صحراء بريس / كاتب من فوسبوكراع لم يخطر بِبال العمال التساؤل في يوم من الأيام، "ما قيمة الراتب الشهري لمُدرائنا؟"، ربما لظنِّهم بأنه سؤال تافه، لا قيمة له. هل يعرف أحد راتب مسئولو ومدراء فوسبوكراع ؟ وهل يُعد ذلك من أسرار المؤسسة ؟ لا تستغرب إن علمت أخي العامل أن مدراءنا يتقاضون أجورا تفوق بكثير ما يتقاضاه مثلا رؤساء الكثير من الدول الديمقراطية، التي تحترم مواطنيها قبل أن تحترم مسئولي ومدراء مؤسساتها العمومية، دون الحديث عن الامتيازات الكثيرة والتعويضات المتنوعة التي يتم إضافتها للمَبالغ المُبالغ فيها لأجور مدرائنا المحظوظين. يتقاضى أحد مدرائنا أكثر من أجر عشرين عاملا، علاوة على سيارة بقيمة تفوق 40 مليون والتعويضات عن التنقلات والمنح. والأكثر من هذا أن أدنى أجر شهري لمدير بمؤسستنا يفوق الراتب الشهري لرئيس الوزراء الإسباني، الذي يتقاضى 5.400 يورو، وأكثر من راتب الرئيس الروسي الذي يتقاضى 4 آلاف و700 يورو. بعملية حسابية بسيطة للأرقام ، نجد أن مجموع الأجور الشهرية ل 5 مدراء تُكلف مؤسسة فوسبوكراع ما يعادل أجر 65 عاملا. دون أن نضيف إليها ما يُكلف المدراء المؤسسة من سكن وسيارات وسائقين وتنقلات والعديد من الامتيازات والمنح السنوية لهؤلاء المسئولين. وبعد هذا وذاك، لماذا ورقة أجر العامل البسيط (noumina) تأتي يتيمة، مكشوفة وتتقاذفها الأيدي من مسئول لآخر؟ ولماذا لا تُحترم ولا تُراعى فيها السِّرية والخصوصيات العائلية والشخصية؟ بينما نتحدى أحدا وقعت عينه ولو بالصّدفة على ورقة الأجر لمسئول طوال مسيرته العملية. السؤال المطروح وبإلحاح شديد من طرف العامل العادي، عن نوعية الإضافة التي يقدمها هؤلاء المسئولون والمدراء. والتي كانت مَثار تساؤل العامل البسيط وهو الذي يعرف بأن غالبيتهم لا يلتزمون بوقت أو وعد أو بَذل جُهد يُذكر، وجُلهم يقضون أوقاتهم منغلقين في مكاتبهم أو في سفريات لا تنتهي، في الوقت الذي يعيش فيه أغلب العمال في ضنك العيش وانعدام الخدمات. الشغيلة قد تضطر مرغمة لتقبل تلك الأجور المرتفعة لمدراء المؤسسة، لو عمد وعمل هؤلاء المدراء على تحسين خدمات مؤسستهم في وجه العامل العادي، وتطوير الحياة اليومية داخلها حتى تنعكس ايجابيا عليه، وليس على كبار موظفيها فقط، لكن أن يتم العكس ويواجه هذا العامل المقهور بالجحود وإلزامه بأداء ضرائب لا يعرف كيف نزلت عليه، وما الرابط بينه وبينها. ورغم ذلك تُكافئه مؤسسته باقتطاعات تُثقل كاهله المثقل أصلا بمصاريف الحياة اليومية، لكي ينعم كبار الموظفين المحظوظين في نعيم الحياة والإعفاء من المصاريف الشهرية – الماء- الأكل في مطاعم المؤسسة- الكهرباء - الضرائب - الهاتف الثابت والجوال- الأنترنيت - تذاكر الطائرات والإقامة في الفنادق المصنفة. قراءة متأنية ما بين سطور صفحات الأجور الشهرية للمدراء وكبار المسئولين تُعطينا فكرة واضحة وفاضحة على الفارق الكبير الذي يوجد بين طبقة غنية تزداد غِنى وأخرى فقيرة تزداد فقرا وتَوَسُّعا في نفس الوقت، دون أن نُسجل أي خطوات جريئة لتغيير خريطتهم...