قبل أيام كتبت أدافع عن الأمير مولاي هشام ضد هجمة المخابرات المغربية عليه ، والتي خصصت له ربع الصفحة الأولى من الجريدة المقربة إليها "النهار المغربية" ، حيث عنونت مقالي ب : "المخابرات تحشر أنفها من جديد بين الملك وابن عمه". لكني الآن فوجئت بالتصريحات التي أدلى بها للمنبر الإسباني ، يومية : "الباييس" المعادية للمغرب ، حيث قال : "المغرب ربما لن يشكل الاستثناء" في العالم العربي الذي يشهد ثورات شعبية، معتبرا أن "موجة الاحتجاجات ستطال كل الأنظمة الاستبدادية". وفي نفس صفحة الجريدة التي استضافت الأمير الأحمر - والتي تعمدت خلق بلبلة في المغرب ، على غرار حروبها الكثيرة ضده -سار على نفس الخطى ، الصحافي المعارض بوبكر الجامعي ، حيث أكد ما ذهب إليه الأمير في تصريحاته ، ومعلوم أن بوبكر هذه الأيام ، يستغل فرصة هذه الثورات ضد الأنظمة العربية الفاسدة ، ساعيا أن يصبح الوزير الأول لمولاي هشام ، كما ذكرت المخابرات على لسان يومية النهار . لكن الذي يتناساه الأمير ، أن الملك محمد السادس لازالت أياديه بيضاء ، كما صرحت كريمة مرشد العدل والإحسان ، ندية ياسين أشرس المعارضات المغربيات ، وملكنا هو الوحيد من بين الملوك والرؤساء الذي جعل عرشه على صهوة سيارته ، على غراره جده الحسن الأول الذي كان عرشه على صهوة فرسه ، والخصوم قبل الأصدقاء يشهدون أنه داير جهدو ، والدليل كون اسبانيا نفسها –رغم معاداتها للمغرب – صرحت على لسان وزيرة خارجيتها ن وفي نفس يوم تصريح الأمير، استبعدت ترينيداد جمينيث اندلاع ثورة شعبية في المغرب على غرار تلك التي تشهدها عدة بلدن عربية، مشددة على أهمية الإصلاحات الاجتماعية التي عرفتها المملكة في السنوات الأخيرة. المغرب بعيد كل البعد عن مثل هذه التظاهرات ، وحتى إن قامت ، فإنها ستطالب بالإطاحة بعباس الفرناس و شلته من الوزراء الفاسيين ، لأن الملكية في المغرب هي أصلح نظام له ، وتستمد شرعيتها من الدين ومن التاريخ ومن الدستور، ومن سابع المستحيلات أن تقام ثورة للمطالبة برأس الملك ، الذي قام بإصلاحات جوهرية على مستوى كل الأصعدة، بشهادة الجميع ، ولا ينكرها إلا جاحد بأنعم الله. إن التصريح الأخير لابن عم الملك ، يؤكد بالملموس ما ذهبت إليه المخابرات ، ولا يدع مجالا للشك ، فالأجدر به أن يكون أول المدافعين عن المغرب ، لكونه ابن "الدار" ، وهو أدرى بشعابها ، ويعلم قبل غيره أن لا عاقل في المغرب سيفكر ، ولو مجرد التفكير في الثورة ضد قائد البلاد ، ولعل مسيرة حب الملك ، التي دعا إليها شاب ، خير دليل على تشبث المغاربة بملكهم الشاب ، الذي جال البلاد من شمالها إلى جنوبها ، ومن شرقها إلى غربها ، من أجل البناء والتعمير ، عكس الوزراء الذين يعملون من أجل الخراب والتدمير . لقد صرنا في عهده نعاين حالات محاكمة رؤوس أينعت وكان قطافها على يديه ، فهو يحاول الإصلاح ما استطاع ، وحاكم ولازال يحاكم جيوب الفساد ، مهما كانت قوتها ، وشعاره في ذلك ، المثل المغربي:"اللي حصل يودي". إن تصريحات مولاي هشام الأخيرة ، تدعو لمراجعة الأوراق ، فهو رغم أغلب خرجاته ، لم يكن محط شك كما هو الحال اليوم ، فهذه التصريحات تدينه بشدة ، وتفرض على أغلب الذين كانوا بالأمس القريب يتعاملون معه ، أن "يضربوا و يقيسوا" لأنه تقب الورقة كما يقول الشباب المغاربة اليوم.