كشفت مجلة "جون أفريك" الفرنسية في عددها الأخير عن كون الرواتب والتعويضات الإجمالية للوزراء المغاربة تعد الأعلى في شمال إفريقيا، وحتى وزراء إسبانيا، وهي أجور ترسم بوضوح الفوارق الكبيرة بين الوزير والمواطن البسيط في المغرب. ووفق المصدر ذاته يصل الأجر الكلي، الذي يشمل الراتب الشهري وتعويضات السكن وتمثيل الدولة، لرئيس الحكومة المغربية عبدالإله بن كيران إلى حوالي 80 ألف درهم مغربي (8 آلاف يورو)، بينما يحصل مثلاً أحمد أويحيى رئيس وزراء الجزائر على 6 آلاف يورو، ويتقاضى حمادي الجبالي رئيس الحكومة التونسية 2500 يورو فقط، بينما يحصل ماريانو راخوي رئيس الحكومة الإسبانية على راتب إجمالي يصل إلى 6300 يورو. وأبرزت المجلة المذكورة أن المغرب من بين أكثر البلدان الإفريقية التي تسودها تباينات واسعة بين رواتب الوزراء وباقي المواطنين العاديين، مقارنة مع ثلاث مناطق إفريقية أخرى شملها تحقيق صحافي نشرته "جون أفريك" في عددها الأخير. ويحصل الوزير في المغرب على حوالي 75 ألف درهم، أي ما يعادل 7.5 آلاف يورو، باحتساب تعويضات السكن وباقي الامتيازات الأخرى، فيما يكابد المواطن البسيط للحصول على الحد الأدنى للأجور الذي لا يتجاوز ألفي درهم (200 يورو)، ليظهر البون شاسعاً جداً بين ما يتقاضاه المسؤول الحكومي وما يحصل عليه العامل المُصنف في أدنى سلالم الأجور في البلاد. وتعني هذه الفوارق الكبيرة في الأجور أن الوزير بالمغرب يحصل على حوالي 40 مرة راتب الموظف الذي ينال الحد الأدنى للأجر، بينما يزداد الفرق عمقاً بالنسبة للعمال والمُستخدمين الذين يحصلون على رواتب أقل من الحد الأدنى للأجور، مثل خدم وخادمات البيوت، أو عمال جمع القمامة وغيرها من المهن والوظائف. ويستطيع الوزير في المغرب - على سبيل المثال فقط - اقتناء سيارة جميلة بتوفير راتب ثلاثة أشهر مجتمعة، فيما لا يستطيع الموظف الذي يحصل على الحد الأدنى للأجور أن يشتري السيارة نفسها إلا بعد أكثر من 10 سنوات من توفير كل راتبه الهزيل بدون أن يصرف منه درهماً واحداً. وتعليقاً على الموضوع، أكد محمد المسكاوي، رئيس الشبكة المغربية لحماية المال العام، أن المغرب يتميز في مسألة الأجور بفوارق كبيرة جداً، حيث تصل إلى 100 مرة ما بين الأدنى أجر والأعلى أجر، عكس فرنسا مثلاً التي يصل الفرق إلى 10 مرات فقط. وأضاف المسكاوي، في تصريحات ل"العربية نت"، أن الأجور الصافية في المغرب المخصصة للوزراء لا تطرح مشكلاً إذا ما قورنت برؤساء المؤسسات الحكومية والشركات الوطنية، حيث إن هناك بعض المديرين يتقاضون أجراً أعلى من أجر الرئيس الأمريكي نفسه. ولفت المتحدث إلى أن حوالي خمسة آلاف مسؤول مغربي يكلفون حوالي ثلث كتلة الأجور، مشيراً إلى أنه إذا أضيفت إليها التعويضات الأخرى التي يحصلون عليها في شكل منح شهرية، فتلك هي الطامة الكبرى في البلاد"، وفق تعبير المسكاوي. وشدد رئيس شبكة حماية المال العام على أنه يجب التركيز بداية على أجور المسؤولين الكبار من المُديرين، مُطالباً بأن يكون أعلى أجر في المغرب هو أجر رئيس الحكومة، ما سيتيح فرصة لضبط كتلة الأجور التي تستنزف المالية العامة، وبتوزيع غير عادل وفي كثير من الأحيان دون مردودية. وخلص المسكاوي إلى أن "مسألة الأجور في المغرب يجب أن يعاد فيها النظر كي تُبنى على العطاء والجدية والكفاءة والشفافية"، مضيفاً أن "المطلوب اليوم هو تخفيض جميع الأجور العليا كي تُسهم في تخفيف الضغط عن الكتلة المالية العامة".