لقد أصبح واضحا أن شنق الرئيس العراقي قد خلق فراغا عربيا مهولا، فقبل مأساة أبريل 2003، كان بامكان الانسان العربي أن يميز المرجعية العربية الصحيحة من خلال الخط العراقي، فلا يقع في خطأ دعم ايران أو الولاياتالمتحدة. مع وجود قيادة عربية من نوع صدام حسين كان صعبا بل مستحيلا على ايران أن تستقطب ما بات يطلق عليه ب: أنصار الممانعة العربية و مصطلح الممانعة استحدث خصيصا للدلالة على الدول الاسلامية التي مازالت رافضة للسيطرة الأمريكية بالرغم من معاينتها للأسلوب الاستئصالي الذي استخدمته الصهيونية العالمية لتجريد الدولة العراقية من محتواها القومي المرجعي. من الضروري أن ندرك أن المسؤول الأساسي عن نشوء خط عرب ايران هو النظام العربي الرسمي و تحديدا السعودية و مصر عن طريق المساهمة الفعالة في تدمير العراق دون الحصول على ضمانات ملموسة من الجانب الأمريكي بمنع اندلاع محاور استقطاب جديدة بعد التضحية برأس صدام حسين الذي كان مصدر ازعاج لاسرائيل ((ضمنيا المجتمع الدولي أو المجتمع الأورو-أمريكي بتعبير أكثر دقة و أمانة)) و ايران و ما يعرف الآن بمحور الإعتدال العربي الذي أفرز تناقضات صارخة كالعلاقة بين السعودية و السلطة الفلسطينية، لنتصور تنظيما يساريا ثوريا كمنظمة التحرير الفلسطينية مدعوما بقوة من قبل البترودولار الوهابي؟!!. هذا التناقض الذي جمع بشكل كاريكاتوري بين اليسار الثائر و أنظمة دينية رجعية حسب التعبير اليساري، ليس التناقض الوحيد، إذ لدينا في الوقت الحاضر قوميون عرب تحولوا الى القميون العرب حيث أصبحوا ايرانيين أكثر من خامنئي و نجاد، و لنتصور مجددا فكرا قوميا عربيا مدعوما من طرف التومان الفارسي المعبأ بثقافة الحسينيات و العمامات السوداء و مواسم النحيب و العويل على أشخاص ماتوا منذ قرون. لذلك لا تستغربوا اذا شاهدتم أشخاصا مثل حسنين هيكل أو عزمي بشارة يمارسون طقوسا متخلفة في احدى حسينيات قم المقدسة . مع كل هذه العيوب الغائرة التي تصم الاصطفاف العربي هناك ملاحظات حول الشارع العربي و الاسلامي عموما، عليه أن يفهم أن الحالات التي تتفوق فيها الحرية على الخبز موجودة و من ضمنها واجب التضامن الصاخب و المليء بالضجيج مع الفلسطينيين كل الفلسطينيين فالشعب واحد و الألم واحد و الصمود واحد، و لا مجال للتقسيم الخبيث بين الضفة و القطاع و الذي يتلذذ بعض القميين العرب بايراده في كتاباتهم المسيئة لنظافة القضية الفلسطينية. يتوجب على الشعب الفلسطيني أن يعي التحدي الوجودي الذي ينتظره و أن يسعى لتخليص قضيته من التيارات التي تريد تقييدها باستراتيجيات أجنبية في المنطقة فتضيف بذلك احتلالا جديدا على الاحتلال الاسرائيلي.