تربع المنتخب المصري لكرة القدم على عرش القارة السمراء بعد تتوجيه بطلاً لكأس الأمم الأفريقية للمرة الثانية على التوالي والسادسة في تاريخه بتغلبه على الكاميرون 1-صفر في المباراة النهائية للنسخة السادسة والعشرين التي استضافتها غانا مطلع 2008.قدم المنتخب المصري عروضاً من مستوى رفيع أبهرت الجميع متفرجين على الطبيعة في المدرجات ومشاهدين عبر شاشات التلفزة ولقن الدروس لمنافسيه وقدم العبر للراغبين في تحقيق الانجازات غير المسبوقة حين أبقى في حوزته الرقم القياسي في عدد مرات الفوز باللقب. وأسكت المدير الفني حسن شحاتة ورجاله المنتقدين وهم كثر بعد أن شككوا في قدرتهم على الاحتفاظ بالكأس واستبعادهم من دائرة المنافسة ولم يكن أشد المتفائلين بهم يتوقع أن يتخطى المنتخب المصري الدور الأول بسبب غياب أبرز عناصره أحمد حسام "ميدو" ومحمد بركات بسبب الإصابة وحسام غالي الذي فضل الانتقال إلى اللعب مع دربي كاونتي الانكليزي بدلاً من مساندة منتخب بلاده في الامتحان القاري، إضافة إلى إيقاف قائده أحمد حسن في المباراة الأولى بسبب طرده في المباراة الأخيرة في التصفيات. لكن هذه الظروف الصعبة كانت بمثابة حافز كبير أمام لاعبي المنتخب المصري ومديرهم الفني للتفوق على أنفسهم فلفتوا الأنظار من المباراة الأولى حين روضوا الأسود الكاميرونية بفوز ساحق 4-2. ولعل ابرز الدروس التي يمكن استخلاصها من تألق مصر هو أن اللقب تحقق بقيادة إطار فني محلي مئة بالمائة في وقت تهافتت فيه المنتخبات القارية على الأسماء العالمية أبرزها من المدرسة الفرنسية أمثال هنري ميشال (المغرب) وهنري كاسبرجاك (السنغال) وجيرار جيلي (ساحل العاج) وجان فرانسوا جودار (مالي) وروبير نوزاريه (غينيا) والألماني بيرتي فوغتس (نيجيريا) ومواطنه اوتو بفيستر (الكاميرون)، وجميعهم فشلوا فشلاً ذريعاً في الصعود على قمة منصة التتويج. ونجح شحاتة في تدوين اسمه بأحرف بارزة في تاريخ اللعبة في مصر كونه أول مصري يحرز لقبين متتاليين، وكذلك في أفريقيا باعتباره أول مدرب يحقق هذا الانجاز منذ الغاني تشارلز غيامفي (1963 و1965)، علماً بأن الأخير هو المدرب الوحيد الذي أحرز 3 كؤوس قارية (توج عام 1982 مع غانا أيضاً في ليبيا). خطوط مكتملة ومتجانسة كان المنتخب المصري متكاملاً ومنسجماً في جميع خطوطه خلال البطولة الأفريقية فاختير 5 من لاعبيه ضمن التشكيلة المثالية الأساسية هم الحارس عصام الحضري ووائل جمعة وحسني عبد ربه ومحمد أبو تريكة وعمرو زكي، علماً أن المدافعين أحمد فتحي وهاني سعيد اختيرا ضمن تشكيلة احتياطية من 6 لاعبين. ويحلم شحاتة ومنتخبه، الذي احتل المركز السادس عشر في التصنيف العالمي لأول مرة في تاريخه منذ اعتماد هذا التصنيف، بجعل فرحة المصريين مكتملة من خلال بلوغ نهائيات مونديال 2010 في جنوب أفريقيا للمرة الأولى منذ 1990 في إيطاليا وللمرة الثالثة في تاريخها بعد 1934 في ايطاليا أيضاً. وأوقعت قرعة تصفيات الدور الحاسم مصر في المجموعة الثالثة وهي ليست صعبة عموماً، وتضم رواندا والجزائر وزامبيا حيث سيتأهل بطلها إلى نهائيات المونديال فيما تتأهل المنتخبات الثلاثة الأولى إلى نهائيات الأمم الأفريقية 5 في أنغولا عام 2010. ولم يأت نجاح المنتخب المصري من فراغ لإن لاعبي الأهلي "نادي القرن" الذين توجوا أبطالاً لمسابقة دوري أبطال أفريقيا عامي 2005 و2006 وحلوا في مركز الوصيف للنجم الساحلي التونسي عام 2007 قبل أن يستعيدوا اللقب عام 2008، يملكون الرقم القياسي أيضاً وهم يشكلون العمود الفقري للمنتخب.