يعتبر الاعتراف المرتقب هذه الأيام للسويد بما يسمى «الجمهورية الصحراوية» المعلنة من طرف البوليساريو بمثابة تجاوز لحرص الاتحاد الأوروبي على اتخاذ قرارات موحدة في القضايا الدولية، وهو ما قد يجر دولا أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل. وهذا الاعتراف يعتبر تتويجا لسياسة بدأتها السويد رفقة دول من أوروبا الشمالية تنحاز إلى البوليساريو وتنتقد المغرب في نزاع الصحراء، كما تؤكد انتقال الاعتراف من البرلمانات إلى الحكومات. ولم يصدر قرار اعتراف السويد بالبوليساريو حتى الآن، إلا أنه قد يصدر بين الحين والآخر. والقرار يحمل تأثيرات سلبية للغاية على الموقف المغربي، بحكم الصورة الإيجابية التي تتمتع بها السويد عالميا كدولة تقف إلى جانب القضايا العادلة. والجديد في اعتراف السويد هو أنه يصدر عن دولة ديمقراطية وغربية، بينما حتى الماضي القريب كانت أغلبية الدول التي تعترف بالبوليساريو غير ديمقراطية ومن العالم الثالث، والبعض منها أقدم على الاعتراف إبان الحرب الباردة. بل ويصدر عن دولة تنتمي إلى الاتحاد الأوروبي، وهذا يعني أن السويد قد كسرت لأول مرة الإجماع الذي كان بين الدول الأعضاء في القرارات الخارجية، وخاصة مع دولة تتمتع بنوع من الاهتمام للاتحاد، وهي دولة المغرب. وسبق للاتحاد الأوروبي أن سمح للكثير من أعضائه الاعتراف بكوسوفو كدولة، لكنه في ملف الصحراء الغربية كان يراهن ويلتزم بدعم قرارات الأممالمتحدة. ونتيجة هذا التطور، قد يدفع قرار السويد بدول أخرى وسط الاتحاد الأوروبي مثل فلندا والدنمارك وأيرلندا علاوة على النرويج غير العضو إلى الاعتراف بالبوليساريو إذا لم يتم التقدم في مسار تقرير المصير. واعتادت هذه الدول التنسيق في مواقفها وتبني مبادرة كل دولة أخرى في القضايا الدولية. وقرار من هذا الحجم يعني تكسير سياسة الإجماع للاتحاد الأوروبي تجاه العلاقات مع المغرب، علما أن هذا التوجه بدأ خلال السنوات الأخيرة عندما تزعمت دول شمال أوروبا، بما فيها بريطانيا، سياسة تعارض تجديد اتفاقية الصيد البحري مع المغرب بسبب مياه الصحراء الغربية والتركيز على حقوق الإنسان. وقد نجحت في هذه السياسة بربط اتفاقية الصيد البحري الأخيرة بحقوق الإنسان وتعويضات مالية للصحراويين. ومن جانب آخر، قرار السويد، الذي لم ينفذ بعد، قد يشكل تشجيعا لدول أخرى قامت برلماناتها بالاعتراف بما يسمى جمهورية الصحراء، وهذه الدول هي البرازيل والتشيلي وإيطاليا في حين هناك محاولات أخرى في دول مثل الدنمارك. ولا يمكن في الوقت الراهن إقدام إيطاليا على الاعتراف بالبوليساريو كدولة، لكن هذه الفرضية حاضرة في حالة البرازيل والتشيلي. وتتعرض البرازيل لضغوطات قوية من طرف برلمانها الذي صادق بالإجماع صيف السنة الماضية على الاعتراف بالبوليساريو. وحتى الأمس القريب كان الصراع بين المغرب والبوليساريو في الواجهة الدبلوماسية منصبا على رهان المغرب على الحكومات، بينما البوليساريو على البرلمانات، ويقع الآن تطور في هذا الشأن بنجاح البوليساريو في إقناع حكومة السويد الاعتراف بها كدولة. وتأتي كل هذه التطورات لتبرز مدى محدودية الدبلوماسية المغربية في فهم واستيعاب التطورات. وتصدر انتقادات قوية من طرف الجالية المغربية في السويد وباقي الدول الاسكندنافية التي تنتقد غياب دبلوماسية الرباط عن هذه المنطقة التي تحولت إلى معقل رئيسي لنشطاء جبهة البوليساريو.