سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
للتعبير عن تضامنهم مع النقابات التعليمية وللاحتجاج على التعثرات المستمرة للدراسة القوات العمومية تتدخل بعنف لمنع مسيرة احتجاجية لتلاميذ ورزازات في اتجاه العمالة
كانت الساعة تشير إلى العاشرة صباحا من يوم الخميس الأخير، عندما انتظم أزيد من 3000 تلميذ وتلميذة، بلباسهم الموحد وأدواتهم المدرسية الثقيلة، يدرسون بالمستوى الثانوي بجماعات ورزازات وترميكت، وساروا على الأقدام في اتجاه النيابة الإقليمية قبل أن يتوجهوا نحو العمالة، في مسيرة عفوية حاشدة، رفعوا خلالها شعارات تتضامن مع أساتذتهم، وتطالب بضمان حقهم في التعليم، شعارات ذات حمولة تنم عن نضج عال، واستيعاب لمضامين دروس المواطنة التي تلقوها في فصولهم، قبل أن تقدم قوات التدخل السريع على تطويق مسيرة التلاميذ، حيث أشهرت... كامل عتادها ترهيبا لأي محاولة تحدّي، مما أثّر على دينامية السير ، تلاميذ آثروا السير في اتجاه مقر النيابة بمحاذاة قصر البلدية والدائرة الأولى للشرطة والقيادة الجهوية للدرك...، تحت شمس حارقة، لإثارة انتباه مختلف الجهات بالمخاطر التي أصبحت تهدد مسارهم الدراسي، وهم يطلقون هتافات الاحتجاج على حرمانهم من حقهم في التعليم، ومطالبين السلطات الوصية، ووزارة التربية الوطنية، خاصة، بإيجاد حلول مستعجلة لوضعيتهم، لاسيما وأنهم مقبلون على اجتياز امتحانات اشهادية، تلك التي لم تعد تفصلهم عنها سوى أشهر معدودات، وذلك في ظل توقف عقارب الزمن المدرسي بالإقليم عن الدوران ساعتين في اليوم، واحدة في الفترة الصباحية، وثانية في الفترة المسائية، ابتداء من 13/12/2010، بعدما توقفت الأسبوع الأول من 06/12/2010، إلى 11/12/2010، وستتوقف أسبوعا إضافيا بدءا من يوم 21/12/2010، وعدم قيام السلطات الوصية، حسبهم، بما يلزم للاستجابة لمطالب أساتذتهم، وضع وجد معه التلاميذ أنفسهم في عطلة شبه مفتوحة.المسيرة لم تكن الأولى من نوعها، بل سبقتها مسيرات مماثلة منذ يوم الاثنين الماضي، وذلك إثر التعثرات المستمرة للدراسة بالمدينة، حيث نظم تلاميذ الثانويات بكل من ورزازات وترميكت عدة مسيرات تضامنا مع أساتذتهم وتعبيرا عن غضبهم ورفضهم التام لتوقف الدراسة، توجت بمسيرة يوم الخميس، حيث تجمع التلاميذ أمام النيابة الإقليمية قبل أن يتوجهوا نحو العمالة، وهو ما ولد حالة استنفار كبيرة في المدينة، استدعت تدخل الأجهزة الأمنية، التي منعت "المتظاهرين الصغار" من الوصول إلى باب العمالة، حيث تلقتهم على بعد مئات الأمتار، وقامت بمحاصرتهم وتطويقهم من كل الجهات، كما باشرت عمليات تفتيش متقطعة في حق بعضهم، وحاولت، إثر ذلك، مصادرة هواتفهم النقالة وأجهزة التصوير، وذلك للحيلولة دون نقل الحدث بالصوت والصورة إلى عموم الرأي العام. وقد تمت عملية تشتيت التلاميذ تحت وابل من الشتائم والتهديدات، حسب ما صرح به بعضهم، وقامت قوات الأمن بعد ذلك بدفعهم بعيدا عن مبنى العمالة، كما قامت تلك القوات بمطاردتهم في الشوارع الرئيسية والأزقة الداخلية مستعملة العنف ضدهم، مما خلف إصابات خفيفة في صفوفهم وفي صفوف بعض عناصر التدخل السريع، نتيجة تعرضهم للرشق بالحجارة.التدخل الأمني كان عنيفا، إذ عرفت المدينة، حسب مصادر عليمة، استنفارا أمنيا كبيرا بغية تطويق مبادرة التلاميذ في تنفيذ مسيرتهم، كما استنفرت السلطة كل أجهزتها من استخبارات وأعوان السلطة. وخلف هذا الانتشار المكثف ذهولا وتساؤلات في أوساط الرأي العام المحلي، حين كانت تدرك بان كل هذا الاستنفار هو من اجل تلاميذ أبرياء يعبرون عن دعمهم لأساتذتهم ويطالبون بحقهم المشروع في التعلم. هذا بسبب ما لوحظ منذ ساعات الصباح الباكرة من انتشار امني غير مسبوق امتد من على طول الشارع الرئيسي المؤدي إلى مبنى العمالة، هذا وسبب التجمع الاحتجاجي اضطرابا كبيرا في حركة المرور.ورغم تدخل القوات العمومية، استمرت الاحتجاجات بالشارع إلى ساعات متأخرة، حيث قفل التلاميذ راجعين من حيث أتوا وعلامات التعب الشديد بادية عليهم، جراء درجة الحرارة المرتفعة نسبيا، وطول المسافة التي قطعها بعضهم ذهابا، وتنتظرهم مثلها إيابا.وفي سياق متصل، أوضح بعض التلاميذ الذين استقت "الأحداث المغربية" تصريحات بعضهم، أنهم أصروا على تنفيذ مسيرتهم العفوية رغم أساليب التهديد والاستفزاز التي قوبلوا بها، سواء من طرف قوات التدخل السريع، أو السلطة المحلية بالمنطقة، "إلا أن إرادتنا وعزمنا على تحقيق مطالبنا جعلنا نضرب بعرض الحائط كل تلك الاستفزازات لنخرج في مسيرة احتجاجية حاشدة"، تضيف نفس المصادر.ويبدو أن مطالب التلاميذ تتجاوز ضمان الحق في التعليم، لحد استيعاب سياق تناقضات إصلاح المنظومة التعليمية، حيث تساءلت إحدى التلميذات المحتجات، والتي تتابع دراستها بثانوية محمد السادس، مستوى الثانية باكالوريا علوم الحياة والارض، تلك التي استفسرتها الجريدة عن سبب مشاركتها في المسيرة والرسالة التي تود إيصالها لمن يهمه الأمر، (تساءلت) بلهجة ناقمة: "أين هو الوزير اخشيشن والوزيرة العابدة بخطاباتهما الفجة حول المخطط الاستعجالي، ومدرسة النجاح، وأين هو الحرص المزعوم على الزمن المدرسي!!" كما طالبت التلميذة السلطات الوصية بالاستجابة لمطالب الأساتذة والنهوض بأوضاعهم وإعادة الاعتبار إليهم أسوة بباقي مناطق المملكة ".وكانت مصادر حقوقية ونقابية وجمعوية قد عبرت في حديث للجريدة، بالمناسبة، عن "دهشتها وارتياحها" إزاء هذه المسيرة، التي اعتبرتها بمثابة "شكل نضالي غير المسبوق"، وما عكسه من مسؤولية ونضج كبيرين لدى تلاميذ ورزازات وترميكت الذين نفذوا المسيرة.يذكر أن إقليمي ورزازات وزاكورة تعيش على وقع مسيرات تلاميذية مستمرة، وتوقفات طويلة للدارسة، إثر تمديد نقابات زاكورة لاضرابها لتسعة أيام أخرى،واعتزام نقابات ورزازات الإضراب مجددا لأسبوع آخر، بسبب ما تصفه النقابات "الوضع التعليمي المتأزم بالإقليمين وبالجهة"، وللاحتجاج أيضا على ما اعتبرته "تنصل" الجهات الوصية من محاضر كانت قد وقعتها مع النقابات التعليمية عقب سلسلة إضرابات تجاوزت مدة آخرها الأسبوعين، وكذا "الفساد الإداري والمالي"، وأيضا، على الاقتطاعات التي طالت أجور رجال التعليم، والتي خلفت تدمرا واسعا في صفوفهم. // الأحداث المغربية عدد السبت- الأحد 18-19 دجنبر 2010