اسمه الحقيقي هو ندير خياط، من مواليد تطوان، وهو اليوم نجم مغربي لامع في سماء الموسيقى العالمية، ويعد أول مغربي يفلح في الظهر في 2010ب"الغرامي أواردز" أكبر الجوائز الموسيقية الأمريكية، كما أنه مرشح للفوز في نسخة 2011، أنتج ولحن للعديد من الفنانين العالميين مثل "الليدي غاغا" و"شاكيرا" بل وسبق له العمل حتى مع مايكل جاكسون وقتا قصيرا قبل وفاته. تحضر إلى المغرب بدعوة من "جمعية مغرب الثقافات" لتأطير شباب "جيل موازين" المشاركين في دورته السادسة، والذين وعدتهم بأن تسجل للحاصل على المرتبة الأولى "ديو" مع نجم عالمي كبير. حدثنا عن هذه البادرة؟ مساهمتي في الدورة السادسة لمسابقة "جيل موازين" في دورته السادسة. تأتي في إطار دعوة وجهتها لي "جمعية مغرب الثقافات" كما قلتم، فاستجبت في الحال لهذه الدعوة، التي كان منطلقها أن نساهم في تبديد الضباب أمام الشباب الذي لو وجدت من يزيحه من أمامي وأنا ابن ال19 من العمر لما كنت سافرت فأنا مسرور أن أكون في ضيافتهم أستعيد معهم تجربتي، وأكشف لهم أن التجربة علمتني كما يقول صناعنا التقليديون للمتعلمين:"الصنعة أولا والرزق يجي من بعد"، بمعنى ضبط آليات العمل من اللحن إلى الأداء والتوزيع والتسويق المادي. وهو ما يستدعي الاستمرار في المحاولة تلو المحاولة. سأرافق المتبارين بالتوجيه والنقاش لأجل إثراء تجاربهم وفي نهاية مشوار التباري، سينال الفائز كجائزة أغنية سأشرف على تلحينها لكي يقدمها صحبة نجم كبير يجعله في مرتبة عالية، وبذلك أكون قد قصرت عليه المسافات وجعلته من خلال هذه المساهمة إلى جانب الجمعية على سكة العطاء. ألا تعد هذه مناسبة للتفكير، أيضا، في الاستثمار بالمغرب؟ نعم ، الفكرة قائمة، وأفكر في إقامة أستوديو بمواصفات عالمية، يشكل لبنة من اللبنات الأساسية لمغربنا الحبيب والتي يعطيها الملك أهمية خاصة، كالمسرح الكبير والمعهد العالي للموسيقى والرقص بالرباط، ويبقى على الحكومة أن تسند هذه المشاريع بتطوير الترسانة القانونية للملكية الفكرية، لكي يستطيع الفنانون أن يعيشوا من الفن. يقترن نجاحك بالليدي غاغا، كيف تفسرون هذا الأمر؟ تجربتي مع الليدي غاغا، كانت عنوان مرحلة في تاريخي الفني، حطت في الوقت المناسب داهمت أحلامي، لأني في تلك الفترة، لم أكن أتوجه إلى الموسيقى بتوقعات وأنماط سابقة، أو أشكال سائدة، بل كنت حينها أسعى لصياغة أسئلة جديدة وطارئة لعلاقة الفن بالإنسان وبالحياة خاصة وأن الموسيقى حينذاك كانت قد وصلت من الناحية الإبداعية إلى الباب المسدود، ليس على صعيد الولاياتالمتحدةالأمريكية لوحدها، بل على الصعيد العالمي وكانت الليدي غاغا ملهمتي في امتحان القريحة، بأفكارها الفنية، وبما وجدت فيها من دفق وحضور على مستوى الأداء الصوتي، والعزف المميز للبيانو والقيثارة، وحركات جسدها الطري وهي ترقص فوق الخشبة وأمام الجمهور والكاميرا، جمعت في أدائها ملامح كل النجوم الذين طبعوا عصر الأغنية الحديثة في الغرب، مستمدة منهم إلهامها الفني كفناني الروك مثل كوين، أو فناني البوب مثل مادونا ومايكل جاكسون هذا إضافة على اعتنائها البالغ بالأزياء أثناء تقديم أغانيها المصورة. لكن ما سر هذا النجاح؟ الجديد الذي قدمته مع الليدي وخلق تحولا في مسار الأغنية، بل في تاريخ الفن هو أنني استعدت الميلوديا، وقطعت مع التصورات السائدة التي كانت تكتفي بتكرار نفس المقطع الموسيقي وبالتالي تصبح ديناميكيته قائمة على الرتابة، هذه الحساسية حملتها من التربة المغربية التي نشأت فيها، وانفتحت على أجوائها الغنية بالإيقاعات الإفريقية والأندلسية، الأمازيغية والصحراوية، أي من طرب الآلة على الملحون والجبلي والكناوي الكدري والعيطة إلى العلاوي وغيرها، هذا فضلا عن انفتاحنا نحن المغاربة على الموسيقى العالمية وحفظنا للأغاني الجميلة دون أن نكون بالضرورة على معرفة بمضامينها ولغتها، وبالتالي لم أكن لأرتاح ضمن نمط موسيقى واحد، إذ بقيت منفتحا على كل الأساليب والأنماط وهو ما هيأ لي التربة بأن أفتح بابا جديدا أمام الأغنية الإلكترونية وأغنية "الراب" و"الدانس موزيك"، وهو ما عبر لي عنه الفنان والمنتج العالمي، ديفيد كايطا بقوله لي :"نحن ممتنون لك، لقد أعيطتنا انطلاقة جديدة، وفتحت لنا أفقا للإبداع". الأغنية ما أن انطلقت بإحدى الإذاعات الأمريكية حتى بات الطلب عليها كبيرا مع أن الإذاعة كانت مترددة وخائفة من عدم قبولها من طرف المستمعين ، وبعد فترة قصيرة ستعرف صدى كبيرا على المستوى الدولي، لما ميز نفس إيقاعاتها بالعلو وكذا أسلوبها المرح، وسهولة التقاط وحفظ كل أو بعض من مقاطعها من طرف المستمع وبقائها عالقة في ذاكرته ووجدانه. حين خرجت من المغرب نحو أوربا، هل كان في نيتك التوجه نحو الاحتراف الفني، وكنت في نفس الآن تتصور أن الطريق سيكون أمامك سالكا؟ نعم، كان الهدف منذ البداية، حين قررت الهجرة إلى اسطوكهولم ، الدخول إلى عالم الاحتراف الفني وكنت أظن أن طريقي سيكون سهلا، لكنني وجدته مليئا بالصعوبات غير أن عزيمتي كانت قوية وأصررت على الكفاح ولم تكن النتائج بحجم هذا الصمود إذ كان مطلوبا مني تأمين لقمة العيش، وفي نفس الآن السير في طريق مليئة بالتحديات. أنشأت فرقة موسيقية تسمى "فيب كولتر" ، كنت ضمنها عازفا على القيثارة لم تستطع تحقيق النجاح المطلوب فاخترت الإنتاج الموسيقي والسير لوحدي في هذا المشوار، لكوني كنت اعرف هذه المهنة، وتعاملت مع فنانين مختلفين من حيث الأساليب وتعاطيت معهم على هذا الأساس. بدأت أعرف نسبيا بعض النجاح، خاصة في سنة 1996، فشكل لي حافزا لكي أراكم هذا التطور، بفضل مجموعة من الأغاني التي عرفت نجاحا قويا بالسويد، والتي توالت منذ تلك المدة، وخاصة ما بين 1998و 2000 وفي سنة 2005 سيبتسم لي الحظ بعد أن سلطت علي نسبيا بعض الأضواء، وخلال هذه الفترة سأوقع عقدا مع القسم الفني والموسيقى التابع للفيدرالية الدولة لكرة القدم"الفيفا" لأجل تقديم أغنية مونديال 2006 بألمانيا ، التي سيسند أداؤها للفنانة العالمية شاكيرا، وكان هذا أول تعامل لي مع نجم من هذا العيار، ونقطة انطلاق نحو تحد جديد سيقودني نحو أمريكا. إذن يمكن اعتبار سنة 2005 انطلاقة جديدة في حياتك الفنية، فما هي الأعمال التي طبعت هذه المرحلة؟ سنة 2005 شكلت محطة جديدة لانطلاقتي الفنية، لكوني سأحظى بالاعتراف بكفاءتي وتميزي الغنائي، وكانت البداية مع أغنية "داران" (تيب أب) التي صنفت في المرتبة الأولى بالسويد وبعدها مع الأغاني الكندية "أتمنى" و"ليتل ماما" التي سجلت من قبل المرشح لجوائر "جينو أوارادس" كارل هنري. هل ساهم التكوين في نجاحك، وهل كان من الممكن أن تحقق ذاتك بالمغرب لو لم تهاجر؟ التكوين كان تكوينا ذاتيا، طعمته بالقراءة الذاتية والاحتكاك إضافة إلى الموهبة التي انفتحت على جو اسري دافئ ومحب للفن والغناء، فكل إخوتي كانوا عازفين مهرة على آلة القيثارة ولم يحترف منهم أحد سواي. في تطوان، وفي المغرب عامة، لم يكن هناك اهتمام بالمواهب الشابة كما هو الآن، في بداية التسعينات كان الأفق مسدودا بالنسبة للشباب مثلي على مستوى الإنتاج، والراديو والتلفزيون، كما أن الاعتماد على الموسيقى كمصدر عيش هو من الاستحالة بمكان، بخلاف أوربا التي يعتبر فيها الفن الموسيقي صناعة وتجارة تدر أرباحا طائلة. لا شك أن هجرتك نحو أمريكا سيحالفها النجاح والدليل هو حصولك بداية هذه السنة على جوائز "غرامي أوردز" وأنت الآن مرشح لست أو خمس جوائز في الدورة المقبلة، ما الصدى الذي خلفه هذا التتويج والترشيح في الصحافة الأمريكية والسويدية؟ نعم، خلال السنة الماضية، حصلت على جائزتي غرامي بالولاياتالمتحدة واثنتين آخرين بالسويد، وهما أحسن منتج وأحسن مصدر موسيقي عالمي، وخلال هذه السنة أنا مرشح لخمس أو ست جوائز لم أعد أذكر العدد ضمنها أحسن منتج عالني. الفوز والترشح مجددا لجوائز غرامي جعلني أخلق الحدث وأثير انتباه الصحافة العالمية، التي تحدثت كثيرا عن مساري الفني وأحلامي الجميلة، وأعمالي التي حالفها النجاح كألبومي صحبة الليدي غاغا، الذي صنف كأحسن ألبوم، وأغنية "اردوورد" باعتبارها أحسن أغنية، وهي بالمناسبة أغنية قديمة، طالبني بإعادة توزيعها كل من كوينسي جونس، واليونيل رينشي، كنا قدمناها في مجموعة من الحفلات الخيرية داخل أمريكا وخارجها كدعم لسكان هايتي بعد الكارثة الطبيعية التي تعرضوا لها. جمعت بين التلحين والإنتاج في هذا السياق، ما هي أهم الأسماء التي تعاملت معها إلى حدود هذه الفترة؟ لقد كان لي الشرف في التعامل مع كبار الفنانين والمنتجين، ففي سنة 2007 بدأت في التلحين والإنتاج لفائدة "نيوكيدس اون دوبلوك" ميكا، أكون، ستيل بيل، براندي، اينريك ايغلاسياس، ليونيل ريتشي، ذوشيتش غورلس، مينودو، فارسيتي فان كلوب، روبين ، تامي شين، وآربيدي. بالإضافة إلى مراجعي في الإنتاج، قمت بالتلحين لفائدة دارين، باكستريت بوي، كريستينا ميليان، 3 الدابل يو، اتيينس، وتيفاتي ايفانس، وتعاونت مع كتاب وملحنين ومنتجين من قبيل غوردن شامبرز، كيلي مينوغ، تورين بيل، ماري براون، ديسموند شايد، أكون، ذوكلوتش، بلال حجي، ليتل بوتس، نيكسي لوت، شان كينستون، سوغاباس، سينما بيزار، ليدي غاغا، نيكول شيرزينغر، ملين فارمر، الكسندر بورك، شاين وارد، وليندسي لوهان. ألم يكتب لك أن تتعامل مع الراحل مايكل جاكسون؟ اشتغلت مع مايكل، قبل وفاته، في أعمال لم نكن قد انتهينا منها، وبوفاته توقف المشروع كان صديقا رائعا، أحب المغرب كثيرا وأعجب به، وكان يعتزم أن يجدد الزيارة وأن أستضيفه في بيت العائلة بتطوان ووفاته خلفت حزنا عميقا في قلبي. عبد الواحد المهتاني