التزاما ببرنامج الجمعية النضالي، والذي تميز هذا الأسبوع بتنظيم وقفة احتجاجية، أولا، بباب المحكمة الابتدائية تنديدا بما عرفته فصول المحاكمة الجائرة التي يتعرض لها عدد من شباب طنجة المناضل، طلائع الحركة الاحتجاجية الذين لا يعرفون التنازل ولا التراجع عن مطالبهم وعن حقوقهم التي أبانوا، بلا جدال، استعدادهم للتضحية من أجلها. فمنذ الساعات الأولى من صباح يوم الجمعة الذي صادف عملية الاستفتاء السيئ الذكر، كانت حناجر الشباب المناضل، أعضاء وأنصار جمعية أطاك، إضافة لعائلات المعتقلين، تدوي وتصرخ بأصوات عالية، وبشعارات واضحة، مدينة الاعتقالات وكل أشكال التضييق على الحريات وعلى المطالبين بحقوقهم في الشغل والتعليم والتطبيب والسكن والحياة الكريمة.. ضدا على كل الأساليب الاستبدادية، وضدا على كل سياسات القهر والقمع والحيف والتهميش والاستغلال..الخ استمرت الاحتجاجات إلى حين بدء أشغال المحاكمة وتمتيع الشباب بالسراح المؤقت، حيث انطلقت من جديد ومن قلب القاعة بالمحكمة، لتستمر ببوابتها لحظات قبل أن يتحول الحشد إلى باب السجن "سادفيلاج" السيئ الذكر، حيث اعتصم الشباب والعائلات وجميع الرفاق والمناضلون مدة فاقت الثلاثة ساعات. وبمجرد ما انفرجت أبواب السجن ولاحت الرفيقة ليلى ملوحة بشارة النصر، هرول الجميع لاستقبالها بالشعارات والقبلات وباقات الورد والزغاريد وحمامات الحرية.. شكل الجميع خلالها لقطة حميمية وتضامنية لا مثيل لها، حيث استمرت الملحمة إلى حين إطلاق سراح جميع المعتقلين رفاق المهدي فردا فردا. ولم يسدل الستار عن حفل الاستقبال خلال هذه اللحظة، بل امتد لنهاية الأسبوع، حيث نظمت الجمعية عشية الأحد استقبالا حاشدا تخللته كلمات المعتقلين، وهي عبارة عن شهادة حية عن معاناتهم منذ لحظة الاعتقال، أي منذ صعودهم لسيارات القمع حيث لاقوا خلالها جميع أصناف الضرب والصفع والركل والإهانة.. وهو ما استمر خلال جميع مراحل الاستنطاق داخل "ولاية الأمن" وبدرجة أقل داخل السجن سادفيلاج.. من جهة أخرى قدمت العائلات شهادتها عما عانته من تضييق وترهيب وتحذير من مواكبة أنشطة واحتجاجات أطاك، إضافة لكلمات مختلف اللجان العاملة داخل الجمعية، لجنة المرأة، لجنة الدعم للمعتقلين، لجنة الشباب.. بالإضافة لكلمة المعتقل السابق الرفيق عبد الإلاه عليلبيت، وكلمة عن "التوجه القاعدي" باسم الاتحاد الوطني لطلبة المغرب وأخرى باسم السكرتارية الوطنية لجمعية أطاك. بين الفينة والأخرى، كان الفنان الملتزم "صمد بحر" يتدخل بعوده وبأغانيه الملتزمة بقضايا الكادحين مسجلا حضوره الدائم في هذه المناسبات النضالية التي تحتاج هذا الشكل من التعبير. مباشرة بعد الانتهاء من حفل الاستقبال هذا، انتقل الجميع لساحة الأمم وتم تنظيم الوقفة الاحتجاجية المقررة، وكان الحضور متميزا، بالرغم من الإجراءات القمعية الجديدة والتي أصبحت على شكل احتلال للساحة من طرف عناصر المخابرات وأعوان السلطة وفرق كناوة والدقة المراكشية مدعمين بشباب "حركة البلطجية".. وفي محاولة منها للتشويش على الوقفة الاحتجاجية انطلقت الطبول ورفعت الرايات والصور الرسمية بمحاذاة الوقفة مما أجج الوضع دفع بالشباب لكنس البلطجية ومسحهم من الساحة، الشيء الذي خلف انطباعا إيجابيا داخل المواطنين الحاضرين الذين أدانوا صراحة هذه الأشكال الاستفزازية القمعية التي يتم فيها توظيف بعض الشباب العاطل والمهمش وإقحامه في أعمال بلطجية الغرض منها تمييع الصراع والنضال القائم من أجل التغيير السياسي والاقتصادي والاجتماعي لمصلحة المواطنين المحرومين والمتضررين من سياسة النظام القائم ببلادنا والقابع على رقابنا. لم يتراجع الحاضرون عن وقفتهم، وتشبثوا بشكلهم النضالي وبفضائهم الذي اعتاد المواطنون أن يجدوه مكانا للاحتجاج وليس مكانا للبهرجة والفلكلور السيئ.. ودامت الوقفة حوالي الساعتين بشعاراتها وخطبها وكلماتها التي تقدمت بالشرح لدواعي مقاطعة الدستور ومؤسساته، معلنة عن التشبث النضالي بملفات الجماهير الاجتماعية، ومطالبها السياسية والاقتصادية إلي حين تحقيق التغيير الديمقراطي المنشود.