الدولة سوف تحرقك، لأن السلطة لعب بالنار، وأي لاعب من هذا النوع لابد أن يكون حذرا جدا حتى لا تزيغ قدمه ويسقط في الهاوية أو يحترق بنار السلطة، هي نار قد تتحول إلى دفء لكنها حارقة إن لم يتم استعمالها بشكل حسن. بيري باشا قال لإبراهيم باشا، لا تتسرع في اتخاذ القرارات واسمع نصيحة غيرك مهما كان، ورجل السلطة هو الذي ينصت أكثر مما يتحدث، ولا يتخذ قرارا إلا بعد تمحيصه من كافة جوانبه حتى لا يندم على أي خطوة يخطوها، لأن القرارات التي يتخذها المسؤول الوزاري والحكومي لا يمكن التراجع عنها وبالتالي الخطأ في اتخاذها كارثي. وقال بيري باشا لإبراهيم باشا، على رئيس الحكومة أن يتمالك أعصابه كثيرا ولا ينفعل أثناء الحديث لأنه تحت مراقبة الجميع، وأن الكلام الذي يمكن أن يقوله الآخرون ليس مسموحا به للمسؤول الحكومي. وأحسن نصيحة وجهها بيري باشا لإبراهيم باشا، هي ألا يتمسك بالسلطة وألا يستمر فيها حتى تتركه وقال له، اتركها في الوقت المناسب حتى تبقى محترما. جد أردوغان يقول لك يا بنكيران : تخلى عن تعصبك وحديثك العصبي وعن التسرع في اتخاذ القرارات والكلام على عواهنه ورغبتك وحزبك في الدوام في الحكومة. اترك كل ذلك لأجل ديمقراطية نبنيها جميعا.