أجل؛ عرف التاريخ القديم زندقة امتدّت يدها الآثمة إلى دور العبادة كما هو حال زنادقة اليوم، حيث يُقتَل الركع السجود وهم في حضرة الله عز وجل؛ فيتم تفجير المسجد بمن فيه، بقلب لا يخشع وعين لا تدمع.. نعم؛ حصل أن هُدمت دور العبادة أيام "المتوكل" العباسي المتوفّى سنة 247 هجرية، إذ كان شديد الوطأة على النصارى، لأنه أمر بهدم الكنائس وكسر الصلبان؛ وذكروا أن "الوليد بن عبد الملك" الأموي كان هو كذلك قد أمر بهدم الكنائس، وهو ما يخالف وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم. إذ دعى إلى ترك النصارى واليهود وما يدينون، دون المساس بكنائسهم وبيَعهِم، وهو ما سار عليه "عمر بن الخطاب" رضي الله عنه عبر ما سُمي تاريخيا "بالعُهْدة العُمَرية".. لكن اليوم تُستهدَف المساجد وهي عامرة بالمصلّين، مع العلم أن هذه المساجد هي بيوت الله، ومن دخلها كان آمنا.. يُحكى أن ملكًا خاصم زوجته وأقسم في حالة غضب ألا تقضي الليلة على تراب مملكته؛ وقُبيْل غروب الشمس، راجع الملكُ نفسه، وأراد حلاّ لكي لا يحنث؛ ومعلوم أنه في ذلك الزمان لم تكن هناك وسائل نقل سريعة قد تنقل الزوجة خارج تراب نفوذ ذلك الملك؛ فاستدعى أحد الفقهاء الأجلاّء، لإيجاد مخرج لهذه المعضلة؛ فأفتى الفقيه بأن تبيت الزوجة في المسجد، لأنه بيت الله، لا يشمله قسمُ الملك الغاضب. فالإسلام يحرِّم بشكل قاطع المساسَ بكنيسة نصرانية أو كنيسٍ يهودي، فما بالك بالمسجد.. فحتى في الديانة المسيحية يحرم ذلك.. ففي أوائل التسعينيات، أمر الرئيس "بوش الأب" بإلقاء القبض على الجنيرال الحشّاش "نُورْييغَا"، ديكتاتور "بانَما"؛ فلجأ هذا الأخير إلى الكنيسة، وبقي الكوماندو ينتظره 17 يوما حتى استسلم الديكتاتور، ولم يتجرأ الكوماندو على اقتحام الكنيسة لما لها من حرمة وقدسية.. واليوم في بلاد الإسلام، تُهدم المساجد، وتداس حرمتها، ويدخلها أهل الغدر بأحزمتهم الناسفة، وبعد "الله أكبر" تُمزَّق الأجساد، وتُقطَّع الأوصال، وتتناثر الرؤوس، وتجري الدماء.. فأي نوع من البشر هؤلاء؟ لأية فصيلة من الكائنات ينتمي هؤلاء؟ سؤال يطرح نفسه بإلحاح.. هؤلاء ينتمون لأربع عقائد بغيضة.. فهم إما ينتمون للحرّورية الخوارج، أو للشيوعيين الملاحدة، أو لليهود الصهاينة، أو للزّرادوشتيين المجوس.. فهذه العقائد عُرفت بذلك عبر التاريخ.. فالحرُّوريون الخوارج عُرفوا بقتل الناس في المساجد، قبل أو أثناء أو بعد الصلاة؛ وكان أول ضحية الإمام "عليّ" كرّم الله وجهه، بعد صلاة الفجر.. والكسْروِيون المجوس، هم كذلك عُرفوا بذلك، بحيث اغتال "أبو لؤلؤة المجوسي" سيدنا عمر" رضي الله عنه في المسجد.. أما الشيوعيون فنحن نعرف ما فعلوه بالنصارى والمسلمين بعد وصول "لينين" إلى السلطة؛ فهُدمت الكنائس والمساجد، وصودرت ممتلكاتُها، وقُتل رجال الدين، وصارت تلكم سياسة دولة الإرهاب والقتل وسفك الدماء، وهو ما سار على منواله "ستالين، ولم يتوقف عن ذلك إلا عندما اجتاح النازيون الأراضي الروسية؛ عندها فقط، صار مؤمنا.. لكن الشيوعية أصبحت مجرد هيكل عظمي وصار دعاتها أذلّة في زماننا اليوم.. لكنّ اليهود الصهاينة أتباع "هيرتزَل"، فممارساتهم عايشناها، ورأينا ما فعلوه بالمصلّين في الحرم الإبراهيمي، وكيف أحرقوا بيت المقدس، وما زالوا إلى يومنا هذا يقتلون المصلّين في المساجد وفي كافة دور العبادة.. فقتلة المصلين ينتمون تاريخيا لهذه العقائد الظلامية.. لكن من هذه العقائد الدموية والملعونة بشرائع السماء وقوانين الأرض، هناك فصيلٌ منها هو الأشد خطورةً، ألا وهو فصيل "الخوارج الزّنادقة"؛ وهم الذين يطيلون اللِّحى، ويلبسون القلانس، ويصلّون على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم في ذلك كاذبون؛ وبذلك يُضِلّون الناس.. قالت عائشة رضي الله عنها تصف هؤلاء نقلا عن النبي الكريم: "... مُحلقون رؤوسَهم، محفّون شواربهم، أُزُرهُم إلى أنصاف سُوقِهم، يقرؤون القرآن، لا يتجاوز تراقيهم" اُنظر "تاريخ بغداد" للخطيب؛ جزء: I صفحة 102.. والرواية هي "لأبي قتادة"، عن الخوارج في النهروان.. إذن اُنظر إلى هؤلاء الداعشيين، أو الصفويين، أو الإخوانيين وما شاكلهم من خلال هذا الوصف الدقيق، ثم أضِفْ إليه أفعالهم، ثم زدْ عليه أقوالهم التي يربطونها تعسفًا بالدين الإسلامي لتكتمل لديك الصورة، ويبدَّد فيك الشك، وتزول الغشاوة عن بصرك.. أنت ترى مثلا أن الصهاينة أحرقوا الرضيع منذ أيام، وداعش لغّموا جسد الرضيع خلال تداريبهم، فأي فرق بين هؤلاء وهؤلاء؟! فمن يشهد لهؤلاء بالإسلام، سوف يندم على شهادته أمام الله عز وجل.