الجزء الاول وعيا من الدولة المغربية، أنّ هناك فجوة إنمائية متزايدة بين أقاليم الشرق والغرب والشمال والجنوب. ومجاراة للسياق الدولي الثواق إلى التوازنات المجالية عن طريق الجهوية المتقدمة.حاولت "أي الدولة المغربية " سبق الحدث بإنشاء وكالة التنمية الاقتصادية والاجتماعية لأقاليم الجنوب. وكالة مأمول منها.تصحيح الإختلال في مجال التنمية وفي معدلات النمو وخلق فرص الثروة الداخلية.وقامت بمحاولات لتجسير الهوة وكسر الحواجز بين الأقاليم الجنوبية وباقي ربوع الوطن ماديا ومعنويا. لكن مع مرور الوقت تبين أن استراتيجيات تدبير هذه الوكالة ما تزال مأمولة. وذلك من حيث أهداف تحسين ظروف العمل والبناء والإقامة والتعليم والصحة.وإمداد الساكنة بهذه المناطق بالخيرات الفنية والموارد اللازمة وبالتالي خلق شروط الطمأنينة والسعد.فلا يجادل إثنان في كون الوكالة ضخت أمولا طائلة(في التجهيز الإسمنتي وفي مشاريع ربما وفي تقديرنا لا تحظى بالأولوية) بمختلف أقاليم الجنوب وبتفاوت غير مفهوم.لكن الاتجاه كان وما يزال يحن إلى المفهوم التقليدي للتنمية أو للتحضر بالأحرى.فهناك محاولة تحويل قرى إلى مدن أو بالأحرى إلى أقطاب ناشئة وصاعدة. مع محاولة خلق أقطاب مدن بعواصم الجهات الثلاثة. مجهودات يمكن تنقيطها بتمثل التنمية المجالية التقنية والضيقة الأفق.لأنها وفي غالبيتها تتقاطع مع أجندة ومسالك انتخابوية ضيقة.في غياب الدراسات السوسيومجالية العميقة؛ تأخذ بعين الاعتبار التراث المادي والرأسمال الرمزي لمختلف سكان ومواطني هذه المجالات العميقة.إنطلاقا من اعتبار الإنسان يشكل محور عملية التنمية.يضمن له الدستور المغربيي في تناغم مع المواثيق والمعاهد الدولية حقوقه في ممارسة حياته وإدارة شئونه بحرية تامة بعيدا عن قهر وإذلال وضغط وإكراه الأمن الغذائي.مع تحقيق العدل والإنصاف بين مختلف اللاعبين أو المتفاعلين في الحقل الاجتماعي الواحد.شروط وحقوق مقرونة بالواجب واحترام حقوق المواطنة للآخرين وممارسة ثقافة الحوار وحسن التثاقفAcculturation عوض المثاقفة من جانب واحدEnculturation.فالتنمية بهذا التأسيس تقوم على أن البشر أو"الناس"هم الثروة الحقيقة للأمم.وذلك بتوسيع هامش حرية الاختيار بين بدائل ومداخل متاحة. تسويغ من شأنه؛ بناء القدرات البشرية الممكنة من التوصل إلى مستوى رفاه إنساني راق ثوقا إلى التفكير الواعد في السياقات الدولية البانية لأساليب جديدة في الحكم والتدبير والقاطعة لأشواط مهمة في مجال اللامركزية والجهوية (فرنسا،إيطاليا،ألمانيا إسبانيا ).سياق الإستقلالية النسبية وتقاسم الأدوار بين مختلف الحقول المجتمعية"دولة أقل ومحلي أكثر من أجل دولة الرفاه". وبالتالي اكتساب المعرفة والتوظيف الكفء للقدرات البشرية في جميع مجالات النشاط الإنساني بالأقاليم الجنوبية .فالمتتبع غير المحايث أوالذي لا يساير عن كثب الأوضاع في حقيقتها.سيعتقد بالتأكيد من خلال الخطاب والأوعية المالية المرصودة والمصرفة منها بالملايير.سيعتقد بالتأكيد أن الأمر يتعلق بمجال أصبح في غاية الرخاء والازدهار والتحضر.وأنّ أهله يعيشون في طمأنينة وبحبوحة.وذلك من جراء التحليل والتغطية السطحية والعابرة لمختلف البرامج من طرف بعض وسائل الترويج الرسمية وغير الرسمية التي نحترم منطلقاتها وافتراضاتها المحجوبة عنا.( كالمخططات الجماعية والمنوغرافيات التي صرفت عليها الملايين دون أن ترى النوربشكل لائق أوأجود وعلمي .ناهيك عن كونها ماتزال لم تنشر أوتوضع في متناول المنتخبين(بردائتها)، أو اللجن والجمعيات التي شاركت في إنتاجها أو بالأحرى عموم الناس أو الباحثين للاستثمار والتداول...). غير أن ما يلاحظ هو أن حدة هذا الخطاب التمجيدي خاصة من طرف بعض المنتخبين المفترض فيهم زبناء أساسيين لهذه الوكالة.الموكول لها النهوض بالأوضاع الاقتصادية والإجتماعية والثقافية بهذه الربوع .فأرقام الاستثمارات بمجالات الجنوب لا تصمد أمام مشاهد البؤس والفقر والفاقة المستشرية بالمجتمع .والواقع أن إشكالية الفقر بالمغرب عموما لا تزداد إلا تعقيدا.وبتواطؤ مختلف اللاعبين والفاعلين الذين لا ينظرون إليها بما يستلزمه الأمر من موضوعية وعمق سوسيولوجي. لاغرو في كون المجال الصحراوي أو الجنوبي عامة ومنذ التاريخ أضحى فضاء ملائما لطرح القضايا الجوهرية للتنمية.لكون الوحدات المجالية تجسد التنوع والاختلاف داخل الوحدة الوطنية. وتشكل روافد متجددة لوحدة التراب الوطني.ضمن هذه المقاربة يعتبر هذا الربوع المحلي بالنسبة للبنية المجالية الوطنية الخلية الدنيا الأساس التي يتعين على كل عملية تنموية أن تنطلق فيه بشكل صحيح ومخطط له.إذ لا تنمية جهوية أو وطنية بدون تنمية محلية مدروسة ومركبة. ورغم التسليم مع محمد العلالي في كتابه" الأبعاد الشمولية للديمقراطية المحلية والتنمية" بأن هناك علاقة تفاعلية بين التنمية والديمقراطية اللامركزية،...وأنّ التنمية لا تكون في صالح السكان إلا إذا كانت مبنية على ممارسة ديمقراطية قائمة على الشفافية والمشاركة الواسعة للمواطنين. نفترض أن مفهوم التنمية بوكالة أقاليم الجنوب تكون على شكل التمنيات.في غياب المصاحبة بدراسات الهيكلة والتخطيط والجدوائية والأثر.الذي يكون متبوع بالممارسة والتقويم عن قرب. والفعل اليومي التشاركي قصد إعطاء حظوظ أوفر لنجاح أي مشروع تنموي بشراكة مع جماعة ترابية معينة عوض الارتكان إلى افتراض دينامكية تنمية موارد الوكالة بوضع اليد على الجماعات الترابية وبمنطق يختلف من خلية ترابية إلى أخرى.ففي تقديرنا يقتضي التدخل الرئيس لبلورة مشاريع التنمية بأقاليم الجنوب إعداد تصميم أو مخطط للتنمية مبني على دراسات مختلفة الأبعاد( الثقافية التربوية ،الرياضية، المعاشية، الاقتصادية، المجتمعية..) غير أنني استسمح القول، أن هذا الأمر بقي مستبعدا من منظور هذه المؤسسة الوطنية التي تعتبر من القليلات –على حدّ علمي-التي لا تعقد مجالسها الإدارية في عهد حكومة تدعي القانونية والدسترة.ما يوحي بأن مفاهيم الحكامة و الرشادة التي تعني سوس الذات واجتراح الواقع بشكل مستمر؛ في مجتمع يعرف تحولات سوسيوثقافية وسوسيومجالية متسارعة و بتعبيرات جون جاك روسو "يجري فيه التاريخ فوق رؤوسنا".فلعلم القارئ الكريم ولمسؤولي الوكالة "الموضوع" تحديدا . واقع أقاليم الجنوب وطاطا تحديدا لم يكتب له البقاء في الهامش.إذا استبدلت المقاربة بنظر وعين واسعة الأفق ومركبة.لان هذا الهامش غير المدرك في التمثل شكل ويشكل دوما طاقة خلفية معطلة لم تستخدم بعد.ما يفيد أن الإنسان بهذه الربوع يمكنه الخروج من القصور والهامشية إذا استحسن تعامله كطاقة وإبداع لخلق موارد جيدة.كحال ماليزيا (مع استحضار الإختلاف)التي كانت على هامش الهامش.باشتغالها على واقعها وتفكيك مشروطيتها وبنت نموذجا معيش ويعاش بنبذ النقاش والتخطيط الصالوني من الرباط بمفاهيم مخبرية تقنوية واقتصادوية بعيدة كل البعد عن الواقع الذي لايحتاج إلى استمارة أومقابلة اومجموعة متحاورة وغيرها من التقنيات الإحصائية المرافقة للسوسيولوجيا، وللعلوم الاجتماعية عموما. للوقوف على مدى عدم الذهاب مع الافكار السوية على حد تعبيرات جاك بيرك الذي يقول: بعدم استواء المعرفة نظرا لعدم استواء الواقع. وبالتالي على وكالة تنمية أقاليم الجنوب، إجهاد نفسها بأقصى ماتستطيع لتعكس الواقع. وبتعبيرا ت بول ريكور" فالحياة تعاش اما القصص فتروى" أوكما يعبر عبد الله ابراهيم عن ذلك"بأن المغرب كان دائما بلدا غنيا وسكانه فقراء ".ما يعني أن الفقر فيه لايمكن أن يكون إلا عرضيا لاهيكليا وبالتالي يجب اعتباره ناتجا على الأخص من سوء التدبير(الناتج عن فقر الأدمغة لدى النخب المسيرة للشأن التنموي والسياسي في مجال ابتداع ما يستلزمه الوضع من حلول وإبداعات) وسخف المؤسسات العامة والغلو في الاستغلال.لاعن انعدام حقيقي لمادة الرفاه في البلاد وقحالة جوهرية في مصادر الإنتاج المادي وعناصر التنمية الخام.فضلا عن كون التنمية المبنية عل بيانات ومعطيات كاذبة يكون مآلها هدر المال العام بدون طائل: *استسمح القارئ الكريم افتراض أقاليم الجنوب؛ المجال "المخاض" لالتقاء مختلف إرهاصات المقاومة والتحرير. مجال في حاجة إلى رد الإعتبار والإنصاف. كيف لا؟ وتصريحات المجاهد عبد الرحمان اليوسفي كانت مدوية في محطته الأولى بكلميم أثناء زيارته الأولى لأقاليم الجنوب"كوزير أول( في حكومة التناوب التوافقي رفقة جميع القطاعات الوزارية) ؛حيث صرح وقال بأن كلميم ومن خلاله أقاليم الجنوب يحضى بدلالة تاريخية وبرمزية سيصعب التعبير عنها بالألفاظ. لالشيئ ؛إلا لكونها منطلق الشرارة الأولى للمقاومة وجيش التحرير .وكان ذلك منذ أربعين سنة من تاريخ زيارته؛2000/1999 "وبأنّ مشكل الصحراء لايمكن أن يجد الحل إلاعن طريقكم أنثم مشيرا بأصبعه إلى الحضور بالقاعة و -بنبرته الحادة والجادة المعهود تين-". وانطلاقا من كون التدبير المجالي والسياسة الترابية ؛مداخل وليست غايات في حد ذاتها.ذلك لأن تخطيطها وتدبيرها المنصف والمجدي يتطلب وضع المشروع التنموي والديمقراطي بمختلف أبعاده ومساراته السياسية والثقافية والاجتماعية.و استسمحكم القول؛ أن ذلك في تقديري لن يستقيم إلا إذا وفرنا المعنى لتساؤلات واستفهامات أقترح أنه لايجب السكوت أوحجب النظر فيها.تساؤلات أضن أنها من صميم انشغالات الوكالة بحكم تعاملها مع المنظمات ومختلف الصناديق الدولية المانحة والقارضة للأرصدة والأوعية المالية بتعاقدات معروفة وبديهية.على الأقل على مستوى التقنية والإقتصاد. وفي سياق الحكومة الحالية المدّعية للإسلام أوبالأحرى التديّن رأفة بضميرنا الجمعي كمسلمين عامة وفي رقعة جغرافية دينها الرسمي و"الفطري" الإسلام وبمذهب مالكي موحّد حوله. *أرى البداية بالتعليم وبقولة لعلي ابن أبي طالب(ص/ع)"لاغنى كالعقل ولا فقر كالجهل ولا شرف كالعلم ولا ميراث كالأدب" قولة راهنيتها مدوية بحكم تركيز معظم علماء الإجتماع وخبراء التنمية على التعليم كوسيلة للإقلاع ولمحاربة الفقر والجهل وكرافعة أساسية في التنمية البشرية.فهلا التقط مسئولوا الوكالة الإشارة وسارعوا إلى قياس مستويات تدخلها أي "الوكالة" بالجنوب المغربي بعلمية العالم وخبرة الخبير الإجتماعي بآليات وتقنيات علمية متداولة لقياس مدى نجاعة أثر تدخلهم بمختلف مجالات أقاليم الجنوب وذلك ب: v قياس معدل الأمية بكل إقليم على حدة بالنسبة لعدد سكان أقاليم الجنوب أوّلا ثم بالنسبة للوطن ككل وبالنسبة للعالم؛ v قياس معدّل الأمية في الأرياف موزعة حسب الأقاليم؛ v قياس معدّل الإنتساب إلى كل من مراحل التعليم الأولي و الأساسي (الإبتدائي والإعدادي( والثانوي والمهني والجامعي؛ v قياس معدّل معارف الإنسان الجنوبي في (التربية والتعليم والعلوم)؛ v قياس معدّل الأمية للمرأة المتزوجة والعزباء والأمهات العازبات وحسب العمر؛ v قياس معدّل مشاركة المرأة بأقاليم الجنوب في الحياة العامة؛ v قياس معدّل الأمية للرجال المتأهلين وغير المتأهلين وحسب فئات الأعمار والوضعيات العائلية؛ v قياس معدّل المساهمة في القضاء على البطالة في أوسا ط الشباب بمختلف أجناسه وفئاته؛ v قياس معدل المساهمة في ولوج دوي الإحتياجات الخاصة؛ *وعلى مستوى الصحة "الطبابة" v قياس معدّل المساهمة في التقليص من نسبة الوفيات في أوساط الرضع والأمهات الواضعات؛ v قياس معدّل المساهمة في الدفع بالأسر الانخراط في مستويات تحديد النسل والتنظيم العائلي؛ v قياس معدّل المساهمة في تشجيع الأمهات في مسارات التلقيح؛ v قياس معدّل المساهمة في توفير المحيط الملائم لاستقطاب الموارد البشرية الصحية( أطباء ممرضون ،تقنيون....) v قياس معدل المساهمة في توفير مختلف التجهيزات الصحية بمجالات استقرار السكان؛ v قياس معدّل المساهمة في توفير شروط مدى الحياة بصحة جيدة؛ *وعلى مستوى المياه: v قياس معدلات توفير المياه العذبة للإنسان بهذه المجالات الصحراوية،ومدى أولوية المساهمة في البحث عن مصادر جديدة للمياه والتي أصبحت تعتبر من أولويات البحث العلمي على المستوى العالمي؛ v قياس معدّل المساهمة في دراسة المياه الجوفية في عمق أراضي الأقاليم الجنوبية؛ v قياس معدّل المساهمة في معالجة المياه السائلة المتواجدة في الأنهر وفي بحار المنطقة؛ v قياس مدى التفكير والبحث في استثمار المياه الغازية الناتجة من بخار المياه؛ إجمالا من المفترض المساهمة وبجدية في تخفيض مؤشرات ومتغيرات أعراض الفقر والفاقة بهذه الربوع العزيزة على كل مغربي. ترقبوا الجزء الثاني عما قريب تتمة لهدا المقال