باحتراز شديد، تدفقت الجماهير الشعبية وشباب المدينة، المتعطشين للتغيير والنضال باستماتة من أجل تحقيقه، في اتجاه نقط انطلاق الاحتجاجات. وبالرغم من تسلم لجنة دعم 20 فبراير لترخيص المسيرة، التحقت الجماهير وفي نيٌتها رفع التحدي أمام السلطات القمعية التي تدخٌلت لمرتين لمنع المسيرات والوقفات الاحتجاجية الشعبية، ولمرات لمنع الاحتجاجات التي يقوم بها المعطلون والمشردون من أراضيهم.. بين الفينة والأخرى بباب الولاية خلال الأسابيع المنصرمة. لم يعد الإرهاب والترهيب ينفع في شيء، ولم تعد رسائل المنع تخيف أحدا، ولم تجدي في شيء التدخلات الهمجية والوحشية التي كسرت الرؤوس والعظام، والتي اقتحم أبطالها المنازل بعد تكسير الأبواب، ونزع الشباب من أحضان أسرهم.. لم يعد الاعتقال والتقديم للمحاكمات الصورية مبررا للتراجع.. حوالي الأربعين معتقل يحاكمون على دفعتين، وكلهم صمود وتشبث بالحق في النضال من أجل التغيير الجذري للأوضاع السياسية والاقتصادية بما يخدم مصلحة الشعب المغربي المحروم، البسيط، المضطهد والمقهور. لم تنفع كذلك إنزالات القمع بساحة الأمم، ولم تنل من عزيمة شباب ونشطاء "أطاك" الذين واصلوا العزم على الاستمرار في الاحتجاج والنضال، بالرغم من اعتقال ومحاكمة الرفيقة ليلى والرفيق المهدي.. عن جمعية أطاك. وبخلاف الأسابيع الأخيرة والتي وصل خلالها القمع أوجهه عبر الجريمة الشنعاء التي ذهب ضحيتها الشهيد "كمال لعماري" بمدينة أسفي العمالية، مرت الاحتجاجات الشعبية في جو نضالي بدون مشاكل تذكر، دون أن نعلم عن أسباب هذه المرونة وهذا التراجع في سلوك الدولة البوليسية القائمة، هل هو الإصرار الشعبي المتعاظم عن المطالبة بالتغيير؟ أم هو التوبيخ الأوربي الذي تلقٌته الدولة بعد قمعها للمتظاهرين؟ أم هما معا؟ وقد تنضاف لهذه الأسباب أسباب أخرى. على أي.. لا يمكن لجميع الإطارات والتيارات التقدمية المناضلة، إلاٌ الاستمرار في خطها الاحتجاجي والكفاحي جنبا إلى جنب الشباب وفي وسطهم، وبارتباط كذلك بالقوى الطبقية التي من مصلحتها التغيير، وعلى رأسها الطبقة العاملة طليعة النضال من أجل الحرية والتحرر، والعدالة الاجتماعية الحقيقية والديمقراطية والمساوات..الخ بهذا الإصرار والتطلع يشارك شباب الجمعية في جميع الاحتجاجات الشعبية بالمدينة، يشارك بالوقفات والمسيرات.. بدون حسابات سياسية ضيقة، مترفعا عن جميع الاتهامات الرخيصة، والنعوتات القدحية المقيتة الصادرة عن بعض الجهات. وبعد مشاركتنا في الاحتجاج عبر وقفة بساحة الأمم عشية الأحد استمر الاحتجاج يومه الإثنين بالمحكمة الابتدائية عبر الاعتصام والحضور المكثف، وعبر الاحتجاج بباب المحكمة، ولم ينفض الجمع إلاٌ حين امتنع قضاة الدولة الطبقية عن إطلاق سراح المعتقلين، ليتم إيداعهم بالسجن من جديد. انطلقت بعدها الهتافات بالتنديد والإدانة للقرار الجائر، وللمحاكمة الصورية، ولزيف الشعارات التي استهلكها النقاش حول الدستور المزعوم، والذي ادعى حماية الحريات الديمقراطية، والنهوض بحقوق الإنسان، واستقلال القضاء، والتأسيس لدولة الحق والقانون..الخ من التٌرهات، التي ينسفها ألف مرة في اليوم الواقع الملموس الذي نعيشه كمغاربة. عاهدنا الشهداء، وعاهدنا الرفاق والرفيقات، الجرحى والمعتقلين، وعاهدنا جميع الكادحين والبسطاء من المواطنين المتعطشين للتغيير ورفع الحيف والتهميش والحكرة عنهم.. على أن نستمر في نفس الخط الاحتجاجي المكافح والمقاوم، حتى تحقيق النصر والانتصار.