بمناسبة اليوم العالمي للعمل الاجتماعي والذي يوافق 17 من مارس كل سنة نظمت جمعية البحث السوسيولوجي للتكوين والتنمية ندوة وطنية بهذه المناسبة تحت الشعار الأممي الذي اختير لهذه المناسبة: "ترتقي الشعوب باحترام حقوق وكرامة المواطنين" بمشاركة فعاليات جامعية وجمعوية جهوية ووطنية في مجال الخدمة الاجتماعية ، وذلك يوم السبت 19 مارس 2016 ابتداءا من الثالثة بعد الزوال h15 بغرفة الصناعة والتجارة والخدمات باكادير. عرفت الندوة حضور فاعلين جمعويين وطلبة من جامعة ابن زهر وفاعلين من المجتمع المدني، وقام بتأطيرها كل من الدكتور ابراهيم لاباري أستاذ جامعي بكلية الاداب والعلوم الانسانية بجامعة ابن زهر باكادير وباحث في علم الاجتماع، والدكتور محمد بوتباوشت طبيب ونائب رئيس جمعية مغرب الزهايمر ، والسيد سيدي علي ماء العينين رئيس قسم الشؤون الرياضية والشباب بالجماعة الحضرية باكادير، كما تعدر على السيدة سلوى بنكيران رئيسة قسم العمل الاجتماعي بولاية اكادير المشاركة في الندوة. افتتحت الندوة بآيات من الذكر الحكيم تلاها الطالب سعيد المسعودي، وبعدها أفتتح رئيس الندوة الاستاذ محمد اجكيني رئيس جمعية البحث السوسيولوجي للتكوين والتنمية بكلمة ترحيبية بالحضور والأساتذة المشاركين في الندوة، ليعطي الكلمة للسيد نائب رئيس جمعية البحث السوسيولوجي للتكوين والتنمية الاستاذ عبد الوهاب لفيعا الذي تقدم بورقة تعريفية بالندوة وسياقها العام العالمي والوطني، كما دعى الي ضرورة جعل هذا اليوم يوما تعتاد الجمعية الاحتفال به سنويا. قدم المداخلة الاولى في الندوة الاستاذ والباحث في علم الاجتماع ابراهيم لاباري تناول فيها مقاربة علمية اكاديمية نظرية لموضوع العمل الاجتماعي، حاول فيها فض مضجع العمل الاجتماعي بالمغرب بمجموعة من الاسئلة، تساءل في البداية عن الحاجة الى العمل الاجتماعي، والذي يعبر بشكل عام عن "مساعدة الافراد والجماعات في وضعية صعبة او في وضعية هشة"، ومهمة المساعدة هاته تشمل حسب الدكتور الدولة والجمعيات والدين. من بين الاسئلة العميقة التي طرحها كذلك، هل نحن في العمل الاجتماعي أمام "مهنة" ام "فن" أو "علم" العمل الاجتماعي؟ ومن الفئة المستهدفة من العمل الاجتماعي بالمغرب؟ فالحديث عن العمل الاجتماعي أولا يحتاج منا حسب الدكتور مسحا اجتماعيا يمكن من خلاله ان نحدد مجال التدخل. ان من بين الاشكالات المهمة التي يطرحها العمل الاجتماعي هي اشكالية النظريات والمقاربات المفسرة للعمل الاجتماعي ومجال اهتمامه، وهي كفيلة كي نستطيع الوقوف على العمل الاجتماعي المؤسس على قواعد علمية ونظرية. بينما جعلنا السيد سيدي علي ماء العينين من خلال مداخلته نتوقف عند صيرورة التنشئة للفعل الاجتماعي، عبر أربعة مراحل؛ تبدأ بمرحلة خروج من الاستماع الى الذات الى مرحلة الاستماع الى الاخرين، ثم مرحلة الاهتمام بقضايا المجتمع والخروج من الذات عبر تلبية حاجتها الي التكوين والتأطير والتوجيه، كي يصبح هذا الفاعل منتج في مجال اهتمامه، والتي تأهله الى مرحلة التعبير عن الواقع والانخراط بفاعلية في قضاياه عبر تذويب الذات في الجماعة، حيث يتشكل الواجب والمسؤولية تجاه الواقع والمجتمع من خلال السعي الخروج من الانتماء التقليدي الى انتماء جديد تشاركي تعاوني تضامني تطوعي، من اجل صناعة الرأي العام بكثافة ومردودية، فالعمل الاجتماعي لم يعد يحتاج الى او يعني الحماية فقط او الرعاية؛ وانما أضحت هناك مفاهيم وقضايا وتكوين ومناهج وعلوم وطرق وتقنيات وبرامج من شأنها ان ترقى بالعمل الاجتماعي لاعلى مستوى حتى يتم الاستجابة لحاجات المحيط وحاجات الفاعلين الاجتماعيين بمهنية وكفاءة عالية. حاول الدكتور محمد بوتباوشت في مداخلته الاشارة الى اهمية تناول موضوع العمل الاجتماعي، والاشتغال عليه، وهي اهمية مرتبطة بأهمية السؤال حول العمل الاجتماعي. والاجابة على هذا السؤال بتعبير الدكتور بوتباوشت رهينة بمقاربة شاملة للعمل الاجتماعي، والذي من شانه ان نحدد عبره رؤية شمولية وهي التي يبقى العمل الاجتماعي في حاجة ماسة اليها، وهي المهمة التي تظل ملقات على عاتق الفاعلين الاجتماعيين من خلال مثل هذه النقاشات واللقاءات الفكرية والندوات والعمل على تاطير العمل الاجتماعي، محليا ووطنيا. فالوقوف عند ما نريد؟ بتعبير الدكتور عبر عمية التشخيص الفعلي للواقع وللحاجيات، ومن خلال التنسيق مع باقي الشركاء والفاعلين في مجال العمل الاجتماعي، سيمكن من تحديد ارضية الاشتغال الفعال وتأطيرها. كما عرفت الندوة حلقة نقاش ومداخلات للحضور تم من خلالها طرح العديد من الاسئلة التي تنم عن الاحساس بالمسؤولية تجاه النهوض بالعمل الاجتماعي وأهمية مثل هذه الحلقات والنقاشات في تبادل الافكار والتجارب والروئ في مجال العمل الاجتماعي. كما اختتمت الندوة بتكريم الدكتور محمد بوتباوشت من طرف الجمعية تكريسا منها لثقافة الاعتراف للدور وللعطاء الذي قدمه الدكتور لمجال العمل الاجتماعي في شتى المجالات ومزال هذا العطاء متدفقا، وللأهمية التي يوليها له والارادة التي يتوفر عليها في خدمة العمل الاجتماعي. كما تمت الاشارة إلى ان الاحتفال باليوم العالمي للعمل الاجتماعي ستعتاد الجمعية الاشراف على تنظيمه سنويا ايمانا منها بأهميته.