احتضنت قاعة العروض بفندق المنزه بطنجة ، مساء يوم الأربعاء 13 اكتوبر 2010 ، الدرس الافتتاحي الإعلامي لفرع النقابة الوطنية للصحافة المغربية بطنجة. و قد استضاف الفرع الناطق باسم الحكومة وزير الإعلام الأسبق السيد نبيل بنعبد الله ، الأمين العام الحالي لحزب التقدم و الاشتراكية ، مقدما للدرس وموضوعه : العلاقات الملتبسة و الواضحة بين الإعلامي و السياسي. قدم للدرس/ اللقاء الدكتور سعيد كوبريت كاتب الفرع المحلي للنقابة بكلمة اختار لها مفردات وعبارات و جمل شعرية جميلة ، رحب خلالها بضيف هذه الأمسية وبالحاضرين من مثقفين وممثلي الصحافة الوطنية و الجهوية و شخصيات من المجتمع المدني والحقوقي و الجامعي، معترفا للسيد بنعبد الله " بأياديه البيضاء على الصحافة الوطنية ، بما قدم لها من خدمات أيام توليه حقيبة الوزارة الوصية على الإعلام ، منوها بخصاله النضالية و أناقته الفكرية و لباقته ، شاكرا له تلبية الدعوة دون قيد أو شرط ". بداية لا بد أن نشير إلى حسن اختيار فرع طنجة لنقابة الصحافيين المغاربة لمثل هذا الموضوع في الوقت الحالي ، بالنظر إلى الراهن السياسي و الاعلامي الوطني و ما يعرفه من دينامية تشغل الرأي العام كما الأحزاب و الجسم الصحفي الوطني بمختلف أصنافه و تشكيلاته و تجلياته من جهة اولى ، و دعوة فاعل إعلامي و صحفي مهني و مسؤول حكومي على القطاع سابقا و في نفس الوقت مناضل و أمين عام في حزب وطني تقدمي شارك في الحكومات السابقة ويشارك في الحكومة الحالية من جهة ثانية. تناول بنعبد الله في عرضه واقع المشهد السياسي بكل أعطابه و ثغراته وما يخلق من قلق لدى المناضلين خاصة و السياسيين عامة ، بما يعرفه من انحرافات و اعوجاجات تحتاج إلى تقويم . و هي نفس الأعطاب التي تعاني منها الصحافة التي تعمل على خلق الهوة بين المواطنين والسياسة و السياسيين بالعمل على تضخيم عيوبهما لدى الرأي العام الوطني، يقول السيد بنعبد الله . و نبه إلى ضرورة التعاضد و التساند بالقطع مع الماضي و التوجه نحو المستقبل ليتحمل السياسي والإعلامي مسؤولياتهما في بناء مغرب حداثي ديموقراطي. و فتح باب النقاش لتنصب عدة تدخلات على تنبيه السيد بنعبد الله إلى كونه ركز في درسه الأكاديمي على واقع الأحزاب السياسية و الحديث عن الانتخابات و " الكائنات الانتخابية " - على حد تعبيره - و ظاهرة الترحال السياسي و بيع و شراء الأصوات في بورصة الانتخابات سواء لدى الناخبين الكبارأو غيرهم.. دون تسليط ما يكفي من الضوء حول واقع العلاقة بين الإعلامي و السياسي ، و خاصة الصحافة غير الحزبية التي حققت نجاحا باهرا لدى القراء ، و بالخصوص الصحافة المكتوبة، دون تفسير السر في هذا النجاح ، كما أن بعضها يتعرض للمحاربة من طرف الجهات المسؤولة عن الدعم لدفعها نحو الإفلاس.. و جاءت أجوبة السيد بنعبد الله مطبوعة بقناعته بروح النضال الذي خاضه حزبه و لا يزال بصفته حزبا تقدميا، مؤكدا على استعداده للاستحقاقات الانتخابية القادمة، و أن تركيزه على ما هو سياسي اكثر مما هو إعلامي يعود لكونه رجل سياسة و يمارس السياسة أكثر من أي شيء آخر، يتأقلم مع الظروف و المستجدات، و من ذلك أنه- مثلا- لا يستطيع الحديث عن الاشتراكية لجيل اليوم في زمن الخوصصة.. أما تفسيره للسر من وراء تراجع الصحافة الحزبية مقابل تطورالصحافة المستقلة فهو أن هذه الأخيرة- في رأيه- تعتمد أسلوب الإثارة و منطق الربح، بعيدا عن مبادئ وأخلاقيات مهنة الصحافة التي لا تزال الصحافة الحزبية متشبتة بها،مؤكدا أن طفرة الصحافة المستقلة إلى زوال و أن الأمر يبقى مجرد وقت ليس إلا.داعيا إلى خلق تجمعات صحفية ذات مرجعيات فكرية وطنية مثال جريدتي " لوموند " و " لوفيغارو" الفرنسيتين. و في رده حول سؤال مبعوث شبكة طنجة الإخبارية حول" رأيه في الصحافة الالكترونية - باعتباره مهنيا و مسؤولا سابقا عن القطاع ومناضلا في حزب وطني تقدمي يؤمن بضرورة توسيع هامش الحريات بما فيها حرية الصحافة - و هل علاقة الإعلام الإلكتروني مع السياسي واضحة ام أنها ملتبسة ؟ و ذلك بالنظر إلى كون الإعلام الإلكتروني يفرض نفسه يوما بعد يوم و منتوجه يوجد في الساحة و يلبي حاجيات المواطن باعتباره يعبرعن جزء من آلامه وآماله، و مع ذلك يبقى في الظل دون أخلاقيات و لا قانون منظم .." أجاب بنعبد الله أن هذا النوع من الصحافة أصبح اليوم يفرض نفسه و هو يلعب دورا مهما و متزايدا في الساحة الإعلامية و في تشكيل وعي و رأي عام تجاه قضايا مختلفة، لكنه يبقى في حاجة إلى حماية و تقنين و ضوابط. و في سؤال خاص من شبكة طنجة حول ما يمكن فعله في هذا الباب لجعل الصحافة الإلكترونية تتخذ المكانة التي تستحقها ، وهل هناك تفكير في مأسستها و تنظيمها ، أكد الأستاذ بنعبد الله أن هناك مشروعا يتم تطويره وتنقيحه من أجل بلورته حتى تأخد الصحافة الالكترونية المكانة القانونية و تساهم في مسيرة البناء، إلى جانب باقي التعبيرات الإعلامية الأخرى، بناء مغرب الحريات المسؤولة و الوطنية المؤمنة بالحداثة و الديموقراطية .