في إطار النقاش الدائر حاليا حول المسودة الأولى لمشروع قانون الصحافة الإلكترونية الذي يبدو أنه يسير في اتجاه واحد من جهة وضعف مضمونه من جهة أخرى، ومساهمة منا في إغنائه في انتظار إعداد ورقة خاصة بالاتحاد المغربي للصحافة الإلكترونية وتقديم وجهة نظر متواضعة لمسودة نعتقد أنها قد تسيل الكثير من المداد في القادم من الأيام، بالنظر للطريقة التي عرضت بها بعض خطوطها، كما أنها أغفلت العديد من الجوانب البالغة الأهمية في تقديرنا، وركزت على جوانب رغم أهميتها فإنها في اعتقادنا تأتي في الدرجة الموالية . لكن قبل ذلك أود الإشارة إلى أنه وصلنا من مصدر جد مطلع أن المسودة التي توصلت بها اللجنة الاستشارية العلمية التي يترأسها الأستاذ محمد العربي المساري ليست النسخة التي بين أيدينا التي تعتبر ناقصة وتغيب عنها التفاصيل الدقيقة وعدد من المحاور، مع العلم أنه قيل لنا أن اللجنة العلمية التي تشتغل بشكل أسبوعي لن تنظر في المسودة إلا بعد أن يتم استجماع مقترحات وآراء جميع الفاعلين والمهتمين، مما يجعلنا نعاود أن الغموض الذي ما فتئ يتحدث عنه الاتحاد المغربي للصحافة الإلكترونية حقيقي وليس متخيل، وهو ما يعزز التخوف الذي أبديناه منذ الوهلة الأولى واتهمنا أنذاك ب "التسرع" . ونشير إلى أن احتجاجات الاتحاد المغربي للصحافة الإلكترونية لم تنطلق من فراغ بل نتيجة تراكم عدد من مبادرات وزارة الاتصال كانت في مجملها للأسف تسير في اتجاه الإقصاء المتعمد حينا والتغييب الغير مفهوم حينا آخر، ولم تقدم الجهة الرسمية لحد الآن مبررات يمكن الاعتماد عليها عند بلورة موقف أو صياغة تحليل متزن، وهكذا تلقت الصحافة الإلكترونية باستغراب كبير عدم استدعائها أو على الأقل رموزها لعضوية اللجنة العلمية الاستشارية المكلفة بإعداد مدونة الصحافة والنشر، كما أننا صدمنا من الشرط الإقصائي المتعلق بتوفر الصحفي الإلكتروني على البطاقة المهنية لكي يشارك في الجائزة الكبرى للصحافة الوطنية التي تنظمها وزارة الاتصال كل سنة ، وهو اقصاء مسبق للعاملين في الإعلام الإلكتروني من المشاركة في هاته المسابقة، بحيث أن العدد المتوفرعلى هاته الوثيقة لا يتعدى أصابع اليدين، كما أن هناك رأي يدفع بقوة في اتجاه ابعاد الصحافة الإلكترونية من عضوية المجلس الوطني للصحافة باشتراط 15 سنة من المهنية، ثم جاءت النقطة التي أفاضت الكأس وهي الطريقة التي اعتمدتها وزارة الاتصال في مشاوراتها حول المسودة الأولى لمشروع قانون الصحافة الإلكترونية، قبل أن نتوصل بالمسودة بشكل رسمي بعد احتجاجنا الشديد . وكانت وزارة الاتصال قد عقدت لقاء تشاوريا أوليا مع ممثلي الصحافة الإلكترونية بخصوص المسودة الأولى لمشروع قانون الصحافة الإلكترونية قبل تسليمه للجنة العلمية لمدونة الصحافة والنشركما يشاع، وذلك يوم الجمعة 12 أكتوبر 2012، بحضور حوالي 15 موقعا إلكترونيا من أصل 20 ممن يعتبرون من الأوائل، بالإضافة إلى الإطارات الممثلة أساسا في الاتحاد المغربي للصحافة الإلكترونية والرابطة المغربية للصحافة الإلكترونية. ومن خلال تتبعنا لمجمل أطوار هذا اللقاء الذي حضر شوطه الأول مصطفى الخلفي وزير الاتصال وغابت عنه بعض المواقع الإلكترونية الكبرى في المغرب لأسباب نجهلها حتى الآن، سجلنا مجموعة من الملاحظات : أولا : تم توجيه الدعوة ل20 موقعا إلكترونيا قيل على أنهم من الأوائل وهي مواقع تعتبر ميسورة ماديا وتشتغل نوعا ما بشكل مريح، في حين تم تغييب المواقع الإلكترونية الجهوية والمحلية التي تعاني في صمت رغم المجهود الكبير الذي تبذله في سبيل إيصال المعلومة للمتلقي والصعوبات التي تحاول تجاوزها بتحدي قل نظيره . ثانيا : رفض الوزير بشكل مطلق في ذلك اللقاء منح الحاضرين نسخة من المسودة وتم الاكتفاء بعرض عناوينها الكبرى، مما فوت علينا تقديم ملاحظات وآراء مبنية على معطيات عوض اقتراحات انطباعية وشخصية تعتمد بشكل كبير على ما دوناه وبشكل متسرع خلال اللقاء . ثالثا : اتضح من خلال الإجابة عن بعض أسئلتنا في هذا الإجتماع التشاوري من طرف أعضاء اللجنة المكلفة بالصحافة الإلكترونية داخل وزارة الاتصال أن هناك غموضا كبيرا في ما يتعلق بالعديد من القضايا الحساسة والاكتفاء بالسكوت في بعض الأحيان خاصة وعلى سبيل المثال بالحالات التي يمكن فيها حجب موقع إلكتروني، وعن كيفية تجسيد الحق في الوصول إلى المعلومة، وعن كذلك حق الصحفي في عدم الكشف عن مصادره وعن الغرامات والجزاءات المقترحة ما دام أن الوزير أكد في ذات اللقاء أن النص القادم سيكون خاليا من البنود السالبة للحرية..إلى غير ذلك من القضايا التي تمثل بالنسبة إلينا المنسوب الحقيقي للحريات، وضمانة أساسية لممارسة صحفية حقيقية . الآن وبعد أن توصلنا بالمسودة الأولية بشكل رسمي بعد احتجاجات عدد من الفاعلين والإطارات وفي مقدمتها الاتحاد المغربي للصحافة الإلكترونية برزت لنا مجموعة من الملاحظات حول مسودة قيل لنا أنها أولية، وإن كان حددت لنا مجموعة من التعريفات والمفاهيم الأولية ك"الصحفي الإلكتروني" و"الصحيفة الإلكترونية ".. وهي نقاط تحسب لها . ورغم أن المسودة تشير منذ البداية إلى أنها تسعى إلى إنضاج عدد من التصورات، إلا أنها غيبت مجموعة من القضايا المركزية بالنسبة إلينا في الاتحاد المغربي للصحافة الإلكترونية في مقدمتها التنصيص على إجراءات لضمان مصادر الصحفي ، تدابير لتسهيل الوصول إلى الخبر والمعلومة.. في المقابل كانت مجموعة من المحاور رغم أهميتها فإنها تأتي بعد الذي ذكرنا، وطرح أسئلة أصبحت متجاوزة من قبيل "هل أنت مع التصريح أو الترخيص أو أي شكل آخر؟" على اعتبار أن الأمر بات محسوما في هذا الباب، فإذا كان القانون الحالي ينص على التصريح فكيف لنا أن نطرح شكل الترخيص أصلا ؟ وإذا كان وزير الاتصال قد أكد في أكثر من مناسبة أن المشروع القادم سيكون خاليا من البنود السالبة للحرية، فإننا نعتبر أن هذا الإجراء غير كاف رغم أهميته ولا بد من ملاءمة عدد من القوانين مع هذه الخطوة لتكون لها معنى، فعلى سبيل المثال هناك صحفي تم تكييف قضيته لتتناسب مع فصول جاءت في القانون الجنائي ليتم الزج به في السجن في عز الحراك الشعبي، فمن سيضمن لنا عدم تكرار الأمر خاصة وأن هناك دلائل" قوية ومرة" تؤكد التراجع الرسمي البين عن عدد من المكتسبات المتعلقة بممارسة العمل الصحفي الحقيقي. أيضا جاءت الورقة الأولية بعدد من الاقتراحات "المقيدة والمكبلة" للعمل الصحفي رغم أنها طرحت على شكل أسئلة وهي على ما يبدو "غير بريئة" فهذا المقطع التالي على سبيل المثال يمكن أن ندرجه ضمن هذا الإطار "كيف يمكن تنظيم التصوير (الصورة المتحركة أساسا) في الأماكن العمومية بالنسبة للصحافة الإلكترونية؟ هل تقترح منح رخص التصوير لمدة معينة باسم الصحيفة الإلكترونية، وهل ترى أن حيازة بطاقة الصحافة تعتبر بمثابة ترخيص للتصوير في الأماكن العامة؟ وإذا كان هناك ترخيص، ما هي الجهة التي يمكنها منحه؟" فتصوروا معي أن صحفيا إلكترونيا لا يتوفر على بطاقة مهنية التي لن تعطى حسب المقترحات المقدمة إلا لمن توفرت فيهم مجموعة من الشروط، أن صادف حدثا مهما فسيصبح غير مخول له مباشرة تغطية صحفية لأنه سيصبح خارج القانون، بمعنى آخر فإن الإمكانات تعوز نسبة كبيرة من المواقع الإلكترونية الموجودة، ما مصيرها ؟ وكيف ستتعامل معها الجهات الرسمية ؟ وما موقعها من الدعم المادي الذي تبشر به الوزارة والذي قد يستعمل كسلاح للتأثير. وهذا مشكل آخر على اعتبار أن معظم المواقع الإلكترونية في الوقت الراهن حسب معرفتنا بها لن تستطيع إنشاء مقاولة وتشغيل عدد معين من الصحفيين وأداء أجور شهرية وتسديد مستحقات الضمان الاجتماعي ..وغيرها إلا مجموعة مواقع قليلة العدد على كل حال وهي التي يمكن اعتبارها التي تستدعيها الوزارة للتشاور أما المواقع الجهوية والمحلية والمؤثرة فمن سيتحدث بإسمها ؟ ومن يطرح مشاكلها ؟ ولماذا تتجاهلها وزارة الاتصال حتى الآن ؟ هذه الأسئلة نتمنى من السيد مصطفى الخلفي أن يجيب عنها وفي أقرب وقت . كانت هذه ملاحظات سريعة في انتظار المزيد، كمساهمة متواضعة لفتح نقاش حقيقي حول قانون قد يرهن الصحافة الإلكترونية بالمغرب لعقود من الزمن ، لذلك ندعو إلى التريث وعدم التسرع حتى يتم انضاج حقيقي لقانون يكون في مستوى المرحلة التي يمر منها الإعلام الإلكتروني المغربي . رئيس الاتحاد المغربي للصحافة الإلكترونية www.umpe.ma