أخيرا وقعت مجموعة بيجو ستروين الفرنسية اتفاقية مع المغرب، بعد دراسة استمرت 3 سنوات لإنشاء مصنع كبير للسيارات في المنطقة الحرة "أتلانتيك فري زون" في منطقة الشراردة- بني أحسن. وتوقع خبراء أن يعزز قرار المجموعة مكانة صناعة السيارات سريعة النمو في المغرب، وأنه يمكن أن يحدث نقلة نوعية كبيرة في صناعة السيارات المغربية. وقال وزير التجارة والصناعة والاستثمار والاقتصاد الرقمي حفيظ العلمي إن المصنع بيجو ستروين الجديد سيؤدي إلى خلق فرص عمل كثيرة ويرسخ مكانة المغرب كبلد صاعد. وأكد أنه سيفتح لشركة بيجو ستروين أبواب الأسواق الأفريقية بشكل خاص، وأنه يأتي في إطار الاستراتيجية التي رسمها الملك محمد السادس، لجعل المغرب أرضية انطلاق نحو أفريقيا والشرق الأوسط. وحضر العاهل المغربي توقيع الاتفاقية من قبل الوزير حفيظ العلمي وكارلوس أنتونيس تافاريس المدير التنفيذي في مجموعة بيجو- سيتروين. وتتسابق كبرى شركات السيارات العالمية على إنشاء مصانعها في المغرب بسبب مناخ الاستثمار المستقر والإصلاحات الاقتصادية وتوفر الأيدي العاملة المدربة، إضافة إلى الموقع الجغرافي والارتباط باتفاقات التجارة الحرة مع أكبر الكتل الاقتصادية في العالم، الأمر الذي يسمح بتصدير ما ينتج في المغرب إلى تلك الأسواق. وتتصدر مجموعة رينو السباق حيث تجاوز إنتاج مصنعها في طنجة حاجز 400 ألف سيارة في الأسبوع الماضي، وهي تصدر السيارات من المغرب إلى 63 دولة بينها أكبر الدول المصنعة للسيارات مثل ألمانيا وفرنسا، بعد 3 سنوات على افتتاح المصنع. وكان العلمي قد كشف في نوفمبر الماضي أن مجموعة تويوتا اليابانية تدرس إنشاء مصنع في المغرب لتزويد أسواق أوروبا، خاصة في ظل الحوافز والتسهيلات التي يمنحها المغرب. وأعلنت شركة فورد الأميركية في نهاية الشهر الماضي عزمها الاستثمار في المغرب، بسبب توفر اليد العاملة المؤهلة والبنية التحتية والموانئ المتطورة، إضافة إلى ارتباطه باتفاقيات التجارة الحرة وانفتاحه المتنامي على التجارة الدولية. كما اختارت مؤسسة "دانلوب" التابعة للمجموعة اليابانية العملاقة "سومي طومو" المتخصصة في الصناعات المطاطية الاسثتمار بالمغرب من جديد و السبب حسب مسؤولي الشركة هو جودة مناخ الاسثتمار بالمغرب حميد بلفضيل: صناعة السيارات المغربية ستستجيب للطلب المتزايد في أوروبا وأفريقيا كما أبدت شركات مثل فولكسفاكن الألمانية وهيونداي الكورية وتاتا الهندية ونيسان اليابانية رغبتها في الاستثمار بالمغرب خاصة بعد النجاح الباهر الذي حققته شركة رينو. كما تنتج شركات مغربية سيارات محلية الصنع، إضافة إلى صناعة أجزاء السيارات المتطورة، التي تصدر منتجاتها لأكبر الشركات العالمية. وتقدم منطقة إتلانتك الصناعية الحرة بيئة استثمارية متكاملة، تتوفر على ميزتين أساسيتين، سهولة الولوج التي تسهل عمليتي التموين والتصدير وحوضا للتشغيل ذي جودة. ويأتي استقطاب شركات السيارات العالمية في إطار المخطط الوطني لتسريع التنمية الصناعية للفترة 2014- 2020، المتمثلة في إحداث مناطق صناعية حرة، لخلق نصف مليون وظيفة بحلول العام 2020، ستوفر الاستثمارات الأجنبية المباشرة نصف تلك الوظائف. وسيبلغ إنتاج مصنع بيجو ستروين المزمع تشغيله سنة 2019، ذروة إنتاجه سنة 2023 وسيؤدي إلى خلق نحو 25 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة، حسب الوزير حفيظ العلمي. وستشرع المجموعة في تصنيع سيارتي بيجو 301 وستروين إليزي، إلى جانب سيارة منخفضة الكلفة لم يكشف عن نوعها بعد. وسيوفر منصة قادرة على إنتاج 200 ألف سيارة و200 ألف محرك سنويا. وقال تفاريس على هامش توقيع الاتفاقية إن إنتاج المصنع، وهو أول مصنع للشركة في أفريقيا، سيوجه بشكل كامل للتصدير إلى الأسواق الأفريقية. وتهدف مجموعة بيجو ستروين من وراء إنشاء المصنع بالمغرب إلى رفع مبيعاتها في أفريقيا والشرق الأوسط، لتصل إلى مليون سيارة في أفق سنة 2025، بعد أن تراجعت بنحو 25 بالمئة العام الماضي لتصل إلى نحو 169 ألف سيارة، أي ما يعادل 5.8 بالمئة فقط من إجمالي مبيعاتها. حفيظ العلمي: مصنع بيجو ستروين سيخلق نحو 25 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة وقال تفاريس إن إنشاء المصنع يخدم مصالح جميع الأطراف وأن المجموعة تجد في المغرب أرضية للتنافسية من أجل مد كافة الأسواق الأفريقية التي نطمح إلى استعادة حصتنا فيها. وتقدر استثمارات المصنع بنحو 620 مليون دولار، ومن المتوقع أن تبلغ صادراته نحو 1.13 مليار دولار سنويا، وسيتم إحداث مركز للبحث والتنمية يقوم بتشغيل 1500 مهندس من الكفاءات العالية. وأشار العلمي إلى أن المصنع الجديد سيشكل حافزا لتنمية قطاعات واسعة من الشركات الصغيرة والمتوسطة التي ستستقر في منطقة إتلانتك الصناعية الحرة، التي ستتحول إلى مركز صناعي متطور يشجع على تنمية متوازنة ومستدامة في منطقة الشراردة بني أحسن. وقال حميد بلفضيل مدير الوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات، إن الآفاق الواعدة لصناعة السيارات في المغرب ستسمح بالاستجابة إلى الطلب المتزايد في أوروبا وأفريقيا على سيارة ذات تكلفة منخفضة، واستقطاب زبائن في أسواق البلدان الصاعدة. وأكد بلفضيل أن قطاع صناعة السيارات في المغرب تمكن من تعزيز موقعه في صناعة السيارات العالمية خلال السنوات الأخيرة، في ظل إعادة هيكلة قطاع صناعة السيارات في العالم مع تحول الطلب والعرض العالمي إلى الدول الصاعدة.