بدأت المعالم الأولى لخريطة التنافس السياسي على المقعدين البرلمانيين لإقليم أيت باعمران تتضح يوم بعد أخر، ولعل أولى المفاجآت التي ظهرت مؤخرا هي إعلان المرشح الجديد/القديم مبارك بطاح نزوله مجدد إلى ساحة معركة التنافس حاملا الكتاب، كتاب التقدم و الاشتراكية، وهو الذي كان وفيا لركوب حصان الاتحاد الدستوري أكثر من مرة دون أن يركض به بما يكفي من السرعة لبلوغ مقدمة خط النهاية، بطاح الذي بدأ يتحرك مؤخرا على أكثر من مستوى حاملا كتابه الذي لا ندري بعد محتواه، قد يخلق المفاجئة خاصة وأن كتائب شبابية اصطفت الى جانبه وترى في مساندته بمثابة تكريم لرجل الأعمال الباعمراني الذي سالت لعابه أكثر من مرة لبلوغ قبة البرلمان دون جدوى. أما الوجه القديم لحزب الجرار محمد أبودرار أصر مرة أخرى على خوض الغمار بغية الحفاظ على مقعده، بالرغم من معرفته المسبقة أن لا أحد منذ 1969 الى الان أعاد الكرة مرتين بالإقليم ونجح، فأبودرار يراهن على قوة العجلات الضخمة للجرار وطنيا، للحظور بنفس االقوة بإقليم أيت باعمران، بالرغم من كثرة الانتقادات التي تلقاها الحاج من قبل الأصدقاء الباميين قبل الأعداء، خاصة ما سموه ببيروقراطية تسيير الحزب محليا، حتى وإن كانت بعض تدخلاته البرلمانية قد لاقت استحسان البعض واعتبرها البعض عادية، بينما يعاب على أبودرار عدم قدرته على فتح القنوات مع المستثمرين للإستثمار بإيقني على اعتبار كونه من طبقة الباطرونا المغربية. الوافد الجديد والذي نزل من التراكتور في وقت سابق، عاد ليلبس قميص أبيه السياسي جبهة القوى الديمقراطية امتداد الحزب الشيوعي المغربي الذي نظر له بول باسكون وتلميذه التهامي الخياري بالحوز، إنه إبن البرلماني السابق لحسن جوان عن ولاية 97/2002، الشاب سعيد جوان المقاول والخبير في الاقتصاد يراهن على كسب ود إمتداد قبائل ايت باعمران ولاخصاص حاملا في يده غصن زيتونة، واستثمار خبراته في مجال المقاولة، و تظهر كثافة تحركاته الأخيرة في الإقليم أنه يسعى لجلب متعاطفين كثر من الشباب الغاضبين من الوجوه المألوفة في اللعبة، وقد يخلخل هدا الشاب بعض أرقام المعادلة ومن يدري قد يكون ذلك في صالحه خاصة وأنه له رصيد ثقافي محترم، وكونه كذلك سيصطدم بشاب اخر، وهو الرقم الصعب في معادلة انتخابات البرلمان بايت باعمران، والذي يحظى بدعم قوي من أخيه دينامو الإتحاد الإشتراكي جنوب المغرب وعضو مكتبه السياسي عبد الوهاب بلفقيه، إنه لحسن بلفقيه خلفا لمحمد بلفقيه الذي تولى رئاسة بلدية أكلميم. لحسن بلفقيه ظهر بقوة خلال انتخابات الغرف المهنية والانتخابات الجماعية بجهة أكلميم وادنون و بشكل بارز خلال صراع الحمامة والوردة. فحزب بلفقيه وإن تلقى بعض الضربات الخفيفة من المقربين منه خصوصا ربان مركبة مجلسي إقليمي أيفني وأكلميم، فإن ذلك لم يتني الوردة عن الظهور بقوتها المعهودة في إقليم أيت باعمران عبر تجييش مناصريها الكثر، فبالرغم من أخطاء عبد الوهاب المتكررة في اختيار الرجل المناسب في المكان المناسب وهو أبرز ما يعاب عليه، غير أن قوته الترافعية والتفاوضية ودهاءه السياسي حاضر بقوة للحفاظ على مقعده، فهل يكون اختيار لحسن بلفقيه أمرا موفقا. الذئاب الملتحية اختارت هذه المرة عنصرا نسويا لا امتداد قبلي له في الإقليم ولا حضور له في معادلة التحركات والتجاذبات السياسية هناك، إنها البوجادية أمينة ماء العينين، وذلك لمعرفة البيجدي المسبقة بأنه ضعيف بأيت باعمران، ولا امتداد دعوي ولا ايديولوجي له بهذا المجال، بل ووجد نفسه ما من مرة أمام مدفعية شباب المنطقة الذي طالما وجه انتقادات لاذعة لمسؤوليه الوطنيين والمحليين على خطواتهم العشوائية ومواقفهم المتذبذبة، وزادت فضائح قياداته التي طفت على الساحة السياسية مؤخرا من فقدان الثقة في هذا الحزب، ولا يستبعد حسب محللين أن يكون ترشيح أمينة ماءالعينين برغبة صقور الحزب في احراق هاته الورقة المزعجة بصفة نهائية من داخل الحزب قبل خارجه، حيث نتذكر قول بن كيران لها ذات مرة لا تندفعي أكثر يجب أن تحسب خطواتك أبنتي. أما وريث الحركة الوطنية حزب الإستقلال الذي لم يحدد بعد مرشحه الرسمي بايت باعمران، غير أن المؤكد وجود حرب حامية الوطيس وصراع خفي وقوي بين أحد صقور الحزب المستاوي البشير التلمودي عضو المجلس الوطني للحزب، واليد اليمني للحاج علي قيوح ما وراء وادي "أدودو"، والصبايو عبد الرحمان الراجي الحديث العهد بالبيت الإستقلالي، عكس التلمودي الذي جرب الميزان وخسره أكثر من مرة، فصراع الرجلين حول التزكية يصاحبه في ذهنيه مريدي الشيخين الصراع التاريخي بين قبيلتي اصبويا وامستتن، كما أن رئاسة التلمودي لجماعة امستتن في الولاية السابقة سيرخي بضلاله على رغبته في الترشح، خاصة وأن سمعته هناك عرفت الصعود والهبوط مما سيكون له تأثير في الحصول على تزكية الميزان، وهما معا عضوان بالمجلس الأقليمي لإيفني وهو مؤشر حسابات أخرى. جفاف هذا العام لم يكن له أي تأثير على السنبلة الحركية التي عادها المحامي خير الدين إلى السوق الانتخابية بأيت باعمران، وهو رقم سيكون حاضر بقوة في العادلة خاصة وأنه من الضفة الأخرى قبيلة امجاض التي تضم كثافة سكانية مهمة ومؤثرة في الحسابات، و يسعى خير الدين العزف على وثر ضرورة وجود برلماني تلك المناطق رغبة في تغيير خريطة المثيل السياسي الذي تسيطر عليه أيت باعمران، ولكن امتداد الحركة في تلك الجبال جد ضعيف منذ اعتزال الزايغ المحجوبي احرضان اللعب السياسي، واشتعال حروب داخلية كثيرة زمن امحند العنصر. بالفعل غردت الحمامة في وادنون بصعوبة أمام الألة البلفقيهية، وهو الصراع التاريخي الذي سيخيم على اقليم أيت باعمران بين الحمامة والوردة، ذلك أن ترشح الشاب الاعلاوي مصطفى بيتاس باسم التجمع الوطني للأحرار سيضعه أمام محك حقيقي لاختبار قدراته وخبرته المكتسبة بديوان وزير الفلاحة الملياردير السوسي عزيز اخنوش، الذي لن يترشح كونه جوكير احتياطي للدولة لتكوين حكومة ائتلاف وطني في حالة عدم توافق الأحزاب في تشكيلها. بيتاس هو من الشباب الباعمراني الذي استطاع في زمن قياسي اختصار مسافات الممارسة السياسية من داخل الأحرار، كما سيواجه هذا الشاب انتقادات تواجد الحزب في التحالف الحكومي البنكيراني مما سيضعه أمام مطرقة وسندان الدفاع عن برنامجه السياسي. وبين كل هاته التيارات السياسية المتنافسة على طرق أبواب قبة البرلمان، يرى في الأفق بوادر تشكل خط ثالث أو اختيار ثالث، وهو تيار مستقل يتكون من حقوقيين اعلاميين معطلين أساتذة طلبة وباحثين ولم يعلن بعد عن نفسه بشكل علني، لكنه علم أنه فتح نقاشات داخليا بين دعاته حول كيفية تذبير المرحلة، أيا اختار التزام الصمت وعدم التعبير عن أي موقف وتكثيف العمل لتحضير نفسه كبديل مستقبلي، أم الأصطفاف الى جانب قوة سياسية صد أخرى؟ وكيف له بأختيار ذلك، أياختار واحد من ناشطيه لضمه للائحة من اللوائح أم ماذا، إذن هي مهمة صعبة أمام عدم وجود حزب سياسي ينتمون إليه ومقتنعين بخطه السياسي. وأمام كل ما ذكرنا سابقا بخصوص اللاعبين السياسيين بايت باعمران غاب الأمر الهام والأساسي المتمثل في البرامج السياسية، غاب الحديث عن التنمية كأولوية غابت المقترحات و الآراء لمعالجة معضلات أيت باعمران، لتركب مرة اخرى سفينة هشة على أمواج سانتاكروز العاتية، و تدخل في تعداد إقليم موت انتخابي بامتياز الداخل إليه مفقود والخارج منه مولود.