حرصنا في "صحراء بريس" في إطار مهمتنا الاعلامية المتمثلة في كشف الحقيقة،وتعزيز الوعي وثقافة الحق لدى ساكنة المنطقة،على نشر تحقيقات صحفية تلامس مواضيع مختلفة في مجالات التعليم ،الصحة والشأن العام... وفي هذا التحقيق المقتضب سنتناول موضوع الوداديات السكنية بالمغرب وسنأخد كليميم نموذجاً نظرا لما بات يعرفه قطاع الوداديات فيها من تلاعب واستهتار وعلى عينك يا تاجر. شهدت المدن المغربية في العقود الأخيرة، توسعا عمرانيا ملحوظا وذلك بفعل النمو الديموغرافي والهجرة القروية واتساع المجال الحضري لهذه المدن ، لتظهر الوداديات و التعاونيات السكنية كآلية عملية لتلبية حاجات سوسيواقتصادية لمواطنين يتوقون للحصول على سكن اجتماعي يحفظ كرامتهم و يكون عنوانا للحق في السكن . وترتبط ظاهرة تناسل هذه الوداديات أساسا بتواجد شريحة اجتماعية واسعة من المغاربة، ذوي الدخل المحدود، الذين يعانون من أزمة سكنية خانقة ويكتوون من نار المضاربات العقارية ووجدوا في الانخراط في هذه الوداديات السكنية أحسن بديل . وأمام هذه الوضعية ، متعت الدولة الوداديات السكنية بعدة امتيازات خاصة على المستوى الضريبي والعقاري والتكوين والتأطير والمساعدة القانونية، وكذلك المراقبة وفض النزاعات بين المنخرطين، وهى عوامل شجعت بالفعل فئات عديدة على الانخراط . إن الظهور المكثف للوداديات السكنية بمدينة كليميم في السنوات الأخيرة لا يترجم بالضرورة نجاح الظاهرة بقدرما تمثل فقط موجة تهافت على ركوبها مجموعة من المتربصين والمفسدين حرصوا على ألا تفوتهم حمى التأسيس، فمنهم من أوصلتهم الموجة إلى بر الأمان ، ومنهم من جرتهم إلى الأعماق، فاختلط عليهم الأمر بين طلب النجدة أو الهروب إلى الأمام في محاولات يائسة للتملص من المساءلة. وهكذا بات قطاع الوداديات السكنية بكليميم يعيش أزمة حادة تنذر بالسكتة القلبية، مما يدفعنا إلى طرح الأسئلة التالية : هل الوداديات السكنية لا تخضع لأية مراقبة من طرف الدولة؟ فكيف يعقل أن ا لقانون المنظم للحريات العامة ينص على أن العمل في الوداديات والجمعيات لايهدف إلى تحقيق الربح والواقع أن بعض الأعضاء المسيرين لمكاتب بعض الوداديات(فيدرالية الرك الاصفر-بوخيام-،ودادية النخيل-جرير- ،المجيدري - الزاكي قرب الكورنيش ،وعبد الوهاب بلفقيه - برد الليل في النسيمي ...) قد أصبحوا في فترة وجيزة من أصحاب الملايين والملايير ؟ أفلا تعتبر استفادة أعضاء المكتب المسير لبعض الوداديات السكنية مجانا من البقع الأرضية الممتازة الموجودة على أحسن الواجهات تناقضا صارخا مع مبدأ المجانية الذي يعتبر أساس العمل الجمعوي؟ ومتى كان من حق ودادية سكنية استغلال الرصيد المالي من دفعات المنخرطين في وجهات استثمارية بعيدة عن أهداف المشروع الذي من أجله تجمع هذه الأموال ، ومن دون علم المنخرطين ، وتوزيع ريعها فيما بعد بين أعضاء المكتب المسير ؟ ألا تعتبر إذن مثل هذه الأعمال أنشطة تجارية مدرة للأرباح؟ بل وإذا بات هذا الشكل مسموحا به، فما الفائدة من وجود السلطات الوصية على هذا القطاع ومن القانون المنظم لتأسيس مثل هذه الوداديات حتى ؟فمن ياترى يتسترعلى هذا النزيف…؟ دائماً ما توجد ثقوب قانونية يستغلها بدهاء شديد محترفو تأسيس الوداديات السكنية الذين يؤسسون عشرات الوداديات المعفية من الضرائب وغالبا ما يستغل هؤلاء اللوبيات مناصب شغلهم حيث تشتغل أغلبيتهم في مجالات ذات صلة بالعقار كالوكالة الوطنية للمحافظة العقارية ، الوكالات الحضرية ، رؤساء ومستشارون جما عيون، رجال التعليم ، موظفو الجماعات الترابية (جماعات قروية ،حضرية، عمالات ،جهات ) ، وموظفو وزارة العدل الخ… هدفهم الوحيد هو الربح السريع والاسترزاق بأموال المواطنين المتعطشين لاقتناء بقع أرضية والاحتيال والهروب من أداء مستحقات الدولة القانونية. و يتضح أن هذه اللوبيات تستند إلى شبكة داعمة داخل بعض الإدارات و متورطة في تسهيل استغلال المنخرطين دون الالتزام بأدنى أدبيات و أخلاقيات العمل التضامني ودون تحقيق الأهداف الحقيقية المتوخاة من إنشاء هذه الوداديات.(يتبع)