صدق او لا تصدق ، هذه هي القصة الغريبة التي حكاها لي أحد الاصدقاء بحي تجزئة النهضة بقرية دار بنقريش ، حيث أسر إلي في بعض المناسبات أنه بين فترة و أخرى يتراآى له و لبعض أصدقائه نازلا من الأرض المسماة ب "غرسة الأستاذ " بالمنطقة الفلاحية المجاورة لتجزئة النهضة كائنا ليس آدميا و لا هو ذو طبيعة إنسية يحمل على عاتقه حقيبة أو زعبولة متوسطة الحجم ، و أنه في بعض الاحيان يتبدى جالسا فوق احدى المروج الموجودة بالقرب من التجزئة . و هذا الخبر الذي سمعته من هذا الصديق يعد من أغرب ما سمعته لحد الساعة عن تجزئة النهضة و الاراضي الفلاحية المحيطة بها . و بقدر ما أثار دهشتي ، فهو أيضا أثار لدي الكثير من الفضول للتعرف على تفاصيل هذه الحكاية التي تعد بدون شك ضربا من نسج الاسطورة و الخيال في نظري ، لأني و الحالة هذه كم مرة أقمت و مررت من هناك و احيانا في ساعات متأخرة جدا من الليل و لم يسبق لي أن رأيت مثل ذلك ، اللهم إلا القطط و الكلاب و أنواع الضفادع و الحشرات الليلية و بعض الشباب المتجولين أو السامرين الذين يأتون للفسحة ليلا في التجزئة عند ما يشتد الحر في فصل الصيف .. غير أن صديقي يقسم بأنه قد رآه في احدى ليالي الشتاء القارصة و الشديدة البرد ، و أنه تراآى له أيضا خلال ليلة مقمرة من ليالي الصيف و في أيام متفرقة ، و كأن صورته ميالة الى هيأة البقر في النصف الاسفل من جسده .. و وجهه تعلوه مسحة سوداء و على رأسه رداء من الخوص و العزف ، فتعجبت لإصرار صديقي و بشدة إيمانه بما رأى ، و قلت في نفسي لعله قد رآه حقا ، و لما لا ؟ و القرآن الكريم حدثنا عن الانس و الجن كمخلوقات تسكن هذا الكوكب الارضي ، و خاطبهما بقوله جل و علا: (( يا معشر الجن و الانس إن استطعتم أن تنفذوا من اقطار السموات و الارض فانفذوا لا تنفذون الا بسلطان )) سورة الرحمن الآية 33 . فقلت لصديقي طيب ، لو افترضنا جدلا أنك قد رأيته ، و هذا أمر ممكن . فالذي لم أفهمه هو تلك الزعبولة التي قلت إنه يحملها على عاتقه !! فما شأنها ؟ و لماذا يحملها كما قلت ؟ و هل الجن في حاجة الى حمل زعبولة على عاتقهم عند منتصف الليل ؟ . عندها انفجر من شدة الضحك منتشيا و عيناه توشيان بحالة من الاستغراب و التعجب ردا على اسئلتي بخصوص حقيبة او زعبولة العفريت .. فقلت مستفهما : و ما الذي أضحكك يا صديقي ؟ هل هي الأسئلة التي أضحكتك ؟ فقال : أجل ، إنها طبيعة الأسئلة ، و التي تبدو في دقتها و حرصها كأسئلة محقق . ثم أردف قائلا : إنه بالرغم من معرفتي الهزيلة بعالم الجن و العفاريت ، و أنني لا أعرف سر هذه الزعبولة على وجه التدقيق ؟ إلا أنه يحتمل أن يكون في الأمر سر ، و إلا لماذا كلما رأيت صاحبنا العفريت أو رآه غيري إلا و رئيت معه تلك الزعبولة ، لا شك كما قلت أن في الامر سر و رددها ثلاث مرات لأهمية المسألة .. يتبع ...