بدعم من ولاية تطوان نظمت جمعية زيد فايز للأعمال الاجتماعية والمبادرات الخيرية يوما وطنيا لمكافحة الشغب بالملاعب الرياضية والشارع العام يوم السبت 8 مارس بقاعة المؤتمرات بفندق (LA PALOMA) بتطوان. عرف هذا اليوم الوطني الأول حضور فعاليات حكومية وقانونية وحقوقية ورياضية وفنية وإعلامية، وممثلين لمجموعات الألتراس من طنجة وبركان. اللقاء كان من تسيير المحنك الدكتور زين العابدين الحسيني الذي افتتح الجلسة الأولى بالحديث عن الدور الذي ينبغي أن تنهجه جمعيات المجتمع المدني وفق ما نص عليه الدستور الجديد، وعليه فالمجتمع المدني مدعو اليوم لأن ينزل نص الدستور على أرض الواقع باعتبار قوته الاقتراحية ودوره الطلائعي في التنمية وازدهار البلاد تحت القيادة السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله. وإلى جانب ما نص عليه الدستور بخصوص دور المجتمع المدني –يقول د. الحسني- نص أيضا على المناصفة والمساواة بين المرأة والرجل، كيما تخرج المرأة من قوقعتها وتقوم بواجبها الوطني- بموازاة مع الواجب الأمومي- اتجاه بلدها، وهاهي اليوم تقوم امرأة (أم زايد فايز) بجهد مشكور في تحويل الحزن إلى حدث وطني حقيقي يتلألأ في سماء المجتمع المدني والإعلام والمدينة، متمنيا أن يكون هذا اللقاء بداية حركة بناءة لوضع حد لظاهرة الشغب بالملاعب الرياضية والشارع العام. بداية الجلسة كانت بعرض شريط فيديو يصور أحداث الشغب بالملاعب المغربية مرفوقة بمشاهد من جنازة الشهيد زايد فايد، ومختومة بعبارة (كفى من اللامبالاة في مكافحة الشغب بالملاعب). أعقبتها كلمة جمعية زايد فايز التي ألقتها السيدة أمينة طحيشة حيث رحبت فيها بالحضور مؤطرين وممثلين وضيوف شرف، آملة منهم أن يقوموا بإناء هذه الندوة بتوجيهاتهم ومناقشتهم ومقترحاتهم وتوصياتهم، وأنها كأم مكلومة على ولدها الذي ذهب ضحية شغب الملاعب مؤمنة بقضاء الله وقدره فلله ما أعطى ولله ما أخذ، وأن جمعية زايد فايز بدعم من ولاية تطوان نظمت هذا اليوم الوطني لمكافحة الشغب بالملاعب الرياضية والشارع العام حفاظا على أرواح شبابنا، وحفاظا على الممتلكات العامة والخاصة، لأن أعمال الشغب مخالفة لديننا الحنيف وللروح الرياضية التي ينبغي التحلي بها، ومن ثم كان ضروريا أن نتحلى –تقول أم زايد- بالرزانة والروح الرياضية وإعطاء صورة جميلة للمدينة، وفي الختام طالبت من المتدخلين العمل على الخروج بتوصيات تقدم حلول جذرية للظاهرة. بعد كلمة الجمعية قدم ممثل ولاية تطوان كلمة تحدث فيها عن أسباب الاجتماع في هذا اليوم الوطني، وهي مقاربة ظاهرة الشغب، التي أسفرت مؤخرا عن خسائر مادية وبشرية، وهددت السلامة المدنية للحكام واللاعبين والجمهور، وممتلكات الدولة والغير. معتبرا أن ظاهرة الشغب بالملاعب هي ظاهرة غريبة وجديدة على الثقافة الجماهيرية المغربية، ولمكافحة هذه الظاهرة عملت الإدراة المختصة على إحداث لجنة وطنية مختصة لمكافحة الشغب، لا تقتصر على المقاربة الأمنية القانونية فقط، بل تعتمد مقاربة شمولية بإشراك جميع الفعاليات والمجتمع المدني (الأسرة والمدرسة والأندية والجمعيات، والمجموعات الألتراس). مؤكدا على ضرورة اعتماد الأبعاد التربوية والتربية على المواطنة في مكافحة ظاهرة الشغب بالملاعب. أعقبته كلمة مندوب وزارة الشبيبة والرياضة السيد "عبد الواحد عزيبو"، الذي قدم في مستهل كلمته تشكرات وزير الشبيبة والرياضة لعقد هذا اليوم التواصلي التبادلي حول ظاهرة الشغب الذي أضحى مثار قلق واهتمام الجميع مؤسسات وجمعيات وأسر. كما أبلغ تعزية الوزير لأسرة الشهيد زايد فايز، وللجمعية التي تحمل اسمه التي فكرت في إطلاق حوار عميق يتناول ظاهرة الشغب بالملاعب الرياضية والشارع العام. أما فيما يتعلق بموضوع الشغب فصرح المندوب أنه أصبح يشكل طوفانا يهدد مجتمعنا وشبابنا، وهي إشارة -حسب قوله- تجعلنا نتجند كل من موقع مسؤوليته من أجل التصدي لهذه الظاهرة. متابعا حديثه عن أن مثل هذا الفضاء التواصلي الذي جمع مختلف المكونات لتوسيع النقاش حول الظاهرة هو بادرة مفيدة ودافعة لإيجاد الحلول، مع أن الدولة كانت مبادرة لإيجاد الآليات لمكافحة هذه الظاهرة عبر (قانون الشغب رقم:09 09)، ونحن اليوم يقول المندوب مطالبون بالعمل بمقاربة تشاركية حقيقية لإيجاد آليات أخرى مواكبة للنصوص القانونية، والتفكير بصوت مرتفع لهذه الظاهرة والمرور إلى الفعل، وفي الختام وجه كلامه للشباب الحاضرين بالقول لهم بأن المستقبل لكم وأنكم مطالبون بضرورة العمل بجدية وتعبئة الشباب الآخرين للحد من هذه الظاهرة. ثم كانت الكلمة للسلطة القضائية في شخص القاضي "مراد العمارتي" نائب وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بتطوان الذي قدم في بداية حديثه تحية للمرأة عموما بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، وتحية لأم "زايد فايز" والعاملين معها بالجمعية، معتبرا إياها أمّا حولت مأساتها إلى مبادرة مواطنة وفعل إيجابي. بعدها تحدث عن الرياضة بكونها عامة في المجتمعات القديمة والحديثة ويصاحبها التشجيع دائما، وفي هذا التشجيع تحدث انحرافات كثيرة قد تؤدي غلى العنف، وفي ا لمغرب فإن ظاهرة العنف المصاحب للرياضة وخصوا كرة القدم هو ظاهرة اجتماعية لا يمكن القضاء عليها بالسجن فقط بل تحتاج إلى المقاربة الوقائية قبل الزجرية وذلك بالتربية والتحسيس والتواصل، وأن القضاء الزجري يأتي في المراحل النهائية، ومن ثم كانت ضرورة وجود دراسات اجتماعية وقانونية مؤطرة لهذه الظاهرة من حيث الأسباب والظواهر والعواقب، وضرورة التأطير القانوني لفئات عريضة من المشجعين والمحبين للرياضة. بعده أخذ الكلمة مسير اللقاء الدكتور زين العابدين الحسيني ليتحدث عن دور الإدارة العامة للأمن الوطني باعتباره جهاز أساسي ومحوري في مكافحة الظاهرة، ويتحمل ويحمل الشيء الكثير في هذا الباب، ويقوم بدوره على أحسن وجه، ليقدم للسيد "محمد بوزفور" المراقب العام ورئيس قسم الأمن الرياضي بالمديرية العامة للأمن الوطني إعلامي وتواصلي وعضو اللجنة الوطنية لمكافحة الشغب، مختص في تنظيم المنافسات الوطنية الكبرى، عمق تخصصه وتكوينه ببلدان أجنبية مختلفة، وشارك إعلاميا في عدة برامج حول ظاهرة الشغب. ويتناول الكلمة السيد "محمد بوزفور" ليقدم عرضا بعنوان(أسئلة العنف بين الألتراس والبعد القانوني والإعلام الرياضي)، متسائلا في بداية عرضه: هل عنف المجتمع انتقل إلى الملعب، أم أن الملعب صدر العنف إلى الشارع؟، وهل هناك استراتيجية وطنية لمكافحة الظاهرة؟، هل هناك رسائل مشفرة للألتراس يريدون أن يبعثوا بها؟ وما هي أشكال تأثير الإعلام الرياضي السلبي؟. بعدها تحدث عن العلاقة بين معرفة طقوس الألتراس والتدابير الأمنية لتأمين تلك الطقوس، مع أنها طقوس في معظمها تتناقض مع قانون الحريات العامة. بعدها عرض لمجموعة من العقوبات القانونية لمجموعة من المخالفات من مثل استعمال الشهب النارية، والتحريض على التمييز والكراهية (السب والشتم)، والضرب والجرح، وتخريب الممتلكات العامة والخاصة، واستعمال الأسلحة البيضاء، والسكر واستهلاك المخدرات، واجتياح الملعب، ودخول الملعب بالقوة، وبيع التذاكر المزورة... بعدها عرض للأبعاد الوقائية والاستباقية للقانون 09-09، كما تحدث عن أسباب الظاهرة من مثل السكر والمخدرات، وانسحاب الأسرة، وقصور منظومة التعليم التربوية، وتراجع دور الأندية، والتقليد الأعمى لحركية الألتراس بكل حمولتها الدخيلة التي تتبنى طقوس عنيفة دون مراعاة خصوصية القانون المغربي، وقطيعة الشباب مع المعرفة القانونية، والدور السلبي للإعلام الورقي والإلكتروني (التهييج). ثم تحدث عن الألتراس من خلال الغوص في معجمهم و التعريف بطقوسهم (روح الألتراس، الباتش، باتش الترحاب، التيفو، الكورطيج، الديبلسمون، الكراكاج، الغناء، المنتوج، النواة، الميساج، البركاج، منتاليتي الألتراس، الكابو، الكوب، الكورفا...)، ليعرض بعدها لسلبيات حركة الألتراس كالتحريض على العنف والكراهية بشبكات التةاصل الاجتماعي، ومعاداة السلطات العمومية، والشهب النارية والمفرقعات، وعدم الاهتمام بتسويق صورة الألتراس لدى الوسط الرياضي، وتكسير وتخريب الممتلكات ووسائل النقل العمومية، وعدم السيطرة على الفئة الواسعة من رواد CURVA، ونقل العنف إلى الشارع العام، واستخدام جميع وسائل التدليس لإدخال رسائل لا رياضية، والاستيلاء فيما بين حركة الألتراس على الباتش... بعدها عرض السيد "محمد بوزفور" لأسئلة الإعلام والألتراس متسائلا: ماذا لو اختفت الكاميرات من الملاعب؟، وما حجم تأثيرات الألتراس في غياب النقل التلفزي؟ لأن الطقس إذا لم يجد له ناقل يكون عديم الفائدة، بما أن الألتراس تبحث عن هوية الحركة على حساب السلامة والأمن. فالإعلام يهول من صبغة الأهمية على المباريات ويسلط الضوء بإفراط على كرة القدم بالخصوص، وتزيد صور الإعلام من جنون الظهور للألتراس اتساعا، فهل الإعلام يقول بوزفور يمارس لعبة تستخف بعقول المشاهدين؟ ليتحدث بعدها عن الألتراس وسن البلوغ، بمعنى متى تصل الألتراس إلى سن النضج؟ مؤكدا في هذا المحور عن أن شريحة واسعة من جمهور الألتراس تتكون من قاصرين، والنواة الصلبة من أشخاص بالغين، وأنه لايوجد شيء قانوني أو تنظيمي يفرض على مصالح الأمن الالتزام بطقوس الألتراس. وعن ما مدى تطابق الإجراءات الأمنية مع الواقع المنظور؟ أجاب السيد محمد بوزفور عن إصدار قانون 09-09 للحد من العنف، والتحديث للرؤية الأمنية بالإصغاء والتواصل مع الأتراس وإحداث قسم الأمن الرياضي، وإخضاع أكر الأمن الوطني للتدريبات بالمعهد الملكي للشرطة، وتنظيم الماظرة الوطنية الأولى للحد من الشغب ودعوة كافة الفاعلين. وفي الختام قدم مقترحات بإحداث جائزة لأحسن جمهور مثالي بالمغرب، وإعلان يوم 8 مارس يوم عالمي لمحاربة الشغب، وتجميع الألتراس في كونفدرالية، وانخراط الألتراس في الجمعيات والأندية، ودعوة لإحداث ميثاق شرف إعلامي، وزيادة الوازع الأخلاقي والديني لدى الجمهور، ووضع سياسة رياضية شاملة، وتشجيع البحث العلمي في الميدان الرياضي، وإيجاد صيغة قانونية لاحتواء سلوك القاصرين، وتوظيف قيادات رياضية وفنية. ومن منطلق إشراك جميع الفعاليات في مقاربة هذه الظاهرة ومنها الوسط الفني كان حضور الفنان "محمد الغاوي" بهذا اليوم الوطني الأول لمكافحة الشغب، والذي قدم كلمة عبر فيها عن وجوب الوقوف وقفة احترام وتقدير لهذه الجمعية التي قامت بمجهود جبار لجمع هذه الوجوه من إعلاميين وصحفيين وفنانين ورجال سلطة ومجتمع مدني. معتبرا أنه ليس مختصا في الشغب لكن شده عرض السيد محمد بوزفور والشروحات التي قدمها حول الظاهرة، وهي ظاهرة لم يكن يعرفها الجمهور المغربي حيث تحدث الغاوي عن الزمن الجميل الذي كان يحضر فيه المباريات ويرى التشجيع بشكل جميل ورائع تصحبه الدقة المراكشية وكناوة. ومن ثم تحدث عن أوراش البناء التي يخطوها المغرب تحت القيادة السامية لجلالة الملك محمد السادس نصره الله، وخصوصا البنية التحتية الرياضية، وأن ما قام به المغرب رياضيا في تنظيم بطولة العالم للأندية يستحق التنويه والتشجيع، ومن ثم يكون ضروريا علينا أن نعتز بمغربيتنا وأن نحافظ على هذه الأوراش. وعن دور الفن في مقاربة هذه الظاهرة تحدث الغاوي عن برنامج وزارة النقل التي أقحمت المسرح والموسيقى للتوعية والحد من حوادث السير عبر أعمال وأغاني فنانين مشهورين، ومن ثم فهذا الفعل يمكن إسقاطه على مكافحة ظاهرة الشغب بالملاعب الرياضية والشارع العام. ويأتي دور الفاعلين الرياضيين في مقاربة هذه الظاهرة ويحدثنا اللاعب الدولي السابق "عبد العزيز بودربالة" عن المجهود الذي قام به من أجل حضور هذا الملتقى الوطني، حيث ألغى جميع التزاماته ليكون حاضرا من منطلق أنه يعتبر حضوره في هذا الملتقى واجب وطني ينبغي تلبيته، ويحدثنا عن أن العنف والشغب لا يختص بالملاعب فقط، بل حتى في المهرجانات الدولية (مثال ما وقع في مهرجان موازين)، ثم يتحدث عن أسباب الشغب وأنها يمكن أن تأتي من المدرب والحكم واللاعب والجمهور... فالكل مسؤول. ثم عرض بودربالة لأهمية - إيجاد ملاعب القرب وممارسة الرياضة والمسرح والموسيقى والانخراط في الأندية وتوحيد الألتراس وضرورة التواصل والتوعية- في مكافحة هذه الظاهرة. وبعد جلسة استراحة وحفل شاي انطلقت الجلسة الثانية لليوم الوطني الأول لمكافحة الشغب بالملاعب والشارع العام، وهي جلسة أطرها أخصائي في علم الاجتماع وإطار وفاعل جمعوي وممثل عن هيئة التحكيم، وممثلين عن مجموعات الألتراس. متابعة: يوسف الحزيمري