بداية سنة جديدة ليست دائماً مناسبة جيدة، على الأقل بالنسبة للموظفين العموميين بالمغرب، فأجورهم عرفت اقتطاعاً جديداً ابتداءً من الشهر الجاري سينهك جيوبهم وقدرتهم الشرائية، وهو الاقتطاع الجديد الثالث من نوعه في إطار قانون إصلاح أنظمة التقاعد.br /وبموجب القانون رقم 71.14 الذي اعتمدته حكومة عبد الإله بنكيران صيف عام 2016، فالاقتطاعات سترتفع بنسبة 4 في المائة، بمعدل نقطة واحدة كل سنة، لتصل سنة 2019 إلى 14 في المائة من عناصر الأجرة، كما يقر القانون نفسه بالرفع التدريجي لسن الإحالة على التقاعد بستة أشهر كل سنة، عوض سنة، ليكون سن التقاعد بذلك هو 63 سنة، ابتداءً من سنة 2024.br /وخلال الشهر الجاري، تم اقتطاع ما نسبته 13 في المائة من أجرة موظفي الدولة، ضمن الخطة التي أقرتها الحكومة السابقة لإصلاح الصندوق المغربي للتقاعد بعد الأزمة التي عرفها في السنوات الأخيرة وأصبحت على إثرها معاشات المدنيين مهددة.br /وقال رشيد البوكوري، موظف عمومي عضو التنسيقية الوطنية لإسقاط خطة التقاعد، إن هذه الاقتطاعات "ستمثل ما بين 400 و500 درهم في المجموع بعد وصولها إلى نسبة 14 في المائة سنة 2019، بعدما كانت 10 في المائة في السابق".br /ويرى البوكوري، في حديث للجريدة، أن هذه الاقتطاعات سيكون لها تأثير على جيوب الطبقة المتوسطة، وقال: "يتزامن الاقتطاع الثالث الجديد مع قانون المالية الجديد الذي تضمن قرارات ستنتج عنها زيادات في الأسعار".br /ووصف البوكوري هذا الأمر "بالتناسب العكسي" المتمثل في تقزيم الأجور وغلاء الأسعار، معتبراً أن العملية "التي أقرتها حكومة بنكيران بعدما كانت في السابق طابو ستنهك القدرة الشرائية للمواطنين".br /ولا يستبعد البوكوري لجوء الحكومات مستقبلاً إلى "مخططات" قال إنها ستستهدف القطاع العام، وأشار في هذا الصدد إلى حديث سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، مؤخراً في البرلمان، عن التوجه إلى تقليص كتلة الأجور.br /وقال المتحدث إن المجلس الأعلى للحسابات أعطى الضوء الأخضر في تقريره الأخير حول الوظيفة العمومية لإمكانية رفع سن التقاعد إلى 67 سنة مستقبلاً، "على الرغم من أن الموظفين ليسوا مسؤولين على عجز احتياطات الصندوق المغربي للتقاعد"، على حد تعبيره.br /وأضاف أنه في "ظل صمت النقابات وغياب رد فعل الموظفين العموميين لا يمكن إلا نتشاءم من مستقبل الوظيفة العمومية بالمغرب"، ملقياً باللوم على الجسم النقابي الذي لم ينجح في صد هذا القانون.br /واعتبر البوكوري أن "الزيادة التي استفادت منها الشغيلة إبان حركة 20 فبراير سنة 2011، المتمثلة في 600 درهم في الأجور، أصبحت اليوم في مهب الريح بالاقتطاعات الجديدة وإقرار نظام التوظيف بالتعاقد".br /ولا يتخوف الموظفون العموميون من الاقتطاعات الجديدة فقط، بل يتوجسون أيضاً من مشروع قانون تنظيم الحق في الإضراب، الذي اعتبروه "سيكبل حق الإضراب، وسيكون الضربة القاضية للفعل النقابي بالمغرب".br /ويبلغ عدد الموظفين بالقطاع العام بالمغرب حوالي 700 ألف، من بينهم 583 ألفا و71 من الموظفين المدنيين، إضافة إلى 147.637 موظفاً بالجماعات الترابية، و129.545 بالمؤسسات العمومية، وتصل كتلة أجورهم حوالي 120 مليار درهم سنوياً.br /وأوصى المجلس الأعلى للحسابات، في تقرير أصدره مؤخرا، الحكومة إلى ضرورة التحكم في كتلة أجور الموظفين العموميين، بتخفيض وتيرة التوظيفات إلى حد مقبول، واللجوء إلى إعادة الانتشار قصد معالجة اختلالات توزيع الموظفين