فتح تحقيق مع ضابط شرطة متهم باختلاس 40 مليون    شفشاون تحتضن فعاليات مهرجان الضحك في نسخته الرابعة    تامسنا: عرض مسرحية "دوخة" للتحسيس بمرض السرطان    لواء سابق بالجيش الاسرائيلي: "قطيع من الحمقى يقود دولتنا نحو خطر يهدد وجودها"    سعر الذهب يتجاوز 2700 دولار للأونصة    قيادي بحماس: لا يمكن القضاء على الحركة    26 لاعبة من المنتخب النسوي يدخلن معسكرا تدريبيا استعدادا لمباراتي تنزانيا والسنغال    ديربي رباطي مثير واختبارات متباينة للوداد والرجاء واتحاد طنجة    غياب زياش أو حضوره في معسكر التدريب تتحكم فيها جاهزيته و قناعات المدرب    المجلس الأوروبي يجدد التأكيد على القيمة الكبيرة التي يوليها الاتحاد الأوروبي لشراكته الاستراتيجية مع المغرب    توقيف 66 شخصا في عملية لمكافحة الإرهاب نسقها الإنتربول' في 14 دولة من بينها المغرب    استهلاك التبغ بين الشباب الأميركيين يسجل أدنى مستوى له منذ 25 عاما    سعر الذهب يبلغ مستويات قياسية في السوق العالمية    أداء إيجابي في تداولات بورصة البيضاء    كائنٌ مجازي في رُكْن التّعازي! (من رواية لم تبدأ ولم تكتمل)    السنة الثقافية 2024 .. مبادرة "قطر تقرأ" تقرب الأطفال من ثقافات البلدين    أرت'كوم سوب وكوم سوب تفتتح الحرم الجامعي الجديد في الدار البيضاء وتوقّع 14 شراكة استراتيجية    الهلال السعودي يكشف عن نوعية إصابة ياسين بونو    ملامح العلاقة مع المغرب في ظل العهدة الثانية للرئيس الجزائري    الجزائر تعلن اعتقال مغربيين يعملان في الجبس بتهمة التجسس    هؤلاء هم أهم المرشحين لخلافة السنوار في قيادة حماس؟    بعد طوفان الأقصى أي أفق لمقترح "حل الدولتين" ؟    مطالب للحكومة بالارتقاء بحقوق النساء والوفاء بالتزاماتها    هل نحن في حاجة إلى أعداء النجاح؟    نسبة الفقر تقارب مائة في المائة في قطاع غزة بعد عام على بدء الحرب    مجلس المستشارين يعلن أسماء أعضاء مكتبه ورؤساء اللجان الدائمة    غوتيريش يوصي بتمديد مهمة المينورسو في الصحراء المغربية..    الوطن أولا.. قبل ماذا؟    المنتخب المغربي لكرة القدم يرتقي إلى المرتبة 13 عالميا    مغربيان ضمن الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشرة    علماء يطورون تقنية جديدة لتجنب الجلطات الدموية وتصلب الشرايين    علماء يطورون تقنية جديدة لتجنب الجلطات الدموية وتصلب الشرايين    ديميستورا المنحرف عن الشرعية و التجاوز غير المسبوق لكل القرارات الأممية    النجم حميد السرغيني والمخرج العالمي إدريس الروخ يشاركان بالفيلم السينمائي " الوترة" بالمهرجان الدولي للفيلم بطنجة    أمريكا: مقتل السنوار فرصة لنهاية الحرب    دي ميستورا يطرح على مجلس الأمن الدولي مشروعا لتقسيم الصحراء المغربية    توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة    عبد الرحيم التوراني يكتب من بيروت: في الحروب يقف الموت على الأبواب    المديني: المثقفون العرب في فرنسا يتخوفون من إبداء التضامن مع قطاع غزة    الدولي المغربي رضا بلحيان محط اهتمام مجموعة من الأندية الأوروبية    "جائزة كتارا" للرواية تتوج مغربييْن    مقتل يحيى السنوار.. إسرائيل لم تكن تعرف مكان وجوده    تسجيل أزيد من 42 ألف إصابة بجدري القردة بإفريقيا منذ مطلع 2024    توقيع اتفاقية شراكة لتطوير منطقة صناعية جديدة بالجرف الأصفر بقيمة 1.4 مليار درهم    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الارتفاع    ما الذي بقي أمام الجزائر؟    تحسن الوضعية الهيدرولوجية في 6 أحواض مائية يبشر ببداية جيدة للموسم الفلاحي    دراسة تظهر وجود علاقة بين فصيلة الدم وزيادة خطر الإصابة بالسكتة الدماغية    الهاربون من تندوف.. فيلم مغربي جديد من قصة مؤثرة مستوحاة من الواقع    البرلمان الأوروبي يدخل على خط قرار المحكمة الأوروبية الخاص باتفاقيات الصيد مع المغرب    اكتشاف ‬نفطي ‬ضخم ‬بسواحل ‬الكناري ‬يطرح ‬من ‬جديد ‬مسألة ‬تحديد ‬الحدود ‬البحرية ‬مع ‬المغرب    الشامي: شراكة القطاعين العام والخاص ضرورية لتطوير صناعة السفن بالمغرب    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    نقطة نظام .. النائبة البرلمانية النزهة اباكريم تطرح وضعية المواطنين بدون مأوى بجهة سوس    الملك محمد السادس: المغرب ينتقل من رد الفعل إلى أخذ المبادرة والتحلي بالحزم والاستباقية في ملف الصحراء    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد أسدرم تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علقوه على جدائل نخلة..
نشر في صحراء بريس يوم 25 - 02 - 2018

أخذت الكوابيس المزعجة تراود عبد الصبور في الآونة الأخيرة وتقض عليه مضجعه باستمرار، بل إن تأثيرها تجاوز غرفة النوم إلى حياته الاجتماعية..فأصبح المسكين كثير الشرود، يفكر في أشياء كثيرة وقد لا بفكر في أي شيء..يحس تارة بأنه ضحية لا حول له ولا قوة، يستحق من الاخرين عطفهم و شفقتهم، وتارة أخرى ينتابه شعور بأنه مذنب قد لا يكتفي بإلحاق الأذى بمن حوله بقدرما يمكن أن يلحق الأذى حتى بنفسه... حاول الطبيب النفسي تشخيص حالة المسكين عبد الصبور – نشير إلى أن إقحام الطبيب النفسي في قصة عبد الصبور هو من قبيل الافتراض و التخيل، وإلا فإن عبد الصبور لا يتبقى له من المال ما ينفقه على مثل هذا النوع من الترف-...و بعد جهد كبير واستدراج عبد الصبور بأسئلة متشعبة، وضع الطبيب البارع أصبعه على عين الداء...لكن نظراته الحاقدة لم تكن مطمئنة لعبد الصبور الذي أخذ ينتظر ما سيتفوه به الرجل الأبيض..."من حسن حظك أنك مازلت تمتلك قدرا ضئيلا من الضمير، يكابد ليشعل، بين الفينة والأخرى، ضوءا أحمرا خافتا يصدر من أعماق لا شعورك "..."مالذي تعنيه يا سيدي؟! أنا لا أفهم شيئا مما تقول"..."طبعا أمثالك لم يهيؤوا ليفهموا ويستوعبوا ويسهموا في عمارة الأرض، ولكنهم وجدوا لكي يفسدوا ويدمروا ما يبنيه الآخرون"...أعاد عبد الصبور النظر من حوله ليتأكد من أنه يتواجد في عيادة طبيب وليس في مخفر للشرطة..."هل تقصد يا سيدي أنني قتلت أحدا مثلا؟!.. أو اختلست أموالا طائلة أو ماشابه ذلك؟"..."ليتك فعلت مثل هذه الأمور التي يسامحك عليها الزمن، ولكنك أجهزت على أجيال برمتها، أفسدت نفوسها ودمرت عقولها وحكمت على مستقبلها بالإفلاس"..."لكنني يا سيدي القاضي، عفوا يا سيدي الطبيب، لم أمتهن في حياتي سياسة، ولا انضممت لحزب أو منظمة، بل حتى إنني كنت أختار الحياد دائما فلا أفضل متنافسا على آخر، ولا أدعم أحدا في صناديق الانتخابات!...فكيف تحملني تبعات إخفاق أجيال بكاملها؟!"..."لقد كنت ترتكب جرائمك بدهاء وفي صمت، في مكان ضيق ومظلم، ثم تغسل يديك الملطختين بالطباشير بعد كل جريمة لتعود أدراجك إلى بيتك القذر، وتتفرغ لالتهام أطباق العدس واحتساء كؤوس الشاي الساخنة ومشاهدة التلفاز وكأن شيئا لم يكن!...لم تكن تعد دروسك بعناية وحماس، ولم تكن تتابع تكوينا علميا يؤهلك لتطوير قدراتك وأدائك، ولم تجرؤ على استثمار التكنولوجيا الحديثة لمساعدة متعلميك على تجاوز تعثراتهم، ولم تتطوع لمصاحبتهم- نقصد المعنى الاصطلاحي وليس المعنى الدارج – لتتمكن من الاطلاع على خباياهم ومشاكلهم فتفكر وتشتغل على حلها، ولم تتطوع لتقدم لهم دروسا ودعما بالمجان كما يفعل أمثالنا من الشرفاء والغيورين، ولم تملك من الشجاعة ما يسمح لك بكتابة تقارير دورية تصف فيها أزمة القرن التي سببتها لمتعلميك، فترسلها إلى من يهمهم الأمر من سادتك ورؤسائك...وفوق هذا وذاك لم تكن قدوة لأولئك الصغار، فتلتزم بارتداء وزرة ناصعة البياض، يسر لونها الناظرين، كما أفعل أنا كلما ولجت عيادتي، ولم تكن قدوة في الالتزام بحضور حصصك في الأوقات المحددة، ولا في المكوث في قاعة الدرس وعدم مغادرتها إلا بعد استنفاذ الوقت المحدد...أما التغيبات التي برعت في اختلاق مبرراتها فهي أكثر من أن تعد و تحصى!...ومع ذلك تخرج علينا، بوقاحتك المعهودة، في كل مرة تهتف بأعلى صوتك، مطالبا حكوماتك المحترمة بأن تضخ المزيد والمزيد في أجرتك، التي لا تستحق حتى عشرها، لتمرغ صورة بلادك أمام العالم وتشوه سمعتها أمام المنظمات التي لا تكف عن السخرية والاستهزاء بنا...أليست القرائن تشير كلها إلى أنك مجرم خطير..بل إنك أخطر مجرم في المجتمع؟!"..فتح عبد الصبور فاه مصدوما ومندهشا.." وهل تصدق أيها الطبيب مثل هذه الخزعبلات التي تنسجها مخيلات عناكب لم تعتد الخروج من بيوتها المكيفة، والتي لا تستقي معلوماتها إلا من مخبرين سيئي السمعة لا يجدون، في كل مرة، حائطا أقصر من حائط عبد الصبور للقفز عليه و تلطيخه بقذاراتهم؟!...هل تعتقد أن ما يسمونه مذكرات تنقل حقيقة ما يجري في واقعنا المرير أم أنها تعمل جاهدة على تغطية بصمات الجناة الحقيقيين وإخفاء أثر جرائمهم؟...قد أكون مغفلا و ساذجا، وقد تستغلني العناكب لتحقيق أغراضها ومآربها...ولكنني لم أكن يوما مجرما عن سبق إصرار و ترصد!"...أخرج الطبيب، مزمجرا وغاضبا، مطرقته من الدرج و ضرب بها مكتبه بقوة و انفعال: "أصمت أيها المتحايل اللئيم، لن تنطلي علينا حيلك بعد هذه اللحظة.. تريدني أن أكذب تقارير حكوماتنا الموقرة، وأكذب اللاشعور الذي أكن له كل الاحترام، لأصدق كاذبا ومجرما مثلك؟!"...لقد دفعتني الآن لأن أرمي بقسم أبقراط في سلة المهملات...وبدلا من أطلب لك العلاج، سأطلب لك أقسى العقوبات...لعلها تشفي غليلنا منك ومن أمثالك"...ثم ضغط على زر في مكتبه..."قوموا بتصفيد هذا الوغد حتى ننظر في عقوبته"...
جلس الناس مذعورين في بيوتهم يتابعون شاشات التلفاز وهي تنقل لهم تفاصيل القبض على المجرم عبد الصبور، وصوره وهو مكبل في الأغلال في داخل قفص حديدي مهترئ مخصص لحبس النمور والحيوانات المفترسة...يقول القاضي المكلف بالتحقيق في قضية عبد الصبور، و هو يخاطب حشدا من الصحفيين والفضوليين: "..لا يجب أن نتسرع في الأحكام...القضية في بدايتها، وعبد الصبور مازال في نظرنا مجرما حتى يثبت لنا العكس، و لن يتمكن من فعل ذلك...لحسن الحظ لم يجرؤ أحد من المحامين على التطوع للدفاع عنه، رغم أننا، وعلى غير المعتاد، لم نهدد أحدا أو نلوح بحرمانه من المعونات...وهذا مكسب لديموقراطيتنا...لجان اليقظة والمحاسبة تبحث الآن عن خلايا نائمة أو شبه نائمة يمكن أن تكون على صلة بعبد الصبور...بالنسبة للحكم..مازالت لجنة القضاة المكلفة بهذه القضية تبحث في طريقة إعدام عبد الصبور...هل سنرميه بالرصاص...أو نرميه من فوق ناطحة سحاب...أو يكون الرمي في فوهة بركان ثائر...هناك طبعا إمكانية لمدارسة ظروف التخفيف...كأن يشنق ثم يعلق على جدائل نخلة...شكرا لكم"

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.