بقلم : عبيد أعبيد ماتزال قضية نزاع الصحراء عقدة تاريخية لبناء الإتحاد المغاربي قائمة، و الملفت هذه المرة يكمن في ملف ثاني وأكبر قضية في رفوف هيئات الأممالمتحدة هو محاولة إيجاد حل لها من قبل الرئيس التونسي المؤقت منصف المرزقي بمخطط سماه " بين قوسين"، كمحاولة حسنة منه كي يجد ملف نزاع الصحراء حلا له بين أحضان الإتحاد المغاربي، وفي حقيقة الأمر، فهذا المخطط يعد تمويها للذات المغاربية حول إعتبار الملف ليس عائقا حقيقيا ويعرقل البناء الإقتصادي للإتحاد، على الرغم من أن قادة الإتحاد لهم حس سياسي عميق وواقعي حول الملف ويعتبرونه جمرة ملتهبة ستحرق وتبعثر كل الأوراق المحاولة لتأسيس تكتل إقليمي مغاربي جديد. وفي واقع الأمر، فقضية نزاع الصحراء، ليست بالبتة مشكلة جيوسياسية بين المغرب والجزائر كما يسوق لها، فالعالم يعي تماما أن النزاع هو نزاع محتدم بين طرفين رئيسين، وهما الطرفان اللذان يجلسان وجها لوجه على طاولة المفاوضات في مانهاست دون طرف ثالث من داخل المغرب الكبير، فالجزائر كما هو معلوم للرأي العام الدولي لم تسمح بأن ترمى الكرة في ملعبها يوما من قبل المغرب، و بالتالي فبأي منطق سياسي أو تكتيكي نستوعب خطة " بين قوسين" المرزوقية، مع العلم أن القضية التي سنضعها بين قوسين، لم تجد خمس مخططات أممية سابقة حلا مفصليا لها. فخطة "بين قوسين" التي يدفع بها منصف المرزوقي ويشاطره فيها رفيقه الإسلامي راشد الغنوشي، مهما بلغت حسن نيتها ومنطقيتها التدريجية، فهي في آخر المطاف ستقود الى بناء هش بل ومؤقت للإتحاد في ظل العدمية والسطحية والتجرد في التعامل مع المأزق، فإن كان المغرب يعتبر جبهة البوليساريو مصدر التعثر لتحقيق الحلم المغاربي ومكمن الداء في بناء المغرب الكبير، وتعكير صفو أجواء الإتحاد والإخوة المغاربيين، فجبهة البوليساريو هي الأخرى ترى أيضا أن المغرب هو من سدد أول سهام الغيلة للحلم المغاربي من خلال تبنيه لما تسميه ب"سياسة توسعية" و هو المسؤول عن حالة الجمود الحالي بسبب مواصلة تدخله اللا شرعي بالصحراء وعدم إلتزامه بالوعد الذي قدمه الراحل الحسن الثاني أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة حين قال :" إنني أشهدكم أن المغرب يريد الإستفتاح وإنه مستعد لتنظيمه غدا إذا شئتم" .ناهيك عن التهديد والعزم لخوض الخيار المسلح ضد المغرب من قبل بعض الشخصيات الأكثر راديكالية بقيادة الجبهة، وهو الأمر الذي من شأنه سحب البساط من تحت أقدام الحالمين بالمغرب الكبير و فتح الحدود والسوق المغاربية المشتركة... إذن، فمخطط "بين قوسين" المرزوقي دخل المعترك الفعلي بين شرعيتين قائمتين متعارضتين، شرعية تاريخية ودينية يرى فيها المغرب انه سيد الموقف والمرافعة أمام المنتظم الدولي، و أخرى قانونية ودولية ترى فيها جبهة البوليساريو أنها صاحبة الشرعية القانونية المهدورة و المرتبطة أساسا بما تنعته ب"الحق في تقرير المصير"، فمشروع الإتحاد المغاربي يتوجب علينا التطلع إليه كخيار وحتمية إستراتيجيتين من خلال إزالة كل مسببات التعثر و التعامل مع حلها بواقعية سياسية إبتداء بأكبرها وهي قضية نزاع الصحراء، مرورا بالإصلاحات السياسية الداخلية الغير مكتملة، ووصولا إلى ملف أزمات الحدود البينية بين المغرب الجزائر، و تونس وليبيا.