اشتدت الحرب الكلامية بين الفنلندي اري فاتانن والفرنسي جون تود المرشحين لمنصب رئاسة الاتحاد الدولي للسيارات "فيا" خلفا للبريطاني ماكس موزلي الذي تعهد بدوره بان يبتعد عن الاضواء الا في حال طلب خلفه او احد الاندية الاعضاء استشارته. وتقام الانتخابات في 23 الشهر الحالي في باريس من اجل اختيار خلف موزلي الذي استلم هذا المنصب منذ 1993 وهو عكف عن الترشح لولاية جديدة، داعما مدير فيراري السابق تود لتولي هذه المهمة على حساب المرشح الاخر فاتانن. وتشير جميع التوقعات الى ان تود يتوجه للفوز بهذه المعركة التي احتدمت بعدما اتهم الفرنسي منافسه الفنلندي بانه يلجأ الى وسائل "وسخة" في حملته الانتخابية، معتبرا ان فاتانن لم يقدم ورقة عمل مفصلة حول الاصلاحات التي يريد ادخالها الى الاتحاد الدولي. واتهم تود في رسالة وجهها الى جميع الاندية الاعضاء في الاتحاد الدولي منافسه باستعمال وسائل "هجومية شخصية" و"ادعاءات مغلوطة" من اجل تلميع صورته، مضيفا "حاولنا ان نفهم الاقتراحات التي قدمها منافسنا حول فيا، لكننا لم نجد اي سياسة تفصيلية. شددنا في حملتنا على العمل الجماعي وعلى ضرورة ان يعمل اركان رياضة المحركات معا". وواصل "وخلافا لتوجهنا، فان النبرة السلبية التي ينتهجها منافسنا في حملته تهدد وحدة فيا. فريقنا يعي ان هناك الكثير من الامور التي توحد الاندية الاعضاء في الاتحاد عوضا عن تفريقها". وتابع "نتوجه الى جميع الاندية الاعضاء في فيا ونطلب منهم التركيز على المسائل الجادة ونأمل ان يتوقف الهجوم الشخصي والادعاءات المغلوطة. نحن واثقون بان غالبية الاندية الاعضاء في فيا يعون بان قدراتنا الادارية واحترافنا الكبير يقدمون الخيار الامثل من اجل مواجهة التحديات التي ستواجه رياضة المحركات في المستقبل". وبدوره اشار فاتانن انه نجح كرجل اصلاحي في بناء علاقات قوية مع الاندية الاعضاء، متطرقا الى التهم التي وججها اليه تود حول لجوء البطل الفنلندي السابق الى وسائل "وسخة" في حملته. وقال فاتانن "العديد من الاشخاص اتصلوا بي ليسألوني ماذا يعني الاخرون عندما يتهموا حملتي بانها وسخة؟ جوابي بسيط جدا: يبدو من الخطأ (بالنسبة لتود) ان اتحدث عن التغيير والديموقراطية والشفافية، وقد اعتبروا هذه الامور اهانة شخصية تجاه كل الاشخاص الذين عملوا مع فيا قبل هذه الانتخابات. وبالامكان اعتبارها (موقف تود) تكتيكا انتخابيا". ورد فاتانن على الاتهام الذي وجهه تود الى حملته بانها تفتقر الى سياسة مفصلة، قائلا "مهمتي الاولى (في حال انتخب رئيسا) ستكون الاجتماع بجميع الاشخاص الذين ساهموا بهذا الامر من اجل شكرهم. سالتقي الادارة العاملة في فيا مباشرة بعد هذا الاجتماع من اجل تزويدهم ببعض الخطوط العريضة (للعمل) للاسابيع المقبلة". واضاف "اريد ان اظهر قيادة مرتكزة على القيم المشتركة وان ارفع سمعة فيا الى المستوى الذي يستحقه، وان ادافع عن طريقة تفكيرنا والحياة في رياضة المحركات". واردف قائلا "اريد ان ادعو بعض الاشخاص العاملين في وكالات استشارية دولية معروفة من أجل يقوموا بتقرير حول العمل الحالي الذي يقوم به فيا وعن بنيته، المالية منها والادارية. وبعدها سنتخذ القرارات المناسبة بناء على هذه التقارير وبالتوافق مع وجهات نظر اعضاء اللجنة بالطبع". ولم يكن تود وفاتانن الشخصين الوحيدين اللذين يتواجهان الى الاندية الاعضاء برسالة، اذ حذا موزلي حذوهما من جل ان يعلمها بان الوقت حان بالنسبة له من اجل الابتعاد قدر الامكان عن الاتحاد الدولي. وقال موزلي في رسالته "اتمنى لخلفي ولكامل فريقه الافضل في المستقبل. امل وبتواضع ان ابقى على اتصال مع الاندية الاعضاء والقيادة الجديدة في فيا من خلال عضويتي في المجلس التشريعي والمؤسسة. لكني لن اقدم الا النصيحة في طلب مني هذا الامر بشكل خاص. حان الوقت بالنسبة لي من اجل التنحي والتمتع بحياة اكثر سكينة". واعتبر موزلي انه حقق الكثير من النجاحات خلال تواجده في رئاسة الاتحاد الدولي، مضيفا "في بداية رئاستي عام 1994 خسرنا ايرتون سينا ورولاند راتسنبرغر (بسبب حادثين في فورمولا واحد). تسبب موتهما باعادة تقييم جذرية للسلامة على كل اصعدة رياضة المحركات. اسسنا مجموعة للبحوث من اجل ان تقوم بشكل متواصل باختراع وتجديد متطلبات السلامة". وتابع "بامكانكم ان تروا النتيجة في كل سباق ورالي حول العالم. بدون هذا التقدم، لكانت الحوادث التي شهدها سباق فورمولا واحد الاخير في سوزوكا، تسببت بكل سهولة بنهاية اسبوع مأساوية كما حصل في ايمولا عام 1994". وكان موزلي ترأس الاتحاد الدولي منذ 1993 بعد ان بدأ حياته في عالم السرعة كسائق هاو، ثم اسس بعدها شركة خاصة لتجهيز السيارات، وقد وجدت النجاح في عالم الفئة الاولى، ما فتح الباب امامه ليكون في اواخر سبعينيات القرن الماضي المستشار القانوني الرسمي لاتحاد فرق فورمولا واحد المؤسسة التي مثلت الفئة الاولى عالميا. ولعب موزلي دورا اساسيا في اتفاق ال"كونكورد" الذي ارسى "سلاما" بين اتحاد فرق فورمولا واحد والاتحاد الدولي لرياضة السيارات، قبل ان يصبح رئيس "فيا" عام 1993. وواجه موزلي الكثير من المشاكل خلال ولايته وابرزها العام الماضي عندما تورط بفضيحة جنسية، الا انه بقي على رأس الاتحاد الدولي رغم هذه الفضيحة التي هزت صورته وذلك بعدما منحه الاجتماع العام الاستثنائي الذي عقد في العاصمة الفرنسية باريس من اجل هذه المسألة، الثقة مجددا بحصوله على 103 اصوات داعمة لبقائه في منصبه مقابل 55 صوتا لاقالته، وامتنعت 7 اتحادات عن التصويت والغيت 4 اصوات. وتوقع كثيرون اقالة موزلي بعد نشر الصحف والمواقع الالكترونية صوره في وضع مخزي، وقد طالبه 17 اتحادا برسالة مشتركة التنحي من منصبه، وكذلك الرجل القوي في فورمولا واحد بيرني اكليستون للحفاظ على صورته وصورة الرياضة على حد قولهم. ولم يسلم موزلي من الانتقادات هذا الموسم ايضا بعدما قرر تطبيق قوانين جديدة في بطولة العالم لسباقات فورمولا واحد اعتبارا من 2010، ما دفع ثمانية فرق للتهديد باقامة بطولة منفصلة قبل ان يتوصل الطرفان الى النهاية الى اتفاق. اما بالنسبة لتود فهو كان انفصل مؤخرا وبشكل نهائي عن فيراري بعد ان انضم الى المصنع الايطالي عام 1993. وانهى تود كل الروابط مع "الحصان الجامح" خلال الجمعية العمومية لحاملي اسهم الشركة، وقد ذكرت صحيفة "توتو سبورت" الايطالية ان تصفية اعمال تود مع فيراري، ربما تكون مقدمة لترشيح نفسه الى رئاسة الاتحاد الدولي للسيارات "فيا"، وقد اصابت في توقعها. وكان تود (60 عاما) انضم الى فيراري عام 1993، ولعب دورا اساسيا في عودة "الحصان الجامح" الى ساحة الالقاب ابتداء من عام 1999 عندما توج الفريق الايطالي بطلا للصانعين، ثم في الاعوام الخمسة التالية بطلا للصانعين والسائقين مع السائق الالماني ميكايل شوماخر الذي اسدل الستارة على مسيرته الاسطورية في نهاية الموسم الماضي. وخاض تود غمار العديد من رياضات السرعة فكان مديرا عاما في فريق بيجو الفرنسي في بطولة العالم للراليات حيث قاد الاخير للقب العالمي عامي 1985 و1986 مع نسخة 205 المزودة بشاحن هوائي "توربو" حيث كان الرجل الاساسي وراء تطوير هذه السيارة، ثم طرازات اخرى من بيجو وفي العديد من السباقات ك "لو مان" في التسعينات. وكان تود خلف استقدام شوماخر الى فيراري عام 1996 من بينيتون والى جانبه المدير التقني روس براون. وفي ما يخص المرشح الاخر فاتانن الذي انتخب عضوا في البرلمان الاوروبي عام 1999 وبقي في هذا المنصب حتى العام الحالي عندما خسر في الانتخابات الاخيرة، فهو بدأ مشواره في عالم الراليات عام 1974 واستمر حتى 1998، وشارك في 101 سباقا مع فرق فورد واوبل وبيجو وسوبارو وبي ام دبليو وميتسوبيشي وتوج بطلا للعالم عام 1981 مع فريق روثمانز (فورد ايسكورت)، كما احرز 10 انتصارات خلال مسيرته وصعد الى منصة التتويج في 27 مناسبة. وكان سباقه الاول في رالي بلاده عام 1974، وفوزه الاول في رالي اكروبوليس 1980 والاخير في رالي السويد 1985، اما مشاركاته الاخيرة فكانت في 2003 في رالي باريس-دكار (حل سابعا مع نيسان) وفي رالي فنلندا (حل 11 على متن بيجو 206).