قد لا يختلف اثنان في كون الحزب كجماعة منظمة تضم مجموعة من المواطنين يؤمنون بأهداف سياسية وإيديولوجية مشتركة تهدف بالأساس الوصول إلى السلطة لتحقيق برنامج ما.. ، لكن الخلاف حول آليات الوصول إلى هاته السلطة هو الذي جعل الأحزاب في حالة صراع دائم . إن صراع الأحزاب فيما بينها شيء جميل ومحمود إذا كان الغرض منه تقديم ما في جعبتها من برامج لخدمة المواطن والطبقة البسيطة التي عانت ولا تزال تعاني التهميش والفقر والإقصاء من الأحزاب نفسها. ولعل ما يبرر الصراع إن لم نقل تطاحن وما تحمله الكلمة من دلالة وتعبير مجازي ، كون الكلمة تحيلنا مباشرة بدلالاتها العميقة إلى حلبة - مصارعة" الثيران" ببرشلونة أو مدريد - فهل يصح القول أننا في وزان أمام صراع ..قد لا تتسع له رقعة المدينة المثقلة بهمومها ومشاكلها التي نخرتها لسنين، وكثرة الحفر بأزقتها ودروبها المنسية وشوارعها المظلمة وأزبالها المتراكمة ، وصنابير مائها الشروب ،الذي نأمل أن لا تجف ونحن مقبلين على صيفها الحارق ومعاناة أهلها بالأحياء العليا المهمشة مع قطرة ماء كلما اشتد الحر.. ، وجموع المتسولين أمام مساجدها وشوارعها ، ومستشفاها الوحيد الذي أضحى في حاجة لمن يسعفه ، وحال المدينة عموما الذي لا يبشر بالخير..، لخوض مثل هذه التطاحنات والصراعات . وحمى الصراع الحزبي بوزان لم تكن وليدة الصدفة بل متجذرة في التاريخ ومحفورة في ذاكرة كل وزاني ، منها ما هو تراجيدي وما هو كوميدي..، يحمل بصمات مخرجين تفننوا في تحقير المدينة وإظهارها في أبشع صورها..، وتختلف سنريوهاتها بحسب المشهد المراد تمثيله أمام المواطن الذي سأم التلوينات التي أدخلته في حسابات الاستقطاب لنشر إيديولوجية غسيل الألباب ، وفشلهم الدر يع في إقناع الجماهير الشعبية ببرامجهم الورقية التي لم تعد تقنع حتى الأطفال الصغار في المدارس الذين رددوا و رفعوا شعار" التلميذ هاهو والمعلم فينا هو"..، فهي أصبحت مُطالبة بتقديم إجابات واضحة للمواطن عن تدهور حال المدينة . فالأحزاب بوزان تَشْجُب بعضها البعض ، وتُسفهَ بعضها البعض ، وتَكذب على بعضها تارة وتَكذب على المواطن الوزاني في أغلب الأحيان ،فصراعها يدخل في خانة اللعبة الهزلية على الشعب ، لعبة الخداع ومكر الساسة بوزان ، الذين يعتبرون أنفسهم أذكى من المواطن الذي يعتبرونه "بيدق" وورقة في صناديق الاقتراع كلما اقترب موعد الانتخاب ليس إلا .. ، نحو كسر قوة جموع الجماهير الشعبية وتوجيه إرادتها القوية ، لاستقطاب الجماهير المحرومة ، ضاربة تطلعات المواطن الكادح من أجل تغيير حقيقي تتنافي فيه مصالح الحزب مع ما يريد المواطن وما ويسعى إليه.