كل ما بوسعنا أن نبذله للصحفي " مصطفى بنشريف" من جريدة رسالة الأمة الذي سقط قبل أيام في قعر حفرة على عمق مترين كانت مغطاة بصفائح حديدية، هو دعاؤنا له بأن يكون مصابه هذا مغفرة للذنوب مثلما نصنع عادة مع بعضنا البعض كلما سقط أحدنا ضحية لإهمال المسؤولين. فإذا وضعنا الحادث الذي تعرض له الصحفي المذكور خلال زيارته لموقع مشروع شركة "الديار القطرية" بمنطقة هوارة بمدينة طنجة، في سياق ما يتعرض له يوميا عشرات المواطنين بفعل الحفر المنتشرة في شوارعنا وأزقتنا والتي يمكن عدها بالملايين، نتساءل عن جدوى التغطية الإعلامية التي حظي بها هذا الحادث، وكأن لا أحد يسقط في الحفر في هذا البلد، فهذا أمر عادي يتكرر يوميا. ولكن من باب أن الحاجة إذا ما نفعت ما تضر وبالنظر إلى شخص الضحية كصحفي وإعلامي بارز، فربما تفلح هذه المتابعة الاعلامية في يقظة ضمير مسؤولينا إن كان ما زال عندهم ضمير وداعيا لشعورهم بالذنب على تسببهم في متاعب كثير من المواطنين إن كان عندهم ذرة شعور واحدة، فيقومون بترميم الحفر أو وضع إشارات تحذيرية منها على الأقل. في الدول التي تحترم مواطنيها توجد قوانين صارمة تلزم كل من وجدت بجانب بابه حبة حصى واحدة أن يقوم بإبلاغ الجهات المسؤولة لتقوم هذه الأخيرة بمعالجة الأمر في سرعة خاطفة تنافس سرعة الضوء، وذالك تحت طائلة غرامات متفاوتة وتتضاعف في حالة ما إذا أصيب الغير بضرر من جراء هذا الخلل. أما عندنا في مغرب الحق والقانون والمتشبع بمبادئ من قبيل إماطة الأذى عن الطريق، فإن الناس يسقطون بالعشرات في حفر متفاوتة العمق وتتسبب لهم في متاعب صحية كثيرة، فالمواطنون كل واحد عايم فبحره وكل ما يحسنونه هو التجمهر حول مصاب معين، والمسؤولون في أبراجهم العاجية نائمون لا ينزلون منها إلا مع حلول موسم الانتخابات ليرددوا على الناس وعودهم الكاذبة بترميم الحفر الموجودة في الشوارع والأزقة وأيضا تلك التي توجد في كرامة المواطن وفي وضعيته الاقتصادية والاجتماعية. لكن بمجرد الفوز يغيرون رأيهم ويقررون ترك كل شيء على حاله من أجل استعماله كورقة في الانتخابات المقبلة. فيا ليت الزمان يعود يوما فنخبره بما فعله الطمع وخيانة الأمانة، ويا ليت المسؤولين يقرؤون التاريخ "فيجبد" لهم آذانهم إن لم يكونوا قد وضعوا عليها واقيات. فيا حسرة على عمر بن الخطاب الذي كان يخشى أن تتعثر دابة في الشام فيحاسب عليها لأنه لم يعبد لها الطريق. ولكن يبدو أن الوقت ليس وقت التمني والحسرة، لأن لا فائدة من ذالك ما دام موقفنا الوحيد هو أن نمني بعضنا البعض بمغفرة الذنوب كلما سقط أحدنا ضحية الإهمال، وتهدئة آلام الصغار كلما جاء أحدهم باكيا مربتين على كتفه مع عبارة " دابا تكبر وتنساها"، مع العلم أنهم يمكن أنه سيتذكروا مع حدث له في أية لحظة عندما يكبر، وذالك بسبب الحفر التي ستبقى متربصة بنا على طول شوارع مملكتنا العزيزة. [email protected]