مهربون موريتانيون وتجار مغاربة وأعيان في الصحراء، يعيدون الاتجار في دقيق المخيمات المدعم وصلت قيمة الدعم المالي الذي تضخه الدولة لفائدة الدقيق المدعم الموجه الى الصحراء، الى ما قيمته 20 مليار شهريا، تروم مساعدة سكان الاقاليم الجنوبية على تجنب تداعيات ارتفاع الاسعار في بعض المواد الاساسية، سيما منها الموجهة الى سكان المخيمات. وكشفت مصادر مطلعة ان التلاعب في مصير المساعدات الغذائية، بينها الدقيق، الموجهة الى الجنوب، يتوزع بين مسؤولين في الجيش وبعض اعيان المنطقة، مضيفة ان الكثير من هذه المساعدات، يعاد الاتجار فيها باسواق الشمال، فيما يتكلف المهربون الذين ينشطون على الحدود، بنقل هذه المساعدات، التي تضخ الدولة ملايين الدراهم لتناسب القدرة الشرائية لسكان المخيمات في المدن الجنوبية للمغرب، الى موريتانيا حيث تتم اعادة بيعها، وذلك بعد ان يتحصل عليها المهربون من طرف بعض الاعيان و المؤسسات الاجتماعية المعنية بتدبير توزيع المواد الغذائية . وكشفت المصادر ذاتها، ان إعادة الاتجار في بعض المواد الغذائية، من قبيل الدقيق ومستخلصاته، باتت عملية مربحة بالنسبة الى كثير من المسؤولين العسكريين واعيان الصحراء، إذا اغتنى عدد منهم بالنظر الى الاموال الكبيرة التي تديرها هذه التجارة، مثيرة الانتباه الى ان بعض مهربي الدقيق المدعم، يأتون من شمال المغرب الى جنوبه من اجل شحن اطنان من المواد الغذائية، يعاد بيعها في الاسواق الداخلية، اذ تحولت العملية الى طقس منتظم يشرف عليه كبار المهربين بينهم مغاربة وموريتانيون في ظل غياب الدولة وتواطؤ أعلى هرم السلطة المحلية في المنطقة، التي اختارت الصمت حيال عمليات نهب المساعدات المخصصة لأبناء المنطقة من ذوي الدخل المحدود. واضافت المصادرذاتها، ان هذه الممارسات التي يغض مسؤولو الدولة عنها الطرف، باتت تشحن الكثير من شباب المنطقة الذين وجدوا في "خيار الانفصال" متنفس لهم، في ظل استمرار هذه الممارسات المشينة والتي تهز مكانة الدولة في الجنوب، سيما بمدينة العيون، مشيرة إلى أن فضيحة التلاعب في المساعدات الغذائية لا تقتصر على جبهة بوليساريو بل تشمل بعض الأعيان الذين تشجع ممارساتهم خياربوليساريو لدى بعض أبناء المناطق الجنوبية. وخلق منطق اللاتكافؤ حالة تذمر واسعة، وهوما حدا بكثير من الجمعيات الصحراوية الى المطالبة بحذف المساعدات التي تخصصها الدولة لسكان الجنوب، بالنظر الى ان المستفيد الأساسي منها فئة الاعيان الذين بينهم من كان يتحمل مسؤولية سامية في وزارة الخارجية لدى حكومة الوزير الأول الفاسي، إذ ظل المسؤول المذكور يتقاضى راتبا يقارب 15 ألف درهم، بصفته رئيسا لجمعية الأعمال الاجتماعية بالعيون، التي تستفيد من الدعم المادي المخصص لها من طرف المجالس المنتخبة والسلطة المحلية، علاوة على بعض "المكوس" التي تجبى من لدن كبار تجار في بعض المناسبات وتصل احيانا إلى ما قيمته 50 مليون سنتيم . وتجدر الإشارة إلى ان السلطات المحلية عجزت عن وضع حد للتجاوزات اللاقانونية في المنطقة الجنوبية، وذلك بالنظرإلى ان مسؤولين كبار يمثلون السلطة المركزية في العيون، وجدوا أنفسهم مورطين في شبكة وقعوا في خيوطها، وهو الأمر الذي ارغمهم على اختيار موقع المتفرج على ما يقع، الشئ الذي تأكد خلال اخر اجتماع لمجلس الجهة، إذ لم يحرك الوالي ساكنا، حيال مايجري أمام أنظاره داخل المجلس.