قدمت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وهي أكبر المنظمات الحقوقية في المغرب يوم أمس الثلاثاء بمقر الجمعية تقريرها السنوي حول أوضاع حقوق الإنسان بالمغرب الذي تضمن مختلف أصناف الحقوق التي واكبتها الجمعية خلال سنة 2012 حسب مجموعة من المجالات. المستوى التشريعي وانتقد التقرير تغييب البرنامج الحكومي للالتزامات العديدة للدولة في مجال حقوق الإنسان بناء على الوثيقة التي رفعها المكتب المركزي لرئيس الحكومة والتي ضمت 30 ملاحظة على التصريح الحكومي. وسجلت الجمعية عدم استجابة الحكومة لمطالب الحركة الحقوقية بشأن بعض المشاريع والقوانين وفي مقدمتها التصدي لقانون الضمانات الممنوحة للعسكريين رغم تغيير الحكومة لصيغته الأولى، بالإضافة إلى تغييب وزير الاتصال للحركة الحقوقية أثناء تشكيل لجنة لمراجعة قوانين الصحافة، رغم التزام الوزير المعني بالعمل المشترك مع الائتلاف المغربي لهيآت حقوق الإنسان. الدستور أشار تقرير الجمعية إلى أنه رغم قيام الدولة تحت الضغط الجماهيري ل"حركة 20 فبراير"، بتعديلات دستورية تتضمن عددا من الحقوق والحريات كتجريم التعذيب، والاعتقال التعسفي والاختفاء القسري، إلا أن عدم توفر الضمانات الدستورية ، القضائية منها بالخصوص ، لأجرأة هذه الحقوق وضمان حمايتها وعدم إفلات منتهكيها من العقاب يحد من تأثيرها في الواقع. مشيرا إلى أن تقييد سمو المواثيق الدولية لحقوق الإنسان في الدستور بسقف الخصوصية المتجلية في أحكام الدستور والقوانين المحلية والهوية الوطنية، يشكل تناقضا يفرغ التنصيص على هذا السمو من أي مضمون. الصكوك الدولية التي لم يصدق عليها المغرب: جاء في التقرير السنوي حول انتهاكات حقوق الإنسان بالمغرب سنة 2012، أن المغرب صادق بعد تأخر كبير، على الاتفاقية الدولية بشأن حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري في 14 ماي 2013، وإعلان الحكومة عن قرارها القاضي بالتصديق على 3 بروتوكولات جديدة، في المقابل سجل تلكأ الدولة في التصديق على العديد من المواثيق والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، كما سجلت الجمعية، إصرار المغرب على موقفه الممتنع عن التصويت على التوصية الأممية بخصوص توقيف تنفيذ عقوبة الإعدام رغم الحملة الترافعية التي قام بها الائتلاف المغربي ضد عقوبة الإعدام. توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة: انتقد التقرير عدم تنفيذ أغلب التوصيات الصادرة عن الهيأة رغم مرور ست سنوات على مصادقة الملك على التقرير الختامي لهيئة الإنصاف والمصالحة، في 06 يناير 2006، من قبيل الاعتذار الرسمي والعلني للدولة، وعدم التكرار، وإلغاء عقوبة الإعدام والتصديق على الاتفاقيات والبروتوكولات. الاعتقال السياسي: أشارت الجمعية إلى أن الاعتقال السياسي عرف ازدواجا في تعامل الدولة معه إذ أن بداية سنة 2012 عرفت إطلاق سراح بعض المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي، وشيوخ السلفية، في الوقت الذي تمت فيه اعتقالات جديدة وكثيرة. وقدر التقرير عدد المعتقلين السياسيين الذين تابعت حالتهم الجمعية خلال 2012 ب 217 معتقلا، موزعين على مجموعات ( نشطاء حركة 20 فبراير، نشطاء حقوقيون، معتقلوا الحركات الاحتجاجية، معتقلو الرأي الصحراويون، نقابيون، الطلبة نشطاء الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، المعتقلون السياسيون المتبقون في ملف بلعيرج ...) وينضاف إليهم العديد من المعتقلين ممن يعرفون بمعتقلي السلفية الجهادية، ضحايا المحاكمات غير العادلة. الاختفاء القسري بالمغرب، وحالات الاختطاف: انتقد التقرير السنوي للجمعية تماطل الدولة في إجلاء الحقيقة بشأن العديد من ملفات الاختفاء القسري، ومن بينها تلك الحالات التي تضمنها تقرير هيئة الإنصاف والمصالحة وعلى رأسها ملفات المهدي بنبركة والحسين المانوزي وعبد الحق الرويسي وعبد اللطيف زروال ووزان بلقاسم وعمر الوسولي ومحمد إسلامي وغيرهم، كما تابعت الجمعية العديد من حالات الاختطاف الجديدة خلال سنة 2012. الأوضاع العامة بالسجون: رصد التقرير واقع متردي للسجون بالمغرب من خلال تسجيل انتهاكات خطيرة لحقوق السجناء المنصوص عليها في القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء نتيجة تسييد المقاربة الأمنية في السجون، ومن تجلياتها استمرار أحد المسؤولين عن جرائم سنوات الرصاص على رأس المؤسسات السجنية وقد سجلت الجمعية نسب اكتظاظ كارثية في 34 مؤسسة سجنية، تراوحت بين 04% و%168,14، ناهيك عن غياب شروط النظافة الشخصية، وضعف التغذية والتطبيب؛ وهو ما يؤدي إلى انتشار الأمراض و الوفيات، مشيرة على أن الوضع يزداد مأساوية مع تعرض السجناء للتعذيب؛ حيث تلقت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان شكايات، من طرف المعتقلين وذويهم، تتعلق بالتعذيب الجسدي والنفسي. الحريات العامة: عرفت وضعية الحريات العامة بالمغرب، خلال سنة 2012، حسب التقرير تراجعات ملموسة؛ بفعل استمرار وتيرة الانتهاكات والخروقات التي تطال ممارسة الأفراد والجماعات لحقهم في حرية التعبير، والحق في تأسيس الجمعيات وحرية التجمع، وحرية الصحافة، والحرية النقابية وحرية التنقل... فرغم إدراج فصل خاص بالحقوق والحريات في دستور فاتح يوليوز 2011، إلا أن مقتضيات هذا الفصل لم تنعكس على واقع الحريات والحقوق ببلادنا؛ حرية الصحافة ودمقرطة الإعلام العمومي : سجلت الجمعية استمرار تراجع تصنيف المغرب في سلم حرية الصحافة (الرتبة 138)؛ الأمر الذي تؤكده أيضا تقارير منظمة "فريدم هاوس" الذي سجلت من جديد الانتهاكات التي تعرفها حرية الصحافة. وعرفت سنة 2012 حسب التقرير تسجيل عدد من حالات الاعتداء الجسدي على الصحافيين، أثناء أداء مهامهم، خاصة أثناء الهجمات القمعية ضد مسيرات حركة 20 فبراير، واستمر الحرمان التعسفي لبعض الصحافيين من حقهم في بطائق الاعتماد، كما تم سحبها تعسفا كذلك من صحفيين آخرين، ومنعت العديد من الصحف من دخول المغرب بقرار من وزارة الاتصال القضاء المغربي: سجلت الجمعية استمرار توظيف القضاء لاستصدار الأحكام الجائرة في محاكمات تغيب فيها معايير المحاكمة العادلة، وخاصة تلك التي توبع فيها ضحايا قمع حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة، والنقابيون، والناشطون والمعارضون السياسيون، والمشاركون في الاحتجاجات الاجتماعية ، والنشطاء الحقوقيون من ضمنهم العديد من أعضاء الجمعية، ومعتقلو ملفات محاربة الإرهاب. الحقوق الاقتصادية أورد التقرير معطيات جاءت بها تقارير البنك الدولي، والتي أفادت أن الاقتصاد المغربي، سجل أدنى معدل نمو إجمالي للناتج المحلي (2.7 في المائة)، بالنظر إلى نسبة (5 في المائة) المسجلة عام 2011، فيما ارتفعت المديونية لتشكل 58.8 في المائة من هذا الإجمالي، وازدادت فائدة خدمة الدين الداخلي ب10.6 في المائة، والدين الخارجي بنسبة 32.6 في المائة، لتصل في نهاية يوليوز 2012 إلى 12 مليون درهم. كما أن مخصصات الاستثمار في الميزانية العامة انخفضت، في نفس الفترة، إلى 22.5 مليون درهم بدل 24 مليون درهم. وأشار تقرير صادر من منظمة الأغذية و الزراعة (الفاو) التابعة للأمم المتحدة أن أزيد من مليوني مواطن مغربي يعانون من سوء التغذية، بنسبة 5.5 في المائة من العدد الإجمالي لسكان المغرب؛ في حين تفيد تقارير أخرى أن حوالي 8 ملايين من المغاربة إما هم فقراء أو معرضون للوقوع في براثين الفقر المدقع. ألف بوست