صحراء بريس / صحف تراوحت ردود الفعل في الاوساط الدبلوماسية في العالم بين الصدمة والاحراج، اثر قيام موقع ويكيليكس بنشر مضمون نحو ربع مليون برقية دبلوماسية اميركية، كشفت بشكل خاص الخوف الكامن لدى الكثير من الدول ازاء البرنامج النووي الايراني. وعنونت صحيفة الغارديان البريطانية الاثنين صفحتها الاولى "تسرب البرقيات الاميركية يشعل ازمة دبلوماسية عالمية". وكانت الغارديان حصلت على هذه الوثائق من موقع ويكيليكس مثلها مثل اربع من كبار الصحف العالمية الاخرى هي نيويورك تايمز الاميركية والموند الفرنسية والباييس الاسبانية ودر شيبغل الالمانية. وبخلاف التسريبات الاولى لويكيليكس حول افغانستان في تموز/يوليو التي لم تتضمن سوى القليل من الاسرار، وحول العراق في تشرين الاول/اكتوبر التي ركزت على التجاوزات التي تقوم بها الفصائل المتنازعة في العراق، فان الوثائق الاخيرة القت الضوء بفجاجة على خلفيات الدبلوماسية الاميركية ووضعت الولاياتالمتحدة في موقف حرج. من دعوة العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز واشنطن الى التدخل لضرب ايران، الى حصول ايران على صواريخ متقدمة جدا من كوريا الشمالية، الى الطلب الاميركي بالتجسس على مسؤولين في الاممالمتحدة، وتعليقات غير لائقة بحق الكثير من القادة في العالم، تسبب الكشف عن هذه المعلومات بصدمة، ولا يزال من الصعب معرفة التداعيات الكاملة لهذا العمل. وحاولت الدبلوماسية الاميركية خلال الايام القليلة الماضية الحد من الاضرار عبر الاتصال بنحو عشرة بلدان لحثها على تفادي اي ردود فعل سريعة. وسارع البيت الابيض الاحد الى ادانة العمل "غير المسؤول والخطير" المتمثل بنشر هذه الوثائق، محذرا من تداعياته على حياة الكثير من الناس. وسار حلفاء واشنطن على المنوال نفسه. فدانت بريطانيا "اي نشر غير مسموح به لمعلومات سرية" معتبرة ان هذا الامر يمكن "ان يعرض الامن القومي للخطر". في فرنسا اعلن المتحدث باسم الحكومة الفرنسية فرانسوا باروان الاثنين ان باريس "متضامنة تماما مع الادارة الاميركية" ضد نشر هذه الوثائق الذي قد يشكل حسب قوله "تهديدا للسلطات الديموقراطية". وفضلت الاممالمتحدة عدم التعليق على الوثائق التي تشير الى طلب الجانب الاميركي جمع معلومات حول كبار موظفيها في العالم، الا انها شدددت على ضرورة "احترام الدول الاعضاء" لحصانة موظفيها. في الشرق الاوسط اعلن مسؤول اسرائيلي كبير الاثنين ان اسرائيل تشعر بالارتياح بعدما كانت تخشى احراجا جديا بفعل مضمون الوثائق الاميركية التي نشرها موقع ويكيليكس. وقال مسؤول حكومي كبير لوكالة فرانس برس رافضا الكشف عن اسمه تعليقا على ما نشره الموقع حتى الان "خرجنا بصورة جيدة". وتتضمن هذه الوثائق اعادة للموقف الاسرائيلي التقليدي الذي يدعو الى الحزم الشديد في التعامل مع ايران بخصوص برنامجها النووي، ويشكك بسياسة اليد الممدودة لايران التي ينتهجها الرئيس الاميركي باراك اوباما. الا انها كشفت ايضا القلق الكبير لدى الدول العربية ازاء البرنامج النووي الايراني، حيث دعا العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز واشنطن الى ضرب ايران لمنعها من تطوير سلاح نووي. ويمكن لهذه المعلومات ان تزيد من حدة التوتر في المنطقة. وعلق مستشار حكومة سعودي على نشر هذه المعلومات بالقول "كل هذا سلبي وغير جيد لبناء الثقة". من جهته اعلن موقع ويكيليكس انه اراد بنشر هذه الوثائق ابراز "التعارض" بين الموقف الرسمي الاميركي "وما يقال خلف الابواب الموصدة". ولم توفر انتقادات الدبلوماسيين الاميركيين حلفاء الولاياتالمتحدة. ويوصف الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ب"الحساس والمتسلط"، ورئيس الحكومة الايطالية سيلفيو برلوسكوني ب"غير المسؤول"، والمستشارة الالمانية انغيلا ميركل بانها "تفتقر كثيرا الى الخيال". وكتبت صحيفة الموند الفرنسية في هذا الاطار ان من واجبها "الاطلاع على هذه الوثائق وتحليلها صحافيا ووضعها في متناول القراء".