هيئة سوق الرساميل تؤشر على برنامج إعادة شراء أسهم اتصالات المغرب    أزمة أسعار السردين بميناء أكادير تُشعل غضب المهنيين وتدفعهم للمطالبة بتدخل حكومي    تازة تتصدر المدن الأكثر استقبالا للأمطار في 24 ساعة    أرضية 9 مارس...    نسبة ملء السدود بالمغرب تبلغ 31.31 بالمائة    "حماس" ترحب بتراجع ترامب عن دعوة "تهجير سكان غزة"    روسيا تستقبل مفاوضين من أمريكا    متقاعدون ومناصرو أندية يشتبكون مع أمن بوينس آيرس    كورتوا يرد على سيميوني: "سئمنا من البكاء المستمر ولعب دور الضحية"    السعودية تسعى لإنشاء مختبر للكشف عن المنشطات والمحظورات في المنافسات الرياضية    الجيش الملكي يوضح حالة مصابين    بوريطة يستقبل وزيرة خارجية إفريقيا الوسطى حاملة رسالة إلى جلالة الملك من رئيس بلادها    توقعات أحوال الطقس ليوم الخميس    تعميم المنصة الرقمية "زيارة" على كل المؤسسات السجنية    تبصر وحكمة ملك    هلع بسبب إقدام مريض على محاولة الانتحار من أعلى مركز محاربة الإدمان بتطوان    الاحتراق الإبداعي..    أداء الشعائر الدينيّة فرض.. لكن بأية نيّة؟    سؤال برلماني لوزير الداخلية حول مساعدات جمعية "جود" المقربة من الأحرار باستعمال ممتلكات الدولة    كيوسك الخميس | المغرب يرتقي إلى المرتبة 21 عالميا في مؤشر حرية الاستثمار    الحسيمة: احتفالية رمضانية بمناسبة اليوم العالمي للمرأة    لعيوب صناعية.. شركات في كوريا تسحب أكثر من 15 ألف سيارة    ارتفاع أسعار الذهب    التساقطات المطرية بجهة الدار البيضاء – سطات.. تعبئة عامة للشركة الجهوية متعددة الخدمات بأزيد من 800 عامل و 180 مضخة وشاحنة للتنقية المائية    حموني يحذر أن تكون إعفاءات الوزير برادة تنطوي على شطط في استعمال السلطة    اعتقال تجار مسلحين للمخدرات في طنجة    المغرب يسجل تقدما لافتا في مؤشر حرية الاستثمار لعام 2025    بوعدي لاعب ليل لازال حائرا بين المنتخبين المغربي والفرنسي    دراسة: الوجبات السريعة تؤدي إلى تسريع الشيخوخة البيولوجية    رسميًا الزمالك المصري يعلن تفعيل بند شراء محمود بنتايك    الأمم المتحدة.. ابن يحيى تترأس بنيويورك اجتماعا حول التمكين الاقتصادي للنساء    الصين: بكين تطلق دفعة أولى من 30 قاعدة تعليمية لممارسة الابتكار    المضيق-الفنيدق: حجز أزيد من 640 كلغ من المواد الغذائية الفاسدة    بوحموش: "الدم المشروك" يعكس واقع المجتمع ببصمة مغربية خالصة    أوراق من برلين .. قصة امرأة كردية تعيش حياة مليئة بالتناقضات    الطالبي العلمي يعلن اقتراب عقد المؤتمر الإقليمي لتجديد هياكل حزب الأحرار بتطوان    الأمم المتحدة تحذر من موت الملايين من الناس جراء نضوب المساعدات الأمريكية    تعيينات جديدة في مناصب المسؤولية بمصالح الأمن الوطني    هذا ما صرح به الهيلالي للصحافة الإسبانية: رفضت البارصا مرتين و « سأكون أسعد شخص في العالم إذا تلقيت دعوة اللعب مع المغرب »    الفيفا … الاتحاد الذي لا يعرف الأزمات … !    التساقطات المطرية الأخيرة تنعش آمال الفلاحين بموسم فلاحي جيد    ترامب يتراجع: لا أحد سيقوم بطرد أي فلسطينيين من غزة    دوري أبطال أوروبا لكرة القدم.. ريال مدريد يبلغ ربع النهائي على حساب جاره أتلتيكو    الدوحة… التأكيد في اجتماع اللجنة الخماسية والمبعوث الأمريكي ويتكوف على مواصلة التشاور بشأن خطة إعادة إعمار غزة    من الخليج إلى المحيط… المَلكيات هي الحلّ؟    وزارة الثقافة تفرج عن نتائج جائزة المغرب للكتاب    علماء روس يطورون أول دواء مزدوج لعلاج سرطان البروستات    في مؤتمر صحفي بالفجيرة.. إعلان رسمي عن أكبر دورات مهرجان المونودراما    13 مليون مشاهد خلال الإفطار.. تفاعل قوي للمغاربة مع برامج رمضان للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة    يسار يقدم "لمهيب" في الدار البيضاء    دراسة: التغذية غير الصحية للحامل تزيد خطر إصابة المولود بالتوحد    أطعمة يفضل الابتعاد عنها في السحور لصيام صحي    تصوير الأنشطة الملكية.. ضعف الأداء يسيء للصورة والمقام    بنكيران .. القرار الملكي لا يدخل ضمن الأمور الدينية وإنما رفع للحرج    تناول السمك يتيح تطور الشخصية الاجتماعية عند الأطفال    ملخص كتاب الإرث الرقمي -مقاربة تشريعي قضائية فقهية- للدكتور جمال الخمار    "أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ..؟" !!(1)    القول الفصل فيما يقال في عقوبة الإعدام عقلا وشرعا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



استئصال الورم الخبيث من فكر الإنسان ومن جسد الوطن.

الشكر هو الثناء الجميل على من يقدم الخير والإحسان، هو العرفان بفضل أسدي لإنسان ،هو اعتراف وامتنان بنعمة قدمت لشخص
ومن القصص التي تحكى على الشكر أن هناك رجلا ابتلاه الله بالعمى وقطع اليدين والرجلين، فدخل عليه أحد الناس فوجده يشكر الله على نعمه، ويقول: الحمد الله الذي عافاني مما ابتلى به غيري، وفضَّلني على كثير ممن خلق تفضيلا، فتعجب الرجل من قول هذا الأعمى مقطوع اليدين والرجلين، وسأله: على أي شيء تحمد الله وتشكره؟ فقال له: يا هذا، أَشْكُرُ الله أن وهبني لسانًا ذاكرًا، وقلبًا خاشعًا وبدنًا على البلاء صابرًا. وفي هذه القصيدة " شكرا لكم " للشاعر عصمت دوسكي لها وجهة نظر ورؤية إنسانية بلا حدود .
( شكراً ، شكراً لكم
قابلتم بالتصفيق معاناتي
شكرا ، شكرا لكم
قابلتم بالضحكة انكساراتي
نداءكم كان لعبة
ولعبتم على جراحاتي
كان صمتي غائرا
فصنعتم للصمت مسلاتي
وعدتم كثيرا ، كثيرا
وعودكم مجرد حبر على توسلاتي
حينما اخرج من غرفكم السرمدية
تضحكون على مأساتي )
الشاعر عصمت شاهين دوسكي بإيمانه القوي بالبلاء والاختبار،وتراكم الأزمات والمكابدات صار يتسم بالصبر الشديد وتقبل مجريات الواقع رغم تناقضها مع مبتغاه، مما يدل على قوة شخصيته وتحديه لكل الصعاب، فهنا يخاطب ذوي الوعود الكاذبة والنفاق الظاهر للعيان حيث يواجه هؤلاء المنافقين إخفاقات الشاعر وانكساراته بالبهجة والتصفيق، فكل نداءات الشاعر لم تعد بين أيدي الماكثين في غرفهم الأبدية سوى لعبة يتسلون بها في مجالسهم السرمدية تحت وابل من التهكمات والاستهزاء وهنا يعري ذوي المناصب والأشخاص الذين يوعدون ولا يوفون بوعودهم ، ويضحكون على ناس هم بأمس الحاجة إلى عمل شريف .
( شكرا ، شكرا لكم أيها السادة
ما تركتم هذه العادة ، عاده
تسرقون رغيف اليتيم
بلا وجل ، بلا قلب رحيم
وترفعون أعلام عباده
شكرا ، شكرا لكم أيها السادة
تنتفخ بطونكم
وبطون على المزابل عاده
تغتصبون الميراث
وتقتلون الأجداث
تسجدون وترمون الشيطان بسجاده
شكرا ، شكرا لكم أيها السادة
قررتم أن تبيعوا كل شيء
وتبقون أنتم على رماده ) .
رغم ما يقترفه هؤلاء المنحطين فكريا وأخلاقيا هؤلاء المنافقين من أعمال دنيئة وأفعال مشينة، مازال الشاعر يتمتع بالتحدي ،يشكرهم عن أفعالهم حيث صارت شفافة وواضحة لم تعد مخفية فقد أعماهم الطمع وسيطر عليهم الجشع، رغم أنهم يحملون راية الطهارة والصفاء فقد سرقوا ونهبوا قوت ورغيف الأيتام بدون خوف ولا شفقة، يستولون على ممتلكات الفقراء والمعوزين ويكتنزون الأموال والعقارات ، ويدَّعون السجود والركوع رياء ، بل يتقاسمون ويشاركون السجادة مع شياطينهم بكثرة نفاقهم وسلبهم وسرقتهم وكذبهم فهم الشر بعينيه.
( شكرا ، شكرا لكم أيها السادة
أنتم السبب
أنتم السبب لكل خراب
وجوع وفقر وجهل واغتصاب أغتصب
أنتم السبب لكل قتل وتهجير
وضياع وتيه وكل ما ذهب
أنتم السبب لقلع النخيل
وعطش الورود والأزهار والقصب
أنتم السبب أيها السادة
ملأتم الدنيا كذبا فوق كذب
نهبتم الأرض
فانتم أروع ما نهب
سلبتم حتى الروح
فمن دونكم سلب ..؟!! ) .
لقد شن هؤلاء المفسدين حملة دمار وخراب شامل على كل مكونات المجتمع فاغتصبوا براء الطفولة واغتصبوا تربية الأمومة واغتصبوا كفاح النساء واغتصبوا فحولة الرجال، عج المجتمع بكل أشكال التخلف وساد الفقر والجوع في كل البقاع ،نشروا الجهل والبهتان بين طبقات المجتمع حتى صار الإنسان تائها بين دروب الحياة، وضاع بين الزمان والمكان لا يتذكر ماضيه ولا يستهويه حاضره ولا يأمل في مستقبل. فكل معالم المكان تغيرت فصارت خرابا ودمارا ،كل محاسن الجمال شوهت فلا النخيل بقي سامقا شامخا ولا الثمار ظلت عسلية، حتى الطبيعة ذبلت فلا ورود ولا أزهار، اندثرت رائحة العطر الزكي، وغاب عبير الجنان الفواح ، بفعل النفاق والوعود الكاذبة نهبوا خيرات الأرض وكنوزها، فأصبحت جثة بدون روح بعد أن سلبوا حيويتها وعنفوانها، هؤلاء الجبابرة المفسدين وحدهم من يملكون مفاتيح السلب والنهب ويدعون الشرف والحرية والدين وحب الوطن .
( نعم أيها السادة أنتم السبب
ليس سواكم من هب ودب
من يصرخ ، ينتفض ، يعلو
يخرج من ساحة الغضب
لا يعجبكم النور والحق
ولا الصيام في رجب
وضعتم في مناهجكم
أسطورة السكوت من ذهب
نعم أيها السادة أنتم السبب
شوهتم الألواح والصحف والكتب
وضعتم فيها رغباتكم من رقص وطرب
أتعبتم الأجساد وأرهقتم الأجيال ) .
هؤلاء الوحوش نهبوا الحياة وسلبوا الحريات، دبوا وافترسوا الجمال، وأزالوا الأنوار هم من دعاة الظلام، طمسوا العقول وشلوا الإبداع، أنتجوا كتبا وصحفا تمجد أطلالهم الخرافية وديانتهم المزيفة وشرفهم العاري في الحانات والبارات وقاعات اللهو والرقص وتقدس عروشهم الثلجية، زينوا ونمقوا صفحاتهم برقصات بهلوانية وطرب من واحدة ونصف، لا قيمة لمن ينادي فقد يتباهون بشعارهم السرمدي " السكوت من ذهب " فقد كمموا الأفواه ،فكل الثغور تهلل وتنشد موال خيالي لا أثر له على الأرض ويعدوها إنجازات ناجحة في كل الميادين وتقدم ملموس في كل المجالات، أنهكوا الأجساد وأرهقوا الأجيال بحماقتهم وتحركاتهم العشوائية أتعبوا المناضلين بأكاذيبهم .
( فلا عمل حتى في حمل الحطب
جعلتم كل إنسان بريء
من صنع أبي لهب
تلعبون على أوتار الناس
ولا تكفون عن اللعب
في منابر منقوشة محمية
تلقون أجمل الخطب
وحينما تنزلون من المنبر
تلعنون هذا الصخب
نعم أيها السادة أنتم السبب
شكرا لكم
لم يبقى لنا نهر ولا تين
ولا زيتون ولا عنب
فما لنا باقون
لا وجود لنا
باعونا في سوق بلا أدب
نعم أيها السادة شكرا لكم
أنتم السبب ، أنتم السبب ) .
باعوا الأخلاق الفاضلة والمثل العليا، طلوا من فوق المنابر بوعودهم الكاذبة وشعاراتهم المرمرية، يهتفون بخطاباتهم العاجية ، ولكن هيهات بين الواقع والخيال فقد انعدمت شروط الحياة الشريفة لا عمل ولا أدب فالكل يتخبط في البطالة والجهل، حتى الطبيعة لم تسلم من سلبهم ونهبهم فلن تجد الخيرات والنعم من حلاوة العيش ورغد الحياة، فهم السبب في رسم هذه اللوحة المفعمة بالظلام والبكاء والدمار والخراب.
شكرا لقد عرفت ريشتكم وقلمكم وكفاءتكم وأطماعكم، شكرا لقد تكسرت مرآتكم وفضحت صورتكم المزينة بالكذب والبهتان،
هنا الشاعر عصمت شاهين دوسكي في هذه القصيدة يوجه الشكر لهؤلاء المفسدين لأنهم عروا عن حقيقتهم وفضحت ألاعيبهم وبينت صورتهم الدنيئة للجميع، وهذه رسالة يوجهها الشاعر لكل الشرفاء والمناضلين الأحرار أن يتسلحوا بالعزيمة والإرادة القوية لإزالة هذه الجراثيم التي تنهش خلايا الإنسانية السمحاء ،رسالة قوية يوجهها الشاعر لكل من يملك ضمير نقي وقلب طاهر أن يحرر منابر الخطابة من هؤلاء السفلة لتعود الحياة إلى رغدها وتنعم البشرية بجنان الطبيعة وبكنوز الوطن في عالم من العدالة الاجتماعية من عمل وثقافة وتقدم بعد استئصال هذا الورم الخبيث من فكر الإنسان ومن جسد الوطن .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.