" أن تكون، يعني أن تفرز لنفسك بنفسك، بصمتك الوراثية بفرادتها، بتميزها، وعموما في كينونتك. كذلك نحن، ف"الراصد الوطني للنشر والقراءة" وهو يكابر ليكبر، ويكبر فيكم وبكم ومعكم، ليكون، ويكون يعني أن يبصم على الطرس خصوصيته، بكل الإصرار على مواصلة المسير في مسالك النشر والقراءة غير المعبدة، المليئة بالحفر والمنعرجات،لكننا نسير، مزودين بمحبتكم وتشجيعاتكم، وتلك هي زادنا الوحيد الذي نقتات به لمواصلة المسير. وإذا كانت البصمة بالوراثة تعود إلى الأب فالبديهة تستحضر الأب بوزفور الذي نفخ فينا من زفراته ونحن نتلمس أبجديات القص. وتلك بصمة الوراثة التي خلفها فينا كاتب استثنائي، وإذ نتحمل مسؤولية التوصيف، نتحمل معها شرف الامتداد الوراثي بكل الحب والفرح. بوزفور كما أردناه عهدناه، إنسان في زمن شح فيه الإنسان بما هو إنسان مشبع بقيم الإنسانية. بوزفور كما أردناه عهدناه، مبدع في زمن شح فيه الإبداع، بما هو إبداع يرادف الخلق من عدم. بوزفور كما أردناه عهدناه، مشاكس في زمن شح فيه المثقف المشاكس وساد فيه "المثقف" الإمعة، المثقف الفقاعة التي تنتفخ إلى الحد الذي تضمحل فيه مع الزمن. بوزفور معنا اليوم، بكل هامته، بكل شموخه، بكل تواضعه، يسامرنا شغف القص..." بهذه الكلمة أعلنت الشاعرة هاجر الصمدي (عضو الراصد الوطني) عن انطلاق فعاليات حفل تقديم وتوقيع مجموعة "نافذة على الداخل" للقاص أحمد بوزفور، الذي نظمه "الراصد الوطني للنشر والقراءة" بتنسيق مع "مكتبة الفاصلة" وجمعية "ثقافات المتوسط"، مساء يوم السبت 15 يونيو 2013 بمكتبة الفاصلة (طنجة). وعرفت الجلسة التقديمية مشاركة الأستاذ عبد السلام الجباري (أصيلة) بشهادة في حق القاص أحمد بوزفور، ركز فيها على ثلاث عتبات: عتبة الريح مشيرا فيها إلى لقائه الأول ببوزفور وتوطد علاقتهما خلال السنوات اللاحقة عبر المهرجانات القصصية. عتبة النص وتحدث فيها عن نصوص "نافذة على الداخل" وتميزها عن الكتابات السابقة لأحمد بوزفور الذي أعلن من خلال المجموعة عن مولد قصة مغربية تعكس مدى التطور الذي حصل في هذا الجنس الأدبي لغة وخيالا وتيمات وطولا وقصرا. عتبة البيان الملهب التي أشار فيها إلى رفض بوزفور لجائزة الكتاب لوزارة الثقافة المغربية برسم سنة 2002.
وفي ورقة الأستاذ عماد الورداني (تطوان) المعنونة ب «استعارات أحمد بوزفور»، ركز فيها على الاستعارة والسياق الأصغر وما تكتنزه من دلالات لا متناهية في المجموعة من خلال النص الجزئي "التراب" والنص الكلي "شخصيات خاصة جدا"، كما تحدث عن الاستعارة والسياق النصي من خلال قصة "المكتبة"، باعتبار المكتبة ليست سوى وسيلة استعارية تخضع للسياق النصي من أجل فهم الذات وإعادة تفسير ماضيها، منتهيا إلى الاستعارة والسياق الأكبر، وما ترسمه النصوص القصصية من عوالم حكائية باللون، وكأننا أمام لوحات تشكيلية تحتاج إلى طاقة تأويلية لفك جزء من استعارتها وتوظيف محكم لطاقات اللون ضمن المحكي والسردي.
وقد تطرق الأستاذ مصطفى جباري (الدارالبيضاء) – ناب عنه الشاعر خليل الوافي -في ورقة معنونة ب «النافدة والداخل»، إلى محورين: "النافذة أو من أين تأتي القصة" مؤكدا على أن المجموعة هي امتداد لكتابة بوزفور السابقة، خاصة من حيث التيمات، ومن حيث الثنائيات: ثنائية السرد والمعرفة النصية، ثنائية الأنا والذات، ثنائية النص الشذرة والنص الكل. ومحور ثان بعنوان: "الداخل، أو غمزات هيرقليطس" تحدث فيه عن: الشيء نقيضه، الداخل الملاذ، الماء سيد العناصر في هذا "الداخل"، داخل معتم، إنسان هذا الداخل ملتفت مثل الجملة القصصية المهيمنة، وأن هذا الداخل مؤثث بصور العودة والرجوع لأنه مجبول بالفقد والخسران والتضييع. واختتمت الجلسة التقديمية التي سيرها القاص رشيد شباري بكلمة القاص أحمد بوزفور شكر فيها "الراصد الوطني للنشر والقراءة" و"مكتبة الفاصلة" و"جمعية ثقافات المتوسط" على هذا الاحتفاء الجميل وشكر كل الأساتذة الذين ساهموا في الجلسة التقديمية بقراءاتهم الرصينة ومقالاتهم الحصيفة، كما حيى الحضور البهي. ثم قرأ قصة "الحب" من المجموعة المحتفى بها. واحتفاء بالقصة القصيرة وب "نافذة على الداخل" تناوب على منصة الإلقاء أصوات قصصية متميزة: أحمد بوزفور (الدارالبيضاء)، زوليخا موساوي الأخضري (القنيطرة)، زهير الخراز (أصيلة)، حسن يارتي (القصر الكبير)، وقد عرف الحفل حضور ثلة من المبدعين والنقاد والإعلاميين والمهتمين بالشأن الأدبي الذين قدموا من مدن مختلفة من أجل الاحتفاء بمجموعة "نافذة على الداخل" للقاص أحمد بوزفور، وقد أسدلت الشاعرة عائشة بلحاج الستار عن فعاليات هذا الحفل، بدعوة عشاق القصة إلى توقيع المجموعة على إيقاع الصور التذكارية، التي ستؤرخ للحظة إبداعية ستظل حاضرة في ذاكرة "رونق المغرب".