فرنسوا هولاند في المغرب. الموضوع زيارة صداقة وتعاون. فالعلاقات المغربية الفرنسية، تقوم على شراكة استثنائية وهي مدعوة لان تتعمق أكثر، سواء في المجال الاقتصادي أو الإنساني، مذكرة بان فرنسا تعتبر أول شريك اقتصادي للمغرب، من خلال أهمية المبادلات التجارية وتدفق الاستثمارات. والزيارة التي يقوم بها فرنسوا هولاند ليست زيارة مصالحة بعد أزمة 2014، لن زيارة المصالحة لا تتضمن برنامجا مكثفا، ولا تقتضي مرافقة وفد هام للرئيس، وكان يكفي مرافقة بعض مستشاريه ووزيرة العدل إن اقتضى الحال، لكن أن يرافقه وفد وزاري متخصص ورجال أعمال ومال وبرلمانيون وساسة، فإن الأمر يتعلق بزيارة دولة من الحجم الكبير لا يمكن مقارنتها بالزيارة القصيرة التي قام بها فرنسوا هولاند للجزائر. فللعلاقات المغربية الفرنسية دينامية خاصة ومختلفة. فلقد بلغت العلاقات بين البلدين النضج الكافي، وأصبحت ذات مضمون يتمسى مع الرهانات الدولية الآنية، التي يلعب فيها المغرب دورا استراتيجيا ورياديا في إفريقيا. حيث شكل المغرب جسرا مهما نحو إفريقيا دشنه جلالة الملك بزيارات متعددة للعديد من الدول، على قاعدة الاستثمار والتعاون وانتقد جلالة الملك استمرار الدول الكبرى في استغلال إفريقيا، كما يقوم المغرب بدور كبير في تأطير الأئمة من إفريقيا. هذا الإشعاع الذي بفضله حاز المغرب سمعة كبيرة في محاربة التطرف والإرهاب، هو الذي دفع فرنسا للتوقيع على إعلان طنجة. الرئاسة الفرنسية معنية بهذا الأمر ولهذا فهي تعتبر الاسلام الوسطي الذي ينهجه المغرب "مرجعا قيما"، حيث إن باريس عازمة على تعميق تعاونها أكثر مع المملكة في مجال التصدي للتطرف. ففرنسا تشاطر المغرب مقاربته المتمثلة في أن الرد على انتشار جماعات مثل (داعش ) (وبوكو حرام)، يجب أن يمر عبر عمل دبلوماسي وأمني، وكذا عبر الوقاية من التطرف. وتعتبر الزيارة فرصة لتأكيد التزام البلدين في مجال مكافحة الإرهاب. ويسعى المغرب إلى بناء علاقة ثلاثية بين فرنسا والمغرب وإفريقيا، علاقة تجنب التصارع بين الطرفين في المجال الإفريقي، ففرنسا تعرف بطبيعة الحال علاقة المغرب ببلدان غرب إفريقيا، حيث منطقة غرب إفريقيا تحظى بالأولوية في السياسة الخارجية المغربية، وتقيم المملكة مع دول هذه المنطقة علاقات تتميز بالقرب الثقافي واللغوي والديني. كما تعتبر العلاقات الاقتصادية جد قوية على اعتبار أن المملكة هي أول مستثمر بإفريقيا الغربية، حيث تتواجد عدة مقاولات مثل اتصالات المغرب، والخطوط الملكية المغربية والتجاري وفا بنك ، ويحتضن المغرب العديد من المهاجرين والطلبة من المنطقة. وحاولت بعض الجهات تصوير الزيارة على أنها عادية، مع العلم أنها ذات أهمية قصوى نظرا لطبيعة العلاقات بين البلدين ونظرا أيضا للظرفية التاريخية التي تعيشها المنطقة، ونظرا لطبيعة المغرب الذي أرسى علاقات احترام وتعاون مثمرة مع القوى العظمى وعلى رأسها فرنسا. ولا عبرة بما تقوله الصحافة المغرضة بكون زيارة هولاند للجزائر جيش لها تسعة وزراء وزيارته للمغرب لم تتعدى خمسة وزراء. الزيارة إلى الجزائر كانت زيارة مجاملة وجبر خواطر ولهذا رافق هولاند وزراء ذوو توجهات سياسية، بينما الزيارة للمغرب فهي زيارة عمل وبالتالي جاء مع هولاند وزراء متخصصون ورجال أعمال من الكاك 40 وهو أهم تجمع صناعي بفرنسا وسياسيون ومثقفون. فرنسا ترى أن الاستقرار السياسي الذي يعرفه المغرب عنصر هام في الاستثمار بالمنطقة، بل يعتبر مدخلا لكل إفريقيا، كما أن السياسة القارية للمغرب واضحة المعالم، حيث تريد أن يقرر الأفارقة مصيرهم بأيديهم ويستفيدوا من ثوراتهم بأنفسهم. أما عن الطبيعة الاستثمارية للزيارة فيمكن القول إن المغرب ومنذ 15 سنة أرسى دعائم بنيات استقبال كبيرة، أما اليوم فقد أصبح قادرا على وضع لبنات استقبال للتكنولوجيا المنقولة وذات الصبغة العالية والتي يجسدها القطار الفائق السرعة.