تأسست بمدينة تطوان "مؤسسة الصفار للثقافة والتنمية والتراث" وهي تحمل إسم هذه الأسرة التطوانية الأندلسية العريقة التي تجاوز عطاؤها قرونا، وتعدد فيها الأعلام. واجتمعت فيها رواسب عدة أسر أعطت الشيء الكثير سواء بالمغرب أو الأندلس في ميدان العلم والسياسة والدبلوماسية والثقافة والدين والأدب والفن... حتى أصبحت خزانة الوجيه الحاج عبد السلام الصفار بتطوان الذي حافظ على موروث العائلة، تزخر بالوثائق القيمة المتوارثة من مخطوطات ووثائق خاصة وأعداد من المجلات والجرائد والكتب القيمة والصور والتسجيلات ... كما تعد دار الصفار بزنقة الصفار بالمدينة العتيقة لتطوان، نموذجا للبيت التطواني الأندلسي العريق ومتحفا يعج بالقطع النادرة والتحف التي تحمل كل واحدة منها تاريخا حتى استحقت لقب منزل ألف تحفة وتحفة.
فبين موروثات أعلام أسرة الصفار على رأسهم عالم الفلك الأندلسي الشهير ابن الصفار صاحب مخطوط الاسطرلاب الأندلسي، وقاضي قضاة قرطبة يونس بن عبد الله بن مغيث بن الصفار، والعلامة الوزير الصدر الأعظم للمغرب خلال القرن 18 وأستاذ الأمراء أبو عبد الله محمد الصفار التطواني الأندلسي الجياني صاحب الرحلة الصفارية إلى فرنسا التي كانت أول مهمة استخباراتية ودبلوماسية مغربية بفرنسا، والدبلوماسيين المحنكين المشاركين في تمثيل المغرب بمفاوضات الجزيرة الخضراء سنة 1906 السيد محمد الصفار والسيد عبد الكريم الصفار، ورائد الحركة الوطنية بشمال المغرب والرئيس الشرفي لجل تنظيمات الشمال الفقيه محمد بن محمد الصفار والنبيل الوطني المجاهد الحاج محمد بن الفقيه محمد الصفار الذي عمل كثيرا في المجال الخيري والوطني والفنان الأديب محمد بن الحاج محمد الصفار صاحب جماعة الصفار بتطوان التي كانت منارة ثقافية وفنية وسياسية، والوجيه الأستاذ الحاج عبد السلام الصفار مربي الأجيال ومدير مدرسة الفضيلة الحرة وعضو حزب الإصلاح الوطني والحركة الوطنية الذي واصل الدرب وما يزال صامدا... وكذا موروثات أعلام آخرين ربطتهم صلة القرابة والثقة بأسرة الصفار، منهم الباشادور السفير المتجول والتاجر الشهير الحاج عبد الكريم الحميدي الملقب ب بريشة صهر الفقيه محمد الصفار، الذي خلف وثائق دبلوماسية هامة وقطعا نادرة، ثم الدبلوماسي الكبير والوجيه أحمد مدينة الذي فاوض ألمانيا في صفقة المدافع الشهيرة بتاريخ المغرب، ووصي زاوية سيدي بلفقيه بتطوان، وهو والد الوجيهة الذاكرة الحاجة فطومة مدينة والدة الحاج عبد السلام الصفار إحدى سيدات المجتمع التطواني إلى جانب أختها الحاجة أمينة زوجة الوجيه عبد الواحد بريشة، اللذين آلت إليهما قطع نادرة خاصة بعض الآلات الموسيقية التي تعود للولي الصالح سيدي عبد السلام بن ريسون منها البيانو الشهير، كما تتوفر أسرة الصفار على مقتنيات كثيرة تخص هذا الولي الشهير.
قررت على إثر ذلك أسرة الصفار أن تكمل مسيرة المحافظة على هذا الموروث والعمل على إخراجه وتحقيقه بمساع من الحفيدة الكبرى للوجيه الحاج عبد السلام الصفار الأستاذة والباحثة منية عمر الصفار التي شغلت منصب الرئيس التنفيذي للمؤسسة بمساعدة وتوجيهات الأسرة والمقربين، وتحت الرئاسة الشرفية لجدها عبد السلام الصفار. لتكون بذلك الأسرة قد أكدت على الاستمرارية المعهودة فيها، وفق رؤية تنبني ليس فقط على المحافظة على التراث وعرضه ولكن اتباع طريق السلف في العلم والعمل وخدمة الجيل الجديد خاصة في شق البحث العلمي، وستتخذ المؤسسة من دار الفقيه محمد بن محمد الصفار بتطوان مقرا لها، وهي إحدى دور أسرة الصفار التي حافظت على طابعها وانتمائها بوصية من صاحبها الراحل.