كشفت وثيقة بعث بها المبعوث الشخصي للأمين للأمم المتحدة المكلف بملف الصحراء، كريستوفر روس، إلى الدول المشكلة لمجموعة أصدقاء الصحراء عن رغبة روس في عقد لقاء ثالث غير رسمي بين المغرب وجبهة البوليساريو الانفصالية إذا ما تضافرت جهود الأطراف المعنية ودول الجوار. وقد وجّه كريستوفر روس الرسالة إلى كل من حكومات الولاياتالمتحدةالأمريكية وفرنسا وإسبانيا وروسيا وبريطانيا، بتاريخ 18 يونيو الماضي، تمهيدا لزيارته لهذه الدول، من أجل إيجاد مَخرَج للمأزق الذي توجد فيه المفاوضات بين المغرب والبوليساريو، ومن أجل طلب مساعدتها على هذا الأمر، خاصة بعد فشل اللقاءين غير المباشرين اللذين عُقدا بين الطرفين تحت إشراف أممي، الأول في النمسا، والثاني في الولاياتالمتحدةالأمريكية. وطلب الدبلوماسي الأمريكي كريستوفر روس، الذي عُيِّن كمبعوث شخصي للأمين العام في شهر يناير من العام 2009 خلفا للدبلوماسي الهولندي بيتر فان فالسوم، من المغرب أن يكون متسامحا إزاء النشطاء الصحراويين الذين يدافعون عن الأطروحات الانفصالية، وقال في هذا الصدد: «اقترحت منذ تعييني على المحاورين المغاربة أنه إذا أرادوا أن تقبل جبهة البوليساريو بمقترَح الحكم الذاتي أن يُظهروا حسن نواياهم ويكونوا متسامحين مع النشطاء الصحراويين»، الذين يدافعون عن أطروحات البوليساريو الانفصالية. غير أن كريستوفر روس لم يطلب ولا يبدو أنه يفرض على الطرف الآخر، أي الجزائر والبوليساريو، أن يسمح لخيارات أخرى غير الاستقلال أن تناقَش داخل مخيمات تندوف، مثل خيار الحكم الذاتي الذي دعا إليه المغرب لحل نزاع الصحراء، أو أن يعبر الصحراويون داخل تلك المخيمات عن آرائهم بكل حرية. فعائلة المسؤول الأمني السامي في جهاز أمن البوليساريو، مصطفى سلمى ولد سيدي مولود، تتعرض للمراقبة والحصار داخل مخيمات تندوف، منذ أن أعلن ابنُها ولد سيدي مولود عن دعمه لخيار الحكم الذاتي المغربي، خلال ندوة صحافية عقدها مؤخرا في السمارة، وتصريحه بأنه عائد إلى المخيمات من أجل الدفاع عن آرائه. ويعترف كريستوفر روس في هذه الوثيقة بأن دور الجزائر حاسم في المفاوضات، وهي التي دأب مسؤولوها وقياديوها على التبرؤ من المسؤولية ويتخفون وراء شعار أن الجزائر لا يمكنها أن تفاوض مكان البوليساريو. ودعا كريستوفر روس الجزائرَ إلى ممارسة دور أكبر، من خلال دعم مبادرات بناء الثقة بين الجانبين والتحذير من خطر الجمود الذي تعرفه المفاوضات، ودعاها أيضا إلى القيام بخطوات أخرى، عند الاقتضاء، دون أن يحدد طبيعة تلك الخطوات التي يمكن أن تتخذها الجزائر. يشار إلى أن المغرب اقترح الحل الثالث الموفَّق بين الاندماج الكامل والاستقلال، أي خيار الحكم الذاتي، ويرفض أن تطرح على طاولة النقاش أي مقترح غير مقترَح الحكم الذاتي، كسبيل وحيد لإيجاد مخرج لنزاع الصحراء، في حين أن جبهة البوليساريو، مدعومة من الجزائر، ما زالت مستمرة في التمسك بخيار الاستفتاء الذي أبانت التجربة أنه مستحيل التطبيق، في ظل عدم الاتفاق على تحديد هوية الصحراويين الذين تحق لهم المشاركة في الاستفتاء.