لو كنت مكان السيد عبد الإله بنكيران، لنزعت بلغتي، ورميت سبحتي وهرولت الى مقر رئاسة الحكومة داعيا الى اجتماع حكومي طارئ، قبل يوم الخميس، قصد تدارس نقطة فريدة من نوعها مرتبطة بالسعار الذي مس أسعار البصل فجعل سعرها يرتفع في مارشي كريو ارتفاعا أكبر من مؤشر داو جونز الصناعي ببورصة "وول ستريت". على بنكيران أن يتدخل فورا لوقف هذا الجموح عبر فرض سقف لتسعيرة البصل الأحمر منه والأبيض وأن يرجع الفلاح وبائع الجملة والوسيط والمضارب والخضار الى رشدهم حتى يصل البصل بالكميات الكافية والسعر المعقول الذي جعل المغاربة يبدعون مثلهم المأثور "والله مكا تسوا حتى بصلة" الى قائمة الأمثلة الشعبية الأكثر تداولا. لا أرى بأسا في أن ينسق رئيس الحكومة مع الدرك الحربي قصد تسيير دوريات مسلحة في الأسواق تراقب الأثمان وتطمئن على احترامها بمعية كلاب مدربة على شم البصل الذي قد يكون مخبأ في الأقبية بهدف التهريب أو المضاربة. قد يستغرب القارئ من أن يطلب مواطن من رئيس حكومته قرارات من هذا النوع لكن الوضع خطير والمستقبل غير واضح ما يستوجب مخططا استعجاليا للعودة بالبصل الى موقعه الطبقي داخل منظومة الخضر. البصل رفيقا، صديقا للفقراء والكادحين كما عهدناه. لا بأس أيضا من دعوة السيد أحمد خشيشن للإشراف على مخطط "إستعجالي" من هذا النوع فالرجل لن يبخل على الوطن بخدمة في زمن الأزمة والاستعجال. السيد رئيس الحكومة الإ البصل. هل ترضى أن تشتعل الانتفاضات في بلدنا فيكتب مؤرخا أنهم أسسوا للإنتقال الديمقراطي بفضل "ثورة البصل"؟ قد يجد سي عبد الإله صعوبة قانونية في تثبيت سعر البصل عند سقف معقول، في دولة حررت الأسعار. في هذه الحالة فالحل هو إدماج البصل في سلة المواد المدعومة من طرف صندوق المقاصة، مكان الفيول الصناعي، أو إضافة ضريبة رمزية على الثروة تسمى "ضريبة البصل" حتى تتمكن الدولة من التغلب على الفارق بين سعر البصل عند الانتاج وسعره عندما يصل الى مائدة المعدمين المكسورة. لا بأس من إعطاء دور اعتباري لمؤسسة محمد الخامس للتضامن حتى تضيف كيلوغرمات من البصل الأحمر والأبيض في سلتها العظيمة التي تحوي سكرا وزيتا وبعض الدقيق. ما فائدة الزيت والدقيق دون بصل؟ في غياب اجراءات من هذا النوع أو تلك التي قد تتفتق بها عبقرية الحكومة فإن البصل قد يتحول الى عنوان للمرحلة. دموع، ورائحة قوية وقشور. عندها لن تفيد قفشات محمد الوفا، وزير الشؤون العامة، ونكاته المراكشية عن غاز البوطان والوقود. البصل وقود الصامتين عند سفوح الجبال البيضاء المتدثرة بالثلج والكفاف. البصل دواء، في بلد يحمل فيه المرضى على الدواب والنعوش قبل موتهم، فهو فعال ضد البرد وأمراض القلب والسكر وهشاشة العظام. الحكومة محتاجة لوصول البصل الى قلب شعب قتلته "الفقسة". الحكومة محتاجة الى وصول خضار تقوي عظام الأساتذة المتدربين والمعطلين وغيرهم من الفئات التي تخرج للشارع رغبة في تكميد العظام! السيد رئيس الحكومة عندما تلتهب عين فقير في الجنوب يقطر فيها عصير البصل فيعفي الحكومة من إرسال طبيب للعيون، وعندما يرتفع الكوليسترول أو السكري في دم عجوز يأكل البصل فيكفيك عناء بناء مستشفى متعدد الإختصاصات، وعندما يزور الجوع بيت قروي في الجبال فإنه يقطع لأبنائه البصل وبعض الطماطم الى جانب علبة سردين رخيص في تقنية جميلة وبسيطة للتحايل على العيش. السيد رئيس الحكومة الإ البصل. هل ترضى أن تشتعل الانتفاضات في بلدنا فيكتب مؤرخا أنهم أسسوا للإنتقال الديمقراطي بفضل "ثورة البصل"؟