أجَّج تزامُن الاقتطاع الرابع والأخير من أجور موظفي القطاع العام، الذي أقرّته الحكومة السابقة، كعنصر من عناصر ما يسمى" باصلاح " الصندوق المغربي للتقاعد، مع إعلان بنكيران أنَّ الملك محمدا السادس متّعه بمعاش استثنائي، غضب الموظفين، لكون بنكيران هو "مهندس" إصلاح الصندوق المغربي للتقاعد، عندما كان رئيسا للحكومة في الولاية الحكومية السابقة. الاقتطاع من أجور الموظفين كان من بين الإجراءات التي اتخذتها الحكومة السابقة لإنقاذ الصندوق المغربي للتقاعد الذي لا دخل للموظف في افلاسه ؛ وتمّ أوّل اقتطاع سنة 2016، بلغتْ نسبته 11 في المائة، ثم ارتفع الاقتطاع إلى 12 في المائة، سنة 2017، ثم إلى 13 في المائة سنة 2018، وينتظر الموظفون أن تُقتطع 14 في المائة من أجورهم نهاية الشهر الجاري. وانبرى عدد من موظفي القطاع العام لتوجيه انتقادات لاذعة إلى عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة السابق، مُستنكرين عليه الاستفادة من مَعاش استثنائي بقيمة تسعة ملايين سنتيم في الشهر، دون أنْ يكون مساهما إبّان مسؤوليته الحكومية بأيّ درهم في أي صندوق من صناديق التقاعد؛ في حين أنه هو من أقرّ اقتطاع نسبة مهمة من أجور الموظفين لإصلاح الصندوق المغربي للتقاعد. واستبق عدد من موظفي القطاع العام الاقتطاع الرابع من أجورهم بالتعبير عن الغضب من السياسة التي نهجتْها الحكومة "لإصلاح" الصندوق المغربي للتقاعد، معتبرين أنَّ الحكومة كان عليها أنْ تبحث عن "ناهبي" الصندوق"، وأنّ "الاقتطاع من أجورهم الهزيلة أصلا هو ضرْب للطبقة المتوسطة". عزيز، موظف بالقطاع العام، عبّر عن غضبه من الاقتطاع من أجور الموظفين بالقول: "شْفرو الشفارة صندوق التقاعد ونعمروه حنا وجوه الزلط". وأردف الموظف ذاته، منتقدا رئيس الحكومة السابق: "سي بنكيران إلى ما كافياك ديك 9 دلمليون لشهر، زيد اقتطاع خامس أو سادس". وفي الوقت الذي تقول الحكومة إنَّ إصلاح الصندوق المغربي للتقاعد أضحى إجراء لا مفرَّ منه، في ظل الأزمة الخانقة التي يتخبط فيها، والتي تهدد بعجزه عن صرْف معاشات الموظفين، يقول الموظفون المعنيون بالاقتطاع: "إنَّ الحكومة لجأت إلى الاقتطاع من أجورهم، باعتبارهم الحلقة الأضعف، بدل أن تلجأ إلى محاسبة ناهبي أموال الصندوق". ويصف عزيز، في تصريح لهسبريس، الاقتطاع من أجور الموظفين ورفع سنّ التقاعد إلى 64 سنة ب"الإجراءات الظالمة في حق الموظفين"، مضيفا: "الحكومة تستهتر بالموظفين، ولمْ تكلف نفسَها عناء إطلاعنا على الوضعية الحقيقية للصندوق المغربي للتقاعد، وأين وكيفَ تُستثمر أمواله؟". وبينما استندت حكومة بنكيران إلى تعليل أنَّ الصندوق المغربي للتقاعد يوشك على الإفلاس، لتطبيق خطة إصلاحه التي أثارت رفضا واسعا من لدن النقابات، يُبدي عزيز عدم اقتناعه بهذا التعليل، قائلا: "لو افترضنا أن ما تقوله الحكومة صحيح، فيجب إطلاع المنخرطين على مصير الأرباح التي تجنيها من استثمارات أموال الصندوق، ولماذا لم تسدّد ما عليها لفائدته". في المقابل، حمّلت الحكومة الحالية مسؤولية رفع نسبة الاقتطاع من أجور الموظفين في الشطر الرابع، الذي سيُخصم نهاية هذا الشهر، من 13 إلى 14 في المائة، للنقابات، إذ قال الناطق الرسمي باسم الحكومة، في مؤتمر صحافي نهاية شهر دجنبر الماضي، إنّ الحكومة اقترحت على النقابات أن تتحمّل أداء تلك النقطة المتبقية لجميع الموظفين؛ لكنّ النقابات رفضت، على حد تعبيره. واعتبر مصطفى الخلفي أنَّ إجراءات إصلاح الصندوق المغربي للتقاعد "لم تكن سهلة، لأن لها تداعيات على المواطنين، خاصة الفئات الهشة، ولكن تمكنا بفضلها من إنقاذ الصندوق"؛ غير أنّ الموظفين لم يتفهموا كيف يتمّ اللجوء إلى إصلاح نظام التقاعد الخاص بهم، بخصم 14 في المائة من أجورهم؛ في حين أنَّ بنكيران، الذي هندس لهذا الإصلاح، يستفيد من معاش سمين بقيمة تسعة ملايين سنتيم، لم يُقتطع لقاءَه من أجره حين كان رئيسا للحكومة، ولو درهم واحد.