منذ بدء تفشي الفيروس التاجي المستجد (كوفيد-19)، تضاربت المعلومات والروايات حول أصل الفيروس ومنشئه. الرواية الأولى التي أطلقتها السلطات الصينية، أن الفيروس نشأ في سوق ووهان للحيوانات البرية، وهو ناتج عن حيوان الخفاش، ليظهر بحث آخر يشير إلى أن الفيروس يحتوي على جزء من فيروسات ناتجة عن حيوان آكل النمل الحرشفي والرواية الأمريكية تقول إن الفيروس انتشر من معهد ووهان للأبحاث الذي يبعد بضعة أميال عن سوق ووهان. وأوضح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مؤخراً، أن حكومته تحاول تحديد ما إذا كان الفيروس خرج من مختبر في الصين، مضيفاً: أن «أموراً غريبة كثيرة بدأت تحدث ولكن تحقيقات كثيرة تجري.. وسنكتشف ذلك». إلا أن دراسة علمية حديثة كشفت الإجابة الحقيقية لتفشي فيروس كورونا من الصين إلى العالم، وأن ادعاءات الصين التي واجهت تحدياً كبيراً غير صحيحة. وتوصل علماء في معهد برود، وهي وحدة بحثية تابعة لمعهد هارفارد وماساتشوستس للتكنولوجيا وجامعة كولومبيا البريطانية، إلى نتائجهم من خلال فحص سلالة الفيروس التاجي والعينات الوراثية من المرضى، وعينات من وباء السارس الذي انتشر في عام 2003. وكشف علماء أحياء مختصون بعدما قاموا بتحليل الفيروس التاجي، أن الفيروس تم نقله إلى السوق من قبل شخص مصاب به بالفعل. ويقول العلماء إنهم تفاجأوا بأنهم اكتشفوا أن الفيروس متكيف بالفعل للانتقال بين البشر، مرجحين أن هذا هو السبب في تطوره وانتشاره بسرعة حول الكوكب. وتأتي هذه النتائج في الوقت الذي تحبط فيه بكين الجهود العالمية لتحديد مصدر الفيروس، وتؤكد تستر الصين على ظهور المرض منذ ديسمبر. وقالت عالمة الأحياء الجزئية ألينا تشان، وعالم الأحياء التطورية شينغ زان، إن الفحص واضح جداً في نتائجه، البيانات الجينية المتاحة لا تشير إلى انتقال الفيروس عبر الحيوانات إلى سوق ووهان، وأكدوا أنه يجب فحص جميع طرق الانتقال الحيواني من الخفافيش، كما أشاروا إلى أنه من المحتمل أن تكون السلائف غير المعدلة وراثياً قد تكيفت مع البشر أثناء دراستها في المختبر. وقال النائب بوب بوب سيلي، عضو لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم: «نحتاج إلى أن نعرف من أين بدأ هذا الفيروس، ولماذا قيل لنا إن الفيروس لا ينتقل إلى البشر، وما هو دور الصين في انتشاره». وتعد دراسات الكشف عن منشأ الفيروس ومعرفة المزيد عنه أمراً طبيعياً لفهم المرض وجهود تطوير اللقاح، إلا أن القضية أصحبت شأناً دولياً بعد ادعاءات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن الفيروس تسرب من مختبر ووهان. في حين أصرت السلطات الصحية في بكين على أن الفيروس جاء بشكل شبه مؤكد من حيوانات في سوق هوانان في ووهان، وقالوا إنها مسألة وقت فقط، قبل أن يحددوا الأنواع التي نقلت الفيروس من الخفافيش إلى البشر، وأيدت منظمة الصحة العالمية ادعاءاتها بسرعة، وقالت في بيان: «الأدلة توحي بشدة بأن تفشي الفيروس مرتبط بسوق المأكولات البحرية في ووهان.» وأغلق المسؤولون السوق في اليوم التالي بعد إخطار منظمة الصحة العالمية، وأرسلوا فرقاً لتعقيم المكان، وتم أخذ عينات من المكان، ولكن لم تتم مشاركة النتائج مع العلماء الأجانب. وقال جوان يي، الخبير في جامعة هونج كونج: «لقد اختفى مسرح الجريمة تماماً.. كيف يمكننا حل قضية بدون دليل؟». ويقول العلماء إنهم تفاجأوا باكتشاف أن فيروس (كوفيد-19) ظل مستقراً جداً في الحيوانات بدلاً من التكيف بسرعة مع البشر، مؤكدين أنهم لم يجدوا أي دليل على انتقال الفيروس في السوق. وعلى الرغم من أن الدراسة لم تتم مراجعتها حتى الآن من قبل علماء آخرين، فإنها ستزيد القلق بشأن التستر على بكين بعد أن قمعت الأطباء وتأخرت في الإعلان عن انتقال العدوى البشرية، ومنعت فرق الخبراء الخارجية بالدخول للتحقيق.