في خضم التطورات التي يعرفها المغرب على مستوى مشهديه السياسي و الإقتصادي، و في زحمة الأحداث و تسارع المتغيرات و المستجدات، خرجت أَلسِنَة المجدِّدين السياسيين الحداثيين تتهم و تفتي و تقترح .. تحاول جاهدة إلفات النظر و استبدال الوهاد بالنجاد، باحثة في نفس الوقت عن الإنارة المفقودة بإطلاق العنان لألسنتهم بالتجرء على المساس بأحكام الإسلام تارة، و بدعوات و مواقف و مقترحات مثيرة للسخرية تارة أخرى. و هذا إن دل عل شيئ فإنه يدل على إتساع مسامات وجه حقيقة العلمانية المملوئة بفكر الإستعلاء و الإحتكار و الإحتقار و الإعتداء على البسطاء الشرفاء المغاربة. لقد سال مدادا كثيرا في هكذا أحداث مشؤومة، و لقد أخذ أصحاب الفكر العلماني المتطرف ما يستحقون من "الصرف" الصغير و الكبير، و رغم ذلك لم يهنأ لهم بال و لن يخرسوا. ليس فقط بسبب الإيمان بأكذوباتهم التي أذاعوها منذ زمان أو التصديق و الإقتناع بإيديولوجياتهم كما يدعون، و إنما هي الشهرة و العمالة والتمويل الأجنبي وحمل أجندات خارجية لفرض سيناريو الفوضى داخل المغرب، ثم يليها الجاه و المكانة بين الشخصيات الخارجية و الداخلية الضاربة جدورها في الدولة العميقة، و الاسترزاق في العمل السياسي و الجمعوي.. . أقليات تضحك على 50 مليون نسمة من الشعب المغربي، عدد يزيد و لا ينقص إذا ما أحصينا الذين لا يملكون وثائق الهوية. - اتهامات "عصيد" للنبي صلى الله عليه و سلم و وصف رسائله بالإرهابية. . - قبلات الناظور التي هزت عرش البرلمان و القناة الثانية و دروب البلد. . - الدعوات المتتالية إلى تقنين الدعارة و المثلية و الإعتراف بهما.. - دعوة الإستقلاليين إلى تقنين مخذر الحشيش و تحضير مشروع مقترح قانون يتعلق بزراعة وتسويق وتصنيع نبتة الكيف.. وحمير الإحتجاجات .. - حركة "احنا ما صايمينش" و ما أكثر الحركات البائسة.. - "عيوش" و شطحاته حول قضية تدريج التعليم المغربي . . كل هذه الصيحات المقززة التي تطلع علينا في كل مرة، و هذه السهام الفكرية المسمومة التي تُطلق علينا، ليست غهبًا تلقائية، سَواء أصابت العقيدة أو الأخلاق الإنسانية، إنما هي حرب و خُطط مدروسَة مدبرة و مُكمّلة لمسلسل التدمير الذي أُعلن على الأمة الإسلامية منذ نشأتها. للأسف هناك من أبناء جلدتنا من يأيدها و يصفق لها بحرارة تحت ضلال أوراق شجرة تخذير الوعي التي ترعرعت فسيلتها داخل مشتلة وزارة التعليم في عهد الحكومات السابقة المتعاقبة. آخر الصيحات كانت عبارة عن تغريدات مزعجة غردها الأمين العام للإتحاد الإشتراكي على إيقاع غير موازي لدعائم المملكة المغربية مؤخرا أمام نساء حزبه خلال افتتاح المؤتمر السابع للنساء الاتحاديات بالعاصمة الرباط .التغريدات الساقطة لإدريس لشگر التي ظمت أبياتها كلمات تمس أحكام الوحي، خلخلت البناء السياسي لحزب الإتحاد الإشتراكي و قلبته بالكامل رأسا على عقب، و أبرمت عهدة جديدة بين الذكور و الإناث من أجل تخريب بيوت حزبهم السياسي بأيديهم .. "و هم لا يشعرون". فضيحة ادريس لشگر التي تُأمنها ورقة حقوق الإنسان و حرية التعبير وفق المواثق الدولية.. أعتبرها من غوائل الزمن. فإن أسالت مدادا كثيرا من طرف نخبة مثقفة من الشعب، فإن أغلب باقي أفراد المجتمع المغربي البسطاء العاديين الغيورين عن الإسلام، عندما يسمعون هكذا وقاحات، ينطقون دون شعور غير مركزين " تْفُو.. الله يَلْعَن لمَا يحشم" و تتعدد صيغة العبارة في هذا الإتجاه من منطقة إلى أخرى في البلد، و رغم أنها عبارة موجهة فقط إلى الذي لم يستحيي، فإن هناك بسطاء من المجتمع المغربي عندما ينطقونها غاضبين لا يقصدون إستثناء أحد، فهم يقصدون الحزب كله، بحبوبه و تبنه. أظن أنه قيل ما يجب قوله في الدفاع عن أحكام الميراث و تعدد الزوجات في الإسلام. أعجبني قول الكاتب الأستاذ الفاضل صالح أيت خزانة: " ..لكن بصيص "الحياء"/الخوف هو الذي لا زال يمنع الوجوه الحداثية جدا، المتحررة من كل دين وخلق، من الولوج مباشرة إلى بيت القصيد وحَبَّ الحصيد، والإعلان الصريح والواضح عن الرفض البَيِّن لكلام الله تعالى".. إنتهى ما يحيرني هو بلادة و حماقة هذه الشخصيات التي تتبنى الحداثة المزعومة، يتهمون الإسلام و مبادئه، و يزعمون أن حدوده ضيقة و يعتبرونه سبب التخلف!؟ إذا كانت عبارة "الخلوة و مراجعة النفس" تزعجهم أو تخيفهم و تربكهم، أليس في ثقافتهم شيء إسمه "الوقوف مع العقل" أو "ضبط النفس على الحق" ؟ يتفكرون لعلهم يصلون إلى الإقتناع بأن الذي خلقهم في هذا العصر و أوجدهم من العدم في أحسن صورة و تقويم، و أتقن كل شيء من حولهم، و لن يعيَ بالخلق بل يزيد، حاشا بأن تتهم أحكامه أو تُهمل، و حاشا بأن يستهزء بكلامه. عجبا لأمر هؤلاء القوم، إذا سألتهم عن من خلقهم ليقولن الله، و إذا توفي أحدهم سمعتهم يقولون"إنا لله و إنا إليه راجعون".. كأن إيمانهم بالله تعالى يكمن فقط في الخلق و الموت، و ما بينهما فقط لعب و ضحك و رقص و غناء و سخرية بالتشريعات الإلهية، اللهم أثناء شدائد الأمراض الخطيرة، تراهم إلى الله تعالى يجأرون، خوفا من الموت و ليس طمعا في توبة عاجلة. هذه الأساليب و التصرفات الخشنة التي تؤذي كل المستويات، العقائدية، السياسية، الإجتماعية، الثقافية، الفكرية.. مآلها الإنكسار على درجة السفالة و الإنحطاط في مزبلة التاريخ، و من كان له ريب في ذلك فلينظر إلى سنن الله تعالى في الكون و إلى التاريخ القريب قبل البعيد