"رايان إير" تدشن خطا جويا جديدا بين مانشستر والرباط    المغرب والكاميرون يعززان التعاون العسكري باتفاق جديد يشمل تدريبات مشتركة    تركيا.. مظاهرات عارمة احتجاجا على اعتقال رئيس بلدية إسطنبول    مدرب إسبانيا لا يرى أي مشكلة بصوم لامين جمال    استقرار العلاقات الاقتصادية بين بكين وواشنطن سيفيد الشركات في جميع أنحاء العالم (مسؤول صيني)    نيويورك.. هلال يدعو إلى جعل الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل    الصين تكشف عن تدابير جديدة لضمان تكافؤ الفرص في السوق    أمطار مرتقبة في توقعات طقس الخميس    ‬المغرب يلجأ للدفاع الدولي ضد "رسوم أوروبية" لصون حقوق المُصدرين    المؤسسة الإعلامية " موروكو ميديا نيوز" وشركائها توجوا الفائزين والفائزات في تجويد وترتيل القرآن الكريم بأكادير    السعودية تفرض على الحجاج الجزائريين تقييم نفسي إجباري    المدير الإقليمي للتجهيز ينذر بعض المقاهي الشاطئية بالجديدة : التسوية القانونية أو اللجوء إلى القضاء لإخلاء الملك العمومي    إدانة انتهاكات حقوق النساء بتندوف من قلب الأمم المتحدة بنيويورك    الحسابات الفلكية تعلن موعد عيد الفطر في المغرب!    أنفوغرافيك | من ضمنهم الزفزافي.. 11 بطل للديمقراطية حول العالم    المنتخب الوطني يختتم استعداداته قبل مواجهة النيجر وتنزانيا في وجدة (فيديو وصور)    البيضاء.. توقيف شخص يشتبه تورطه في عرقلة السير بالشارع العام وتعريض مستعملي الطريق للخطر    65% من الفرنسيين يرون أن فرنسا تفتقر إلى الشجاعة والصرامة في التعامل مع النظام الجزائري    سعيد الليث: أزيد من 33 ألف أسرة استكملت بناء وتأهيل منازلها المتضررة من زلزال الحوز    رئيس مجلس السلم والأمن بالاتحاد الإفريقي: المغرب يترأس اجتماعًا وزاريًا حول تأثير الذكاء الاصطناعي على السلم والأمن والحكامة في إفريقيا    تحذيرات من تسريب بيانات بطاقات بنكية مغربية على الشبكة المظلمة    ندوة تتناول الزراعة بإقليم الناظور    أوريد: أزمة السياسة "ليست مغربية".. والشعبوية متحور عن الفاشية    وزارة التجهيز تكشف حقيقة تصدع سد بوعاصم بالحسيمة.. لا وجود لمخاطر على السلامة بعد المعاينة    الكاف يعلن مواعيد مباريات ربع نهائي دوري أبطال إفريقيا وكأس الكونفدرالية    الحكومة تسعى لتخفيض عجز الميزانية في السنوات الثلاث المقبلة على خلفية الحد من المديونية    خفض سعر الفائدة في 20 مارس    توقعات الحكومة.. نمو اقتصادي بنسبة 4.1% وتضخم 2% في 2026    السجن المحلي تامسنا .. انطلاق برنامج الفرصة الثانية الجيل الجديد    ‬الحكومة والهروب الكبير    حفرة عملاقة تتشكل وسط الطريق الرابطة بين أكادير وإنزكان (صور)    محكمة هامبورغ العليا تقضي بتسليم محمد بودريقة إلى المغرب    نشرة إنذارية: هبات رياح قوية مع تطاير الغبار مرتقبة غدا الخميس بعدد من أقاليم المملكة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس.. أمطار وزخات مع رعد بمنطقة طنجة    الأمن الإيطالي يحقق في واقعة تهريب رضيعة من طنجة    ارتفاع قياسي في مفرغات الأسماك بميناء الجبهة بنسبة 73% مع نهاية فبراير    عمرو خالد: هكذا يمكن تفادي الصراع والصدام واللجوء إلى الحوار والوئام    قناع الغرب.. البروتوكولات المضللة -17- آلاستَير بونيت: الغرب الأبيض!    خالد بن الصغير يترجم «يهود الامبراطورية السفراد»    أخبار الساحة    الإسكندر في المغرب    تماسك المغرب الجديد    فرنسا ترد بتدابير متدرجة على الجزائر    "رمضانيات الأحرار" بأكادير… أمسية روحية مميزة احتفاء باليوم العالمي للمرأة    هيئات نقابية وسياسية مغربية تستنكر عودة الكيان الصهيوني لسفك دماء الفلسطينيين وتطالب بوقف التطبيع    استئصال اللوزتين يحمي الأطفال من اضطرابات التنفس أثناء النوم (دراسة)    الدراما المغربية بين النمطية والإنتاج القصير: هل حان الوقت للتغيير؟…ناقد فني يجيب "رسالة 24"    مراكش الحمرَاء التاريخ فى سكُون    اليوم العالمي للشخير    جامعة الكرة تصادق على تعديلات جديدة.. عقوبات لتخريب الفار وارتكاب الشغب    تعرف إلى أغلى 8 لاعبين في المنتخب المغربي … وضمنهم حكيمي … ودياز    حِكم حَلاجِية..    عمرو خالد: جفاف القلوب أسوأ من شح الجيوب.. وهكذا يمتلئ خزان الحب    اضطرابات النوم في رمضان: البحث عن التوازن بين الصيام والراحة    الشيخ أبو إسحاق الحويني يرحل إلى دار البقاء    دراسة جديدة تربط بين الطقس الحار وأمراض القلب في أستراليا    شهر رمضان في أجواء البادية المغربية.. على إيقاع شروق الشمس وغروبها    لا أيمان لمن لا أمانة له ...    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عدالة البيجيدي العرجاء!
نشر في صحراء بريس يوم 29 - 11 - 2016

مرة أخرى يتضح أن "البيجيدي" ماض في تغلغله نحو الاستيلاء على أهم مفاصل السلطة بالبلاد، وكشف قياديوه عن حجم الغل الذي يغل عقولهم ويستوطن قلوبهم، حيال غير المقربين والمنتمين ل"جامعهم السياسي"، أو أحد أذرعه الدعوية أو النقابية أو الطلابية، ولمخالفيهم الرأي أينما تواجدوا. فهذا أحد صقورهم مصطفى الرميد، وزير "العدل والحريات" في الحكومة المنتهية ولايتها، يأبى إلا أن يستمر في ملاحقة قاضي الرأي المعزول: الدكتور محمد الهيني، إذ بعد أن نصب له المشنقة الأولى وأعدمه في مرحلة سابقة، عاد لشنقه ثانية في مدينة الحمامة البيضاء، بمجرد ما علم أن هناك هيئة محامين تحاول إحياءه من جديد، متجاوزا قرارات المجلس الدستوري واجتهادات محكمة النقض...
فيوم الأربعاء 23 نونبر 2016، سيظل بمثابة جرح غائر ينزف دما وقيحا في ذاكرة المغاربة، شاهدا على مذبحة الديمقراطية وبؤس العدالة في عهد حكومة ابن كيران "الإسلامية"، حيث نزل الخبر كالصاعقة على الرؤوس يحمل نعي الأستاذ الهيني، بعد نطق استئنافية تطوان بحكمها الرافض لتسجيله ضمن هيئة المحامين، التي سبق لها الإعلان عن قبول عضويته في صفوفها بالمدينة ذاتها.
ويأتي هذا الحكم الصادم والجائر، بناء على طعن تقدم به بإيعاز من وزير العدل، الوكيل العام لدى نفس المحكمة، مبررا قراره بكون المعني بالأمر غير مستوف للشروط النظامية، بدعوى صدور عقوبة العزل في حقه، من طرف المجلس الأعلى للقضاء، وهي عقوبة تأديبية تحول دون السماح له بمزاولة مهنة المحاماة.
وغير خاف على المهتمين بالشأن القضائي أن الأستاذ محمد الهيني، سبق له أن تعرض لعقوبة العزل من سلك القضاء في مطلع شهر فبراير 2016، ليس بسبب انتماء سياسي أو نقابي أو فساد مالي أو أخلاقي أو إخلال بقيم النزاهة واستغلال النفوذ أو النصب، ولا لإفشاء سر مهني أو خوضه في قرارات وأحكام قضائية أو تعبير عن رأيه حول قضايا مازالت رائجة... وإنما جريمته "الشنعاء" أنه حكم بما يرضي الله ووفق ما أملاه عليه ضميره المهني الحر، لصالح معطلي "محضر 20 يوليوز" ضد رئيس الحكومة ابن كيران، وآمن بمقتضيات دستور 2011، وبما ورد في الحديث النبوي الشريف: "من اجتهد ولم يصب له أجر واحد، ومن اجتهد وأصاب فله أجران". فكانت كتاباته وخاصة منها انتقاداته لمشروع "إصلاح العدالة" التي فجرت بركان الحقد عليه، لا تندرج في ما يتعارض مع معايير الدولة وروح الدستور، بل ساهمت في إثراء النقاش حول مجموعة من القضايا القانونية واستقلال القضاء، علما أن المواثيق الدولية تمنح الأشخاص بمن فيهم القضاة الحق في حرية الرأي والتعبير، شريطة الحفاظ على هيبتهم ووقارهم ونزاهتهم.
بيد أن "سعادة" وزير العدل وما تبقى من حريات، لم يستسغ حكم الهيني لصالح "المحضريين"، الذين أصر ابن كيران على حرمانهم من التوظيف المباشر ما لم يشاركوا في إجراء مباريات التوظيف، بدعوى أن الدستور ينص على مبدأ المباراة مقابل التوظيف، ضاربا عرض الحائط باستمرارية الدولة. فقد رأى فيه تمردا وعصيانا، ومن ثم راح يترصده في حركاته وسكناته إلى أن وجد الفرصة مواتية للانقضاض عليه بنقله إلى استئنافية القنيطرة، إثر تدوينة له بصفحته على "الفايسبوك" تنتقد مدير مركزي من الموالين، ولما لم يفلح في إخراسه أوعز بطرق خفية وملتوية إلى رؤساء الفرق البرلمانية لأحزاب الأغلبية الحكومية، بتقديم شكاية ضده، يقولون فيها بأنه أسهب في الإساءة إليهم وممثلي الأمة، وأنه يكيل لهم الاتهامات والأحكام القيمية عن سبق إصرار وترصد... مما أدى إلى توقيفه ثم عرضه على أنظار المجلس الأعلى للقضاء بتهم "خرق واجب التحفظ واتخاذ مواقف ذات صبغة سياسية"، ليتخذ في حقه قرار العزل.
فهل يا ترى بمثل هذه النزعة الانتقامية، التي أبان عنها وزير "العدل" ضد الهيني وكل من سبقوه، من الذين أرادوا الدفاع عن جسم القضاء وجهروا بآرائهم رافضين الخنوع والتبعية، في تصفية حساباته ومحاولة ترهيب القضاة وتهجينهم، والإجهاز على حرية الرأي والتعبير وضرب المحاكمة العادلة، يمكن إصلاح العدالة وتحقيق استقلالية القضاء؟ ثم بالله عليكم، أليس من الظلم والبغي، أن يركز "البيجيديون" خطابهم على الاستقامة والنزاهة والمعقول والانتصار للفقراء والمظلومين، فيما ممارساتهم تأتي مناقضة لما يدعونه واعتمادهم الكيل بمكيالين؟ فما معنى أن يؤدي الفقراء فاتورة الاختلالات القائمة، عبر ضرب قدرتهم الشرائية وتجميد الأجور، و"إصلاح" صناديق التقاعد المنهوبة على حساب الأجراء والموظفين، ومعاقبة النزهاء والأشراف الحقيقيين من قضاة وغيرهم، بينما ينفخ في تعويضات البرلمانيين وأجور الموظفين السامين ويتمتع كبار اللصوص والمفسدين والمرتشين ومهربي المال العام... بالعفو تحت شعار "عفا الله عما سلف"؟
ولأن محمد الهيني يؤمن إلى جانب المواطنين الأحرار بعدالة قضيته، ويعي جيدا أن معركة استقلال القضاء طويلة وشاقة، فإنه يؤكد على أنهم مهما حاولوا تجويعه وتكميم فمه، سيظل صامدا غير مبال بضربات القهر والغدر، ولن يتوقف عن النضال إلى أن يتحقق النصر. أليس هو القائل: "شبعنا في أفكارنا ومبادئنا وليس في بطوننا"؟
إن محنة هذا الرجل النقي لم تعد تخصه وحده وأسرته، بل هي محنة كل ذوي الضمائر الحية، المناصرين له والمتضامنين معه، الرافضين بقوة هذه الجريمة القضائية النكراء، وكل أشكال التضييق على الحريات وانتهاك حقوق الإنسان، وأملهم كبير في تدخل ملك البلاد لرفع هذا الظلم وإحقاق العدالة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.