بقلم : مولود بوركبة طالب باحث في علم الاجتماع السياسي إن المتتبع للمسار الحافل هذه السنة لعدد كبير ومتتابع للمواسم الدينية ذي الصبغة القبلية والتي يقودها منتخبون سياسيون صحراويين من الوان سياسية مختلفة فهو صراع سياسي ذي غطاء ديني غايته الوصول الى قشدة المجتمع وإبراز قوة المنتخب ضمن قبيلته وحشده وقوته كذلك امام القبائل الأخرى ورسالة الى المخزن على ان النخب سواء التقليدية ام الشابة التي تسعى جاهدة ليكون لها صوت حاسم في المحافل المستقبلية للصحراء . فالصراع برز بشكل واضح بين النخب التقليدية والشابة الطموحة لتغيير واقعها والوصول الى التأثير قي المجتمع و تفعيل دورها السوسيوسياسي داخل مجتمع الصحراء وبين اروقة المخزن لكسب رضاه الذي يعطي الوجاهة ويمنح العطف الملكي الذي يزكي شرعية النخب وقربها من دار المخزن السخية والكريمة . فوين مذكور هي منطقة بمثابة لؤلؤة العقد في الصحراء فهي تجمع بين ضريح يظم صالحين هما سيدي عبد الرحمان التهالي جد التهالات قبيلة الرقيبات ومحمد مولود جد لماليد قبيلة يكوت ) فالمنطقة تنتمي الى ما يسمى جبال زيني بمدينة طانطان هاته الاخيرة التي تحمل دلا لات للتاريخ كونها منطقة عصية التملك , فهي اصل أو مهد الصراع بالصحراء وبالتالي لها حمولة سياسية تاريخية لازالت الساكنة تتحمل نتائجه كون الطنطان دخل التاريخ وخرج من مفهوم التنمية على المستوى الجغرافي لدى الدولة . فوين مذكور اقيم بها موسم ديني ثقافي لقبيلة يكوت كان يتزعمه شاب دو لون سياسي معين بالصحراء استطاع ان يجمع هو الاخر كل اطياف القبائل خاصة التي لها علاقة به والتي تحمل معه نفس التصورات والأهداف والتي تريد بوضوح اخراج النخب التقليدية عن المسار السياسي وحاول هو الاخر ارسال مجموعة من الرسائل الى الدولة والتي حثها على الاعتناء بالمنطقة ورجالاتها. ليقام بعدها موسم قبيلة ازركيين بقصبة ازركيين بالدورة والذي شهد بدوره حضورا مكثفا لكل نخب القبائل خاصة منها الشابة والتقليدية التي لها لون سياسي وود وتعاطف مع ازركيين ,هذا الموسم الذي يرسل بدوره مجموعة من الرسائل منها ماهو مباشر للخصوم السياسيين ومنها ماهو مشفر يخص النخب داخل القبيلة في علاقتها بالدولة .. ليأتي دور موسم اهل الزريبة بمنطقة لمسيد التابعة لبوجدور التحدي , والذي تقوم به سنويا قبيلة اولاد تدرارين الانصار والذي يترأسه هو كذلك شاب دو لون سياسي مخالف للنخب السياسية التقليدية والتي اصبحت مهددة في مكانتها مع الدولة وداخل القبيلة وما النسخة الاخيرة من موسم اهل الزريبة الا تجسيد واضح لمشهد الصراع السياسي بين النخب السياسية الصحراوية الشابة التي تسعى الى اخد زمام كل مبادرة تقربها من دواليب السلطة ورضى المخزن وبين النخب السياسية التقليدية التي تحاول جاهدة بكل الوسائل المحافظة على مكانتها وعرقلة اي تقدم لنخب لا تتماشى مع طموحاتها والتي تؤرقها وتخشى من طموحها الجارف الذي سيطيح بها , ليختم بموسم عبد الرحمان التهالي بمنطقة وين مذكور الذي ترأسه احد ابرز واقوى النخب التقليدية السياسية بالصحراء ليكون بمثابة المشهد الاخير الذي اوضح صورة الصراع السياسي بين النخب الصحراوية و قوتهم لدى قبائلهم وأنصارهم من مختلف القبائل ليرسل هو بدوره رسائل سياسية مشفرة لدولة ورسائل مباشرة للخصوم السياسيين بأن القوة هي للمال والجاه وللولاءات القبلية وان الصراع مفتوح في كل المجالات (سياسي, ديني , ثقافي ..) . عندما نرى الصراع السياسي بين النخب التقليدية وبعض النخب الشابة التي حملت مشعل التغيير , هذا التغيير المبني على تراكمات وعلى اختلاف في الرؤية الاستراتيجية بين النخب التقليدية وآلياتها التي تجاوزها الزمن ومع وقت المكاشفة وانتقاد سياسة الدولة اتجاه المنطقة ككل كونها كرست واقع الريع السياسي والاقتصادي وضيعت معها طاقات شابة ضلت في الظل بعيدة عن غرف التخطيط الاستراتيجي المستقبلي للمنطقة. فالصراع تحول بين النخب السياسية من صراع حول المقاعد النيابية والمحلية والجهوية الى صراع حول من يسير المواسم الدينية والمحافل القبلية , وهذا مرده كلية الى سياسة الدولة اتجاه الزوايا والمواسم الدينية فعن طريقها يمنح المنتخب دو القوة القبلية والحشد الجماهير لبقية القبائل في اعلاء أسهمه اتجاه رضى المخزن وبالطبع الوصول الى السلطة التي هي غاية كل منتخب سياسي سواء اكان شابا ام من النخب التقليدية التي لم تعد كما كانت . فهذا الصراع ليس صراعا قبائيليا بقدر ماهو صراع سياسي بين النخب السياسية الصحراوية فيما بينها بل وداخل القبيلة الواحدة تجد ملامح الصراح بادية بين النخب التقليدية والشابة التي تسعى الى موطأ قدم في السلطة . فالصراع بين النخب السياسية سيتجاوز القبور الى مرحلة الصراع بين الحضور لان كل من يسعى الى السلطة يتخذ من مبدأ الغاية تبرر الوسيلة هو همه الوجاهة ورضى المخزن لاغير ,فهذا الصراع لازال غير متكافئ بين النخب التقليدية التي اصبح لها رأسمال مادي وأخر رمزي داخل تجمعاتها البشرية وتحالفاتها وبين النخب الشابة التي ليس لها رأسمال مادي كبير ولا حتى رمزي فقط لديها الطموح لتغيير واقع الكل يعتبره مزريا بل مقلقا للصحراويين . لذا نقول إن الطريق الى قشدة المجتمع ودوائر صنع القرار لا تكون دائما في متناول الجميع ولا تكون معبدة بالضبط في وجه الذين هم تحت ممن لا يملكون وسائل الانتاج والاكراه في النسق المجتمعي , فثمة افراد هم بعينهم يستطيعون حسم النهاية لصالحهم والصدفة تظل محدودة الاثر. فهل سيستفيد المجتمع الصحراوي من هذا الصراع السياسي بين النخب التقليدية والشابة ؟ وما هو دور النخب المثقفة في هذا الصراع ؟ لماذا تتخذ هذه النخب القبيلة والقبائلية قاعدة الصراع السياسي فيما بينها ؟ اليس للدولة دور في تكريس واقع التمزق بين نخب القبائل الصحراوية ؟.