يعتبر المرشح الاشتراكي للانتخابات الرئاسية الفرنسية فرنسوا هولاند مبتدئا في الدبلوماسية، غير انه مصمم على تأكيد اختلافه عن خط الرئيس نيكولا ساركوزي، وهو ما فعله بالنسبة لأفغانستان والمعاهدة الأوروبية الجديدة. غير ان مواقفه الحاسمة وضعته على مسار لا يعرف ما سيقوده إليه بسبب انعكاساتها المحتملة على علاقات فرنسا مع حلفائها. وفي حال فوزه في الانتخابات في ماي المقبل, فان رحلاته الاولى إلى الخارج ستتيح إلقاء الضوء على هذا التغيير في الخط السياسي، مع التشديد رغم ذلك على تكريس ديمومة التحالفات القائمة أولا مع ألمانيا ثم مع الحلفاء الغربيين عموما. وسيخص هولاند برلين بأولى زياراته الرئاسية في 19 ماي على الأرجح قبل التوجه إلى شيكاغو (الولاياتالمتحدة) للمشاركة في قمة لمجموعة الثماني وقمة للحلف الأطلسي في 20 و21 ماي. وفي ألمانيا سيسعى إلى إقناع انغيلا ميركل بإعادة التفاوض بشان المعاهدة الأوروبية حول الانضباط المالي لتضمينها إجراءات من اجل النمو والتوظيف, في مراجعة قلما توافق عليها المستشارة الألمانية. وفي شيكاغو سيبرر تعهده في سياق وعوده الانتخابية بسحب القوات المقاتلة الفرنسية المشاركة في القوات الدولية في أفغانستان قبل نهاية 2012 في حين ان الرئيس الحالي نيكولا ساركوزي لا يخطط لسحبها قبل نهاية 2013. وأوضح بيار موسكوفيسي مدير حملة المرشح الاشتراكي لوكالة فرانس برس، "بالنسبة لفرنسوا هولاند, فان العلاقة الفرنسية الألمانية تأتي في الطليعة وهي أساسية وحاسمة. لذلك ستكون زيارته الاولى للقاء انغيلا ميركل في برلين ليبحث معها إعادة توجيه البناء الأوروبي". لكنه أضاف، "يتعين أيضا إقامة علاقات قوية مع شركاء آخرين. ومن الممكن في هذا السياق بناء علاقات ثقة مع ايطاليا في سياق قارة أوروبية لا تقتصر على تحالف المحافظين". وسبق ان زار هولاند ألمانيا للمشاركة في مؤتمر للحزب الاجتماعي الديمقراطي. وذكرت أوساطه انه أبدى استعداده ولو "بدون ان يقدم طلبا بهذا الصدد" للقاء المستشارة قبل حلول موعد الانتخابات، غير أنها لم تستجب لهذه البادرة حتى الآن والتزمت بشكل حاسم بمساندة نيكولا ساركوزي. وعلى الصعيد الدبلوماسي، من غير المتوقع ان يقوم المرشح سوى ب"عدد قليل من الرحلات" إلى جانب ثلاث مداخلات في فرنسا بين 10 و20 مارس, معتبرا ان الحملة الانتخابية "تحسم بشكل أساسي في فرنسا". لكن بيار موسكوفيسي قال انه "سيزور الدنمارك (الرئيسة الحالية للاتحاد الأوروبي) وبريطانيا وبولندا والمغرب, بعدما زار بروكسلوألمانيا وايطاليا واسبانيا". ويريد المرشح إعادة إطلاق الدفاع الأوروبي والابتعاد عن سياسة "كبش المحرقة" التي يعتمدها ساركوزي حيال تركيا. وأوضح بيار موسكوفيسي في هذا الصدد، أن المرشح يعتبر ان تركيا تلعب "دورا استراتيجيا" ويدعو إلى النظر في طلبها الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي "بشكل عادل" بدون التغاضي عن كونها مسالة "حساسة بالنسبة للرأي العام". وفي ما يتعلق بالملف النووي الإيراني، قال موسكوفيسي، ان "إيران مسالة بالغة التعقيد" لكن "ينبغي ان نحاول المضي قدما قدر المستطاع في سياسة العقوبات والحوار المزدوجة". وان كان من غير المتوقع ان يتميز فرنسوا هولاند كثيرا عن نيكولا ساركوزي بالنسبة للولايات المتحدة والشرق الأوسط والموقف حيال الأنظمة الإسلامية المنبثقة عن "الربيع العربي"، إلا انه يعتزم تمييز مواقفه بالنسبة لإفريقيا والدول الناشئة معتبرا ان "ثمة قواعد ينبغي إعادة بنائها" مع هذه الدول. وبالنسبة للقارة الإفريقية، رأى موسكوفيسي انه "يجب الخروج من منطقة امتيازنا والتخلي عن سياسة فرنسا الإفريقية" في إشارة إلى العلاقة المثيرة للجدل بين فرنسا ومستعمراتها الإفريقية السابقة التي تمتزج فيها الدبلوماسية بصفقات الأعمال.فيليب راتيه وكاترين راما