أثارت فتوى مجمع البحوث الإسلامية بجواز بناء الجدار العازل بين مصر وغزة، ردود فعل غاضبة في الأوساط الإسلامية المصرية، وصلت إلى أعضاء مجمع البحوث الإسلامية أنفسهم، إذ اعتبرت جبهة علماء الأزهر "أن هذه الفتوى غير شرعية لأنها تتناقض مع قرارات سابقة لمجمع البحوث الإسلامية عامي 1965 و1970، وحث فيها على الدفاع عن فلسطين وتقديم المساعدات للفلسطينيين. إلا ان وزير الأوقاف محمود حمدي زقزوق، أكد، في تصريحات السبت 2-1-2010، على صحة الفتوى، مكرراً حق مصر في تأمين حدودها "بأي شكل تراه". وكان مجمع البحوث أعلن، الخميس الماضي، أن الجدار الفولاذي الذي تقيمه مصر على الحدود مع غزة لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية، مشددا على حق مصر الشرعي في أن تقيم على أراضيها من المنشآت والسدود ما يصون أمنها وحدودها وحقوقها". وقال المجمع في بيان صحفي له، عقب اجتماعه برئاسة شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي "إن من الحقوق الشرعية لمصر أن تضع الحواجز التي تمنع ضرر الأنفاق التي أقيمت تحت أرض رفح المصرية. وهذه الأنفاق تهرب منها المخدرات وغيرها مما يزعزع أمن البلاد ويهدد مصالحها تهديدا لا مفر من مقاومته". إدانة لكن عددا من علماء الأزهر، بينهم أعضاء في مجمع البحوث، أدانوا قرار بناء الجدار، معتبرين أن "هذا الجدار حرام شرعا لما يهدف إليه من حصار الأشقاء في قطاع غزة وسد كل المنافذ أمام القطاع للخروج من الحصار الإسرائيلي المفروض عليه منذ 3 سنوات من خلال إغلاق المعابر، بحيث منعت عنه أسباب الحياة من الغذاء والدواء والوقود وهو ما يعد نوعا من الضغط عليه لإلغاء المقاومة والقضاء على حماس". وطالب العلماء، في بيان موقّع حصلت "العربية نت" على نسخة منه، الحكومة المصرية بوقف بناء الجدار والاعتذار الرسمي لشعب غزة المحاصر. ومن أبرز العلماء الموقعين على البيان العالم الأزهري محمد عبد الله الخطيب، وعضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين وأستاذ الحديث بجامعة الأزهر عبد الرحمن البر، وأستاذ التفسير بجامعة الأزهر عبد الحي الفرماوي، والأمين العام المساعد لمجمع البحوث الإسلامية سابقًا وعضو مجلس الشعب المصري السيد عسكر، وعضو مجمع البحوث الإسلامية الشيخ محمد الراوي، ورئيس جبهة علماء الأزهر السابق الدكتور عبد المنعم البري، وعضو مجمع البحوث الإسلامية الدكتور مصطفى الشكعة. وأكد الأمين العام ل"جبهة علماء الأزهر" يحيى إسماعيل، في حديث ل"العربية.نت"، أن فتوى إباحة الجدار "غير شرعية ولا صحة لها"، مؤكداً أن فتاوى مجمع البحوث الإسلامية السابقة بشأن فلسطين "لا ينسخها أو يغير من شرعيتها أي فتاوى أخرى تتعلق بنفس القضية". وأضاف أن هذه الفتوى "تخالف قرارات مؤتمر مجمع البحوث الإسلامية الثاني، المنعقد بالقاهرة يوم الخميس 12 من المحرم 1385ه، الموافق 13 من مايو 1965م والذي اعتبر أن قضية فلسطين هي قضية المسلمين، جميعا، لارتباطها الوثيق بدينهم وتاريخهم وتراثهم، وأنه لن يهدأ للمسلمين بال حتى تعود الأرض المقدسة إلى أهلها، ولذلك كان الدفاع عن فلسطين، والعمل على تحريرها فرضا على كل مسلم، وكان القعود عنه إثما كبيرا". تأكيد على الإباحة في المقابل، دافع وزير الأوقاف المصري، في افتتاحه دورة تثقيفية للأئمة الرواد بالإسكندرية، عن الفتوى، مؤكداً أن مصر "ستظل تساند القضية الفلسطينية وتقف إلى جانب الشعب الفلسطيني ولكن من حقها الشرعي والدولي بناء الجدار الفولاذي وحماية حدودها". واستنكر زقزوق الهجوم على مصر وشيخ الأزهر بعد إصدار تلك الفتوى وقال "لا توجد في الأزهر جبهات، ولكن هناك هيئة علماء تتمثل في أعضاء مجمع البحوث الإسلامية وقد استندنا في هذه الفتوى على أسس شرعية ودينية، ونحن نؤكد أن أية دولة عربية لن تقبل أن تنتهك حدودها". وقال"إن مصر لن تقبل أية مزايدات من أي جانب، فقد قدمت الكثير من أجل القضية الفلسطينية كما فقدت مئات الآلاف من أبنائها من أجل حماية فلسطين".