بقلم : نجاة حمص عندما كنت صغيرة,وحتى في مراهقتي,لما كنت اسمع "نار يا حبيبي نار",وأتفحص ملامح العندليب الأسمر وهو يحكي عن الحب والغرام,عن سهر الليل وجفا النوم,كنت أظن أن الألم الذي يشعر به العشاق كالألم الذي تشعر به الواحدة منا كل شهر,بحكم انه أقسى ما كنت أتخيل من الم,أو ربما هو كذلك المغص الذي يعقب خلطة طعام غير محسوبة العواقب.. كنت أظن كيا أيها الراقدون تحت الأرض, أن عذاب الحب بسبب أخلاق المحبوبة وشخصيتها,بسبب ابتسامتها أو صوتها,لم أكن اعرف أن ذلك العذاب هو بسبب "التيستوستيرون" أو "الأدرينالين" على أحسن تقدير,وان السهر ليس لحمى ومرض,وإنما لارتفاع صبيب قلة الأدب والرغبة في "الاحيه".. أما الحب فلا يتوهج جمره في قلب الحبيب بسبب أخلاق ولا شخصية,وإنما لما وقعت عليه العين و وقر في القلب من تضاريس جغرافية,ومعالم أثرية,وكلما ازدادت الكتلة ازداد تدفق الحب التيستوستيروني,وكلما ازداد هذا الأخير تأججت نيران الشوق والهوى.. كنت أظن أن الفراق الذي يتحدثون عنه يكون فعلا بسبب "العزال",الغيرة,لكن عرفت أن ما قد يحدث من فراق يصدع لنا به المغني الرجل رؤوسنا, بعدما فارقته حبيبته وغدرته,لأنها لمست منه عدم الجدية,وحب غير مفهوم ل"التشعبط" في النوافذ,لذلك ركلته ليقع على جذور رقبته,وفضلت من دخل البيت من الباب,وقدم الغالي والنفيس لأسرتها مقابل يدها,التي لوحت بها لحبيب الكرتون وللحب واللي يجي منه.. كنت أظن أن سبب الم المغنية التي تغني عن الهجر والبعاد,هو الزمن والظروف,الذين فارقا قلبها عن قلب حبيبها,الذي يبتعد بخطى بطيئة,ومن حين إلى حين يستدير إليها بعيون تقطع اشد القلوب صلابة وصلادة,لكني عرفت أن ما قد يبعد رجل عربي عن حبيبته,هو رفضها فكرة أنها زوجته دون وثائق قانونية,وعدم تمكينه من التعبير عن حبه,لذلك يعلن حفظه الله عن هدم كل ما كان وسيكون,ويبتعد بخطوات ثقيلة وكل مرة ينظر إليها لعلها تلين,لعلها تتحدى العالم وتحارب من اجله,فتسمح له بقبلة,بلمسة, بثمرة حب يتركها لها ثم يحمل خفيه ويختفي,حتى إذا أصرت على موقفها,بكى جمودها,رماها بعتاب,بنظرات مستعطفة,سرعان ما يتحول كل ذلك إلى سب وشتم زنقوي,وبعدها يتبخر كأن لم يكن .. عندما كانت تسقط أوراق الفتاة فتنحني لتجمعها,وتصادف أعين شاب انحنى بدوره ليساعدها,تبتسم له فيبتسم لها,كنت أظن أنها وهي تمرر يدها على شعرها وتعدل شكلها باحثة في أعينه عن جواب "أأعجبتك",انه يبتسم شاردا منبهرا في جمالها,لكنه عادة ما كان في إثناء ذلك يبحث عن سبيل لتذوقها,ويتخيل ما خفي بعد عوامل التعرية.. كنت أظن وأنا أشاهد أفلام الأبيض والأسود,وابكي متأثرة بعد زواج البطل والبطلة,أن هذه هي نهاية الحكاية,خاصة صباح اليوم الموالي للزفاف,بعدما نال صاحبنا ما صد عنه طويلا,ومنع منه من قبل,لكني عادة ما كنت اصدم عندما تظهر امرأة أخرى,ربما اقل جمالا وفتنة من الأولى,ورغم ذلك تسقط سنبل أغا على "قفاه"..