في سابقة محمودة وعلى غير مثال حسب مبلغ علمي ، بادر ثلة من أعضاء " صالون طنجة الأدبي " بارساء سنة ابداعية ذات طقس شعري خالص بالتآمهم في جلسة أنيقة باحدى المقاهي الراقية بمدينة طنجة العلم والثقافة ، كي يباشروا جنونهم الشعري بشغف الظامئ الى ماء الشعر الصافي . وقد كان عريس الليلة الشاعر الأنيق الصديق الخجول الزبير العمرتي ، حيث انتصب صوتا شعريا لا يقارعه في أمسيته أي صوت آخر ، في اطار ما اسماه منظموا هذه الباردرة /الاشراقة ببرنامج "صوت من الصالون" . فعادت بي الذاكرة الى طقوس مجلة شعر بعمالقتها الذين أسسوا لتجربة الشعر المعاصر في لبنان قبل نصف قرن . كم كانت التجربة مبتكرة أو هي بتعبير أصح احياء لتقليد دأب عليه كبار الأدباء والفنانين والمثقفين منذ زمن بعيد ، كما تخبرنا به تجربة بودلير مثلا ، في صالون 1859 ، أو حلقة نجيب محفوظ ومجايليه . وقد أتحفنا الشاعر الزبير بقصائد منتقاة من ديوانيه ، في أجواء حميمية واكبتها أسئلة مفتوحة حول تجربته ورؤيته ومشاريعه ، كما سادت دردشة نقدية على وقع نغمات العود الأسطورية التي رافق بها الجلسة الشاعرية والشعرية الفنان العصامي احمد وراد . كم نحن في حاجة الى مثل هذه المبادرات ، وهنيئا لأعضاء صالون طنجة الأدبي الذين استطاعوا رغم الحصار الكبير للثقافة في هذه المدينة أن يحركوا جليد الثقافة في طنجة ، ويبادروا الى بعث عنقاء الفعل الثقافي بهذه المدينة المسكونة بحمى الابداع من رماده .