أحيت دار الشعر بتطوان احتفالية اليوم العالمي للشعر، في القاعة الكبرى لمركز الفن الحديث بالمدينة، يوم الخميس 21 مارس الجاري، بإشراف وزارة الثقافة والاتصال. وتألق رائد المسرح الفردي الفنان عبد الحق الزروالي في إلقاء قصائد شعرية من ديوانه "نشوة البوح"، ونصوص أخرى أداها ولحنها وغناها أمام الجمهور الذي حضر بكثافة احتفالية اليوم العالمي في تطوان. وانطلق الحفل بإلقاء كلمة منظمة اليونسكو، التي ألقاها فنان مسرحي آخر هو الممثل عبد السلام الصحراوي. كلمة أكدت فيها المديرة العامة لمنظمة اليونسكو أن الشعر يبقى "ّأداة قوية ووسيلة فعالة للحوار والتقارب. فهو تعبير وجداني حميم يفتح أبواب العقول والقلوب للآخرين، ويثري الحوار الحافز لتقدم البشرية، وينسج أواصر المودة والتواصل بين الثقافات". كما ذهبت المديرة العامة للمنظمة الدولية إلى أن الشعر إنما يؤدي دورا مهما في "التصدي للتهميش والظلم، وفي توحيد كلمة الثقافات عن طريق الحث على الحلي بروح التضامن". وتضيف الرسالة أن الشعر وسيلة مهمة لصون لغات كثيرا ما تكون مهددة باالندثار، فضلا عن صون التنوع اللغوي والثقافي، مشيرة إلى أن العالم يحتفل بسنة 2019 سنة دولية للغات والشعوب الأصلية التي تتولى اليونسكو ريادتها، وذلك في سبيل "تأكيد التزام المجتمع الدولي مجددا بمساعدة الشعوب الأصلية على صون ثقافتها ومعارفها وحقوقها". واعتبر مخلص الصغير، مدير دار الشعر بتطوان، أن "الاحتفال باليوم العالمي للشعر هو احتفال كوني ومغربي، أيضا، ما دام المغرب هو الذي رفع رسالة إلى منظمة اليونسكو، منذ 1998، من أجل اعتماد 21 مارس يوما عالميا للشعر، وذلك باقتراح ومبادرة تاريخية من بيت الشعر في المغرب، ومن الوزير الأول آنذاك المجاهد عبد الرحمن اليوسفي". وهو احتفال عربي، أيضا، في ضيافة دار الشعر بتطوان، ما دامت دار الشعر مؤسسة عربية أحدثت ضمن مبادرة حاكم الشارقة المتعلقة بإحداث بيوت للشعر في سائر أقطار الوطن العربي. وفي هذا السياق، يرى مخلص الصغير أن "مبادرة بيوت الشعر قد جعلت من الاحتفال بالشعر شأنا يوميا في مختلف عواصم العشر العربية، بينما يأتي اليوم العالمي للشعر، من أجل إثارة انتباه العالم إلى أهمية الشعر في الحفاظ على روح الثقافات واللغات، وفي الإبقاء على غناها وتنوعها. مثلما يبقى الشعر الحاضن للقيم الإنسانية السامية والضامن لاستمراريتها". وعن احتفالية اليوم العالمي للشعر، أكد الصغير أن احتفالية تطوان حرصت على الجمع بين الشعر والمسرح والموسيقى، وهي الفنون التي ظلت على صلة خلاقة في ما بينها، منذ الشعرية اليونانية كما رسم أصولها أرسطو، وإلى اليوم. وحل الشاعر الجزائري بوزيد حرز الله ضيفا على تطوان في اليوم العالمي للشعر، استهلها بقصيدة يحاور فيها الشاعر المغربي طه عدنان، وهو يردد: كطيف جاء طه حزينا يسائلني وجهد أن ألينا فقلت له تحيرني المرايا لماذا قد مكثت بها سنينا سأخرج عن شرودي وأحلامي لألقاني سجينا وحيدا أمطر الدنيا رياضا تلوح لاحتضان العاشقينا أنا يا صاحبي عمدت قلبي على أسوارها كافا ونونا
ومن قصيدته الأخرى "وحدي" أنشد الشاعر الجزائري: وحدي أجيئك محمولا على ألمي مشتت العمر أسقي خطوتي بدمي لا العشق لا الكأس لا ليلى تبادلني سر الغياب ولا حبري ولا قلمي وحدي وخلفي دروب الشعر عارية من شمسها وتمادت في دنا الظلم
يا أيها المتنبي دلني فأنا نحت مثلك أشعاري من الحمم إني عهدتك وضاحا إذا لغة تعثرت بين نون البين والندم أكاد ألمس حزني حين تحملني هذي الحروف على إيقاعها الشبم ألفني برداء الصمت محترقا في ظل معنى وجود قاد للعدم وبلغة رومانسية جديدة ملؤها الحنين، ألقت الشاعرة ريحانة بشير نصوصا تفيض من الدمع والإحساس الشعري الخلاق، وهي تقول: يوم ركبنا السفينة بجهد غامض/ كانت رؤوسنا ممتلئة أدراجا ووصايا ووجوها ومتاهات./ كان الفجر النديّ الرقيق ينظر إلينا،/ ماذا سنفعل بالضياء؟/ بعض النوارس تحدق إلى الخط الرائع للاّنهائي./ بلطف اكتشفنا أن الموت/ مشاركة لذيذة بيننا وبين الموت/ يجري مطاردا سعيدلا يهتم، كما نجري ولا نهتم". وعلى إيقاع الروائع الموسيقية العربة والأندلسية الخالدة للثلاثي زرياب، اختتم الشاعر المغربي حسن مرصو احتفالية اليوم العالمي للشعر، وهو ينشد: تائها في سماوات حزني/ أقول لهذا الصباح انطلقْ في مدايَ/ فيجثو على تلّة الروح ليل طويلْ/ أيها الواقفون على سحبي أقول لهذا الحفيف الخريفي لن تُسقطوا ورقي من سواي/ أقول لهذا البكاء الشتائي لن تَخرجوا من بدايات هذا السحابْ/ أيها السابحون على غرقي أعيدوا إلي ضفافي/ إن البحار التي أدخلتكم هوايَ/ ستُدخِلكم حِممي/ أيها السابحون عِدوني بأن الأكفّ التي لم تصافح يداي ستبكي عليَّ/ وأن البلاد التي لم أُعرْها خطايَ ستأتي إليَّ عدوني بأن الشجرْ/ سيظللني من فراغ الطريقْ/ أيها العابرون على سفني السائحون على لوعتي/ إذا مالت الشمس هل نكتفي بالظلالْ/ إذا نامت الأرض هل نحتمي بالسوادْ/ إذا خَرِبَ العمْر من يشتهي أن يعَمِّر هذا الخرابْ.