على إيقاعات الرايس العربي إحيحي اسدل الستار على فعاليات الدورة الثانية لمهرجان ملتقى الحاج بلعيد لفن الروايس بعد جهود حثيثة من قبل مؤسسة الحاج بلعيد للتراث وسند قوي من المجلس الجماعي لوجان قصد إحياء هذا المهرجان الفريد في موضوعه وتيمته والذي انقطع منذ خمس سنوات ليعيد للفن الأصيل بريقه ووهجه بعد أن عُبد له الطريق ليستمر من خلال اتفاقيات شراكة مع المجلس الجماعي لوجان والمجلس الإقليمي لتيزنيت ومجلس جهة سوس ماسة احتفاء بالمعلمة الخالدة فخر كل وجاني وتيزنيتي وسوسي ومغربي إنه الفقيد الفنان الرايس الحاج بلعيد الذي ذاع صيته في ربوع المعمور والذي أبى حفدته إلا أن يرسخوا ويخلدوا الذكرى الثانية والسبعون لوفاته بمهرجان يلتقي فيه الذين ساروا على دربه وغرفوا من معين إرثه، فكان اللقاء بأرض مسقط الرأس بوجان حيث عمت البهجة رحاب الملتقى على مدار ثلاثة أيام تضمن اليوم الأول 26 غشت 2018 افتتاحا بصبيحة تربوية ترفيهية بهلوانية للأطفال بدار الطالب أحيتها فرقة طفولة بلا حدود وورشة توعوية أطرتها دكتورتان عن جمعية أطباء الأسنان بتيزنيت كان لها وقع طيب في نفوس الصغار الذين تم تزويدهم بلوازم نظافة الأسنان وتوجيهات لكيفية العناية بها ، وعصر نفس اليوم وبأهازيج وإيقاعات كناوة من أولاد جرار تم استقبال زوار ووفود المعرض المحلي الخاص بالتعاونيات الذي أشرفت عليه الشبكة الإقليمية للاقتصاد الاجتماعي التضامني بتيزنيت والذي كان مناسبة للتعريف بشكل أخص بالتعاونيات المحلية الوجانية التي تأسست حديثا وحظيت بدعم كبير من قبل الساكنة التي تهافتت على منتوجاتها بل إن بعضها استنفذ مخزونه، وفي مساء نفس اليوم تم حضور فعاليات دوري الأخوة لكرة القدم بميغرمان والذي شارك فيه عشرون فريقا تنافسوا على لقب الدورة الثالثة في أجواء سادتها الروح الرياضية العالية وفاز فريق تيغلالن بلقب هذه السنة أما فريق إد عبد القادر فقد حظي بالوصافة. أما اليوم الثاني 27 غشت 2018 فعرف حيوية بفقراته النوعية إذ اُستهل بندوة صباحية بقاعة الاجتماعات لجماعة وجان أطرها كل من رئيس جمعية وجان للتنمية والتضامن بفرنسا عبد الحق الفرس وممثل دار مغاربة العالم وليد قجي وممثل جمعية espoir du sud مصطفى الناموس وممثل جمعية هجرة وتنمية إبراهيم ستار ورئيسة مجلس شباب وجان مليكة الهري ورئيس جماعة وجان إبراهيم إدحموش ، حيث تميز اللقاء بتدخلات مستفيضة وغنية ومثمرة وبنقاش أبرز عددا من القضايا التي ينبغي أن تحكم توجه المهاجر في علاقته بوطنه الأم والذي يحمل همه على عاتقه كما عبر الجميع عن ذلك بشكل صريح وبالرغبة الحقيقية في الانخراط والإسهام في إنجاح المبادرات الجمعوية والجماعية بعد تقييم لمخرجات اللقاء المنعقد السنة الماضية والتي سيتم إغناؤها هذه السنة وأغلبها ينصب في اتجاه دعم التعليم والتعلم بمختلف مستوياته مع مقاربة للنوع الاجتماعي وفي الختام سلمت شهادات تقديرية للمؤطرين. وفي الفترة المسائية حظي ملتقى الحاج بلعيد لفن الروايس بزيارة شرفية رسمية مقدرة من قبل الكاتب العام للعمالة ونائب رئيس مجلس جهة سوس والنائب البرلماني إبراهيم بوغضن ورئيس الدائرة وقائد قيادة أولاد جرار وعدد من المنتخبين والشخصيات المرافقة لهم، وكان في استقبالهم رئيس الجماعة ونوابه وأعضاء المجلس وموظفوه ورئيس مؤسسة الحاج بلعيد للتراث ورئيس الشبكة الإقليمية للاقتصاد الاجتماعي التضامني وبعض رؤساء الجمعيات وجمهور غفير من الرجال والنساء وفرقة أيت براييم بلباسها المتناسق ونغمها المطرب حيث ذاع الصوت الشجي للمزمار في فضاء معرض منتوجات التعاونيات الذي تمت زيارته ، ثم توجه الوفد لقاعة الاجتماعات بالجماعة للإطلاع على بعض المخطوطات والوثائق التاريخية والفنية ومنها رباب الرايس الحاج بلعيد الأصيل وأدى حفيده الرايس الحسين نغمات مشهورة لجده أمام الحاضرين الذين أتحفوا بها وناقشوا بعض الجوانب المرتبطة بهذه الشخصية المعلمة وأبدوا رغبتهم في الرفع من شأن هذا المهرجان ودفعه ليستمر ويرتقي في دوراته المقبلة و ستبدأ هذه الإلتفاتة بالمصادقة على المتحف الجهوي بل والوطني الذي سيحدث بدوار أنونعدو وأهم داعميه مجلس الجهة والمجلس الإقليمي وجماعة وجان، ومن المنتظر المصادقة عليه في الدورة المقبلة لشهر أكتوبر لينتهي النقاش بحفلة شاي على شرف الحاضرين. لتبدأ السهرة الأولى للملتقى بسمفونية رائعة أبحرت في عباب بحر التراث الفني واللامادي للرايس الحاج بلعيد أبدع فيها المايسترو الرايس أحمد أوماسة مع مجموعته وكان لأبناء المنطقة نصيبهم في هذا الحدث الفني حيث شارك كل من الرايس الحسين أشباني بأدائه وكلماته التي أتحف بها الحاضرين إلى جانب الفكاهي حسن أوباح واختتمت السهرة الأولى بالنغمات والكلمات الشجية للفنان الرايس العربي أرسموك حيث تماهى الجميع مع ألحانه وحضوره القوي على المنصة والذي أبى أن ينصرف حتى يكتفي جمهوره من روعة أدائه . وكان اليوم الأخير 28 غشت 2018 يوما مشهودا بفقراته المسترسلة بشكل منتظم وأبرزها الندوة الفكرية والثقافية المنظمة بدار الطالب حول موضوع فن الروايس التي أطرها كل من الشاعر والباحث المتخصص في فن الروايس محمد وخزان والشاعر الفنان مولاي إبراهيم أرشاش مؤسس مجموعة أرشاش والأستاذ الباحث في الأدب الأمازيغي علي الزهيم والأستاذ الباحث في الإعلام التربوي الأمازيغي وأدب الطفل الأمازيغي نور الدين بادي وعرفت الندوة نقاشا عميقا ومداخلات قيمة قاربت الإشكالات التي يعيشها الرايس وفن ترويسة بصفة عامة وفيها تم تكريم كل من الرايس امحند أجوجكل والرايس أحمد أوماسة. وكانت السهرة الثانية المحطة الختامية التي حضرها جمهور غفير أبان عن وعي ونضج كبير من حيث النظام الذي انبهر به الجميع زوارا ومنشطين وفنانين، إذ بعد الافتتاح بالإيقاعات والرقصات الرائعة لسمفونية الرايس أحمد أوماسة تقدم المنشط حفيظ الخضير الذي واكب كلا السهرتين بإتاحة المجال لأحد أعمدة فن ترويسة الذي أبى إلا أن يحضر في هذا الملتقى النوعي رغم إعاقته ليطرب الحاضرين بأرشيف أغانيه الذي تردد صداها في وجان وواحاته، لتتلوه فرقة تروا الحاج بلعيد التي أدت على لسان الرايس بلعيد الأغاني الخالدة لجدهم في أداء مبهر أدى تقاسيمه على آلة الرباب الرايس الحسن، ولم يفوت المنظمون تكريم أحد قيدومي فن تروايسة بالمنطقة في إلتفاتة وعرفان بما قدمه هذا المبدع أحمد أوبلق الذي تم عرض نبذة من حياته الفنية، ولم تخل الأجواء من فن الفكاهة والضحك مع الفكاهيان الثنائي فضيل وإميس اللذان أغرقا الجمهور في نوبات ضحك هستيري، ليطرب بعدهما الرايس العربي إحيحي جمهوره بأدائه البهي ونظمه الرنان الذي تجاوب معه الجمهور الحاضر، لتكتمل الصورة ويختتم معه ملتقى طال انتظاره من عشاق فن تروايسة ومن ساكنة جماعة وجان ومن محبي هذا الفن من أبناء الإقليم و الجهة. ومن هذا المنبر تتقدم مؤسسة الحاج بلعيد للتراث بالشكر الجزيل وعظيم الامتنان لكل الشركاء والداعمين والمتعاونين والسلطات المحلية وهيئات المجتمع المدني والشركات الخواص وكل من له يد في إنجاح هذا العرس الفني والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والرياضي آملين أن ترقى الدورة الثالثة بحول الله إلى تطلعات وآمال كل عشاق الفن الأصيل.