كثيرا ما سمعنا عن حالات يتم ضبطها أثناء امتحانات الباكلوريا ، وأخرى تفصل أو تبعد أو تسجن ، ففي خضم الصراع نحو العالم الجامعي والعالي ، يلجأ التلميذ إلى كل الوسائل المتاحة والممكنة ، والجو العام الإجتماعي والثقافي والتربوي يحدد مستوى المسموح به والممنوع ، فنجد مناطق لا يستطيع التلميذ الالتفات عن يمينه أو شماله ، وفي أخرى يكاد القسم يتحول إلى سوق شعبي لا ينقصه سوى مكبرات الصوت وتداول العملات . في صحرائنا سياسة خاصة ، منتهجة منذ القدم بدعوى خصوصية أقاليمنا الجنوبية ، لكن حق لنا أن نسأل أي خصوصية هذه التي تسمح للتلاميذ باللجوء إلى الأوراق المصغرة " الحروز " والهواتف المحمولة القديمة منها والذكية ، والتواصل مع الأساتذة للتوجيه واخراج الأسئلة لأجل دخول عكسها ، لكن العجيب أن الأسئلة لم تعد تدخل من النافذة كما كان الحال حين كنت في الباكلوريا ، بل صارت الأوراق تدخل من الباب . أتذكر اليوم الأول الذي خضنا فيه امتحانا كبيرا بمعنى ما ، حين كنا في السادس ابتدائي وأثناء الامتحان الموحد ، حصل لي حادث غريب ، والمتمثل في أني كنت أول من انتهى من الإجابة على الأسئلة الخاصة بمادة التربية الإسلامية ، وحين أخبرت الأستاذين المراقبين ، طلب مني أحدهم إحضار الورقة له ثم طلب مني إخراج الزكاة ، إستفسرته عن المقصود ، فأجاب : انظر إلى زملائك وساعد من يواجه صعوبة في الإجابة ؟ وهو الأمر الذي مازال قائما إلى حدود اليوم ، حيث الأساتذة يكتبون الإجابة في السبورة للتلاميذ، ثم نتحدث بعد ذلك عن مدرسة النجاح ؟ في فضاء الفيس بوك ، تداول النشطاء بعض المشاركات العجيبة والغريبة ، ومنها أن أحد تلاميذ الباكلوريا كتب على صفحته في الفيس أنه وجد من يساعده في الغش " النقيل " في الامتحان في كل المواد ولم تبق له سوى مادة واحدة ، يطلب التلميذ العجيب ممن له القدرة على المساعدة الاتصال به ، على أنه سيوفر له التعبئة الكافية والمكان المناسب ويحضر له الاسئلة ؟ العجيب في القصة حسب مشاركات المجتمع المحلي ليس فقط في الحديث عن الغش بل الإعتراف بذلك وربما التفاعل مع الأمر وكأنه حق لا باطل وأصل لا بدعة ، العجيب كذلك أن تختلف مقاربات المتتبعين إلى درجة التناقض وليس الاختلاف المنظوري في الآليات والأدوات ، لكن مهما اختلفت الأقوال فقد حق لكل غيور على الأقاليم الصحراوية أن يسأل : أي جيل يمكن أن ينتجه نظامنا التعليمي في ظل أجواء الريع التربوي والتنميط الثقافي للغش والتعايش معه ورفع شعار " هيا بنا لننجح " ؟ أي كوادر نعدها لمغرب الجهوية الموسعة ؟ وأي أطر ندربها لتحمل مسؤولية التدبير المحلي للشأن الجهوي وايصال رسائل الوحدة ونجاحاتها لكل الأصوات المتحدثة عن مؤامرة المخزن ضد الصحراويين وانتهاجها لسياسة التجهيل والتفقير المعرفي والعلمي والثقافي ؟